استعدادات خجولة لتحرير الأنبار... ولا تحرّك لتحرير الرمادي

ويبدو أن انطلاق معركة تحرير الرمادي من قبضة داعش تأخذ موقفا ضبابياً وغير واضح، وتبين أن هناك صفقات وحسابات دولية تشترك في انطلاقها الولايات المتحدة زعيمة التحالف الدولي وإيران

استعدادات خجولة لتحرير الأنبار... ولا تحرّك لتحرير الرمادي

داعش في الأنبار

يبدو أن الاستعدادات العسكرية الخجولة لتحرير الأنبار من داعش، فضلًا عن التقاعس الملحوظ في أداء التحالف الدولي في استهداف مواقع التنظيم المهمة وإيقاف إمداداته التي تصله من داخل العمق السوري، هي مؤشرات واضحة تبين أن الآمال الكبيرة لمئات الآلاف من أبناء المحافظة القاطنين في إقليم كردستان بالعودة الى محافظتهم ستطول إلى فترة غير محدودة .

واستقبل الإقليم الآلاف تلو الآلاف من سكان المحافظات الساخنة والتي تشهد حربا أكثر عنفاً ودموية بين تنظيم داعش، الذي لا يضع أي اعتبار لأية قيم إنسانية أو دينية وبين الجيش العراقي المسنود من الحشد الشعبي وأبناء العشائر بهدف استرجاع ما فقد بين ليلة وضحاها من أراض ومدن يقف الجميع حائرا إزاء الطريقة التي ضاعت بها.

وبينما سيطر تنظيم داعش منذ أسبوعين، على مدينة الرمادي نتيجة الانسحاب غير المبرر من قبل القوات العسكرية لفشلها في صد هجمات التنظيم، وهذا ما بررته القيادات العسكرية على أنه انسحاب تكتيكي، أعلن القائد العام للقوات المسلحة العراقية، حيدر العبادي، عشية سيطرة التنظيم على عاصمة الأنبار عن بدء الاستعدادات لمعركة كبيرة لتحرير جميع مناطق الأنبار من الإرهابيين المتطرفين.

ويبدو أن انطلاق معركة تحرير الرمادي من قبضة داعش تأخذ موقفا ضبابياً وغير واضح، وتبين أن هناك صفقات وحسابات دولية تشترك في انطلاقها الولايات المتحدة زعيمة التحالف الدولي، وإيران التي أصبحت لها اليد الطولى في الشأن العراقي وصاحبة القرارات في الشأن السياسي للبلاد.

ويخرج مسؤولو حكومة الأنبار المحلية، ويؤكدون أن أي استعدادات لاسترجاع الرمادي غير موجودة، وهي مجرد تصريحات إعلامية فارغة، وتارة أخرى يدلي المسؤولون في الحكومة وعلى رأسهم رئيس الحكومة، حيدر العبادي بتصريحات يؤكدون فيها أن المعركة قريبة وستبدأ طالما تنتهي جميع الاستعدادات العسكرية واللوجستية.

وأكدت مصادر عسكرية ميدانية أن تنظيم داعش نفذ هجومه على الرمادي من خلال زجه بحوالي 100 عنصر إرهابي نجحوا في إحكام سيطرتهم على جميع مفاصل المدينة، فيما أكدت المصادر ذاتها أن الجيش العراقي لم يكن يرغب في مواجهة تلك الهجمات نتيجة معنوياته المنهارة بعد خسارته معارك حاسمة سابقة ضد الإرهابيين.

واتهمت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) 'الجيش العراقي بترك كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر حين انسحب من مدينة الرمادي'.

وأضافت أن انسحاب الجيش من الرمادي هو مشابه لانسحابه من مدينة الموصل في العاشر من يونيو/حزيران من العام الماضي .

وبحسب بيان للبنتاجون فإن الجيش العراقي خلّف وراءه خلال انسحابه من الرمادي ست دبابات معظمها صالحة للاستخدام، وعدداً مماثلاً من المدافع الثقيلة، إلى جانب عشرات ناقلات الجند، وما يقارب المئة عربة 'هامفي' مدرعة، والأخطر من ذلك كميات غير معروفة من الذخائر المتوسطة والثقيلة.

وتبقى آمال مئات الآلاف من العوائل التي تركت ديارها مكرهة من مناطق الأنبار معلقة لحين انطلاق العملية الكبرى علها تنجح بتحرير مناطقهم وطرد التنظيمات الإرهابية التي باتت تسيطر عليها منذ عام ونصف العام.

الجميع ينتظر أن تسفر المعارك المزمعة عن تحرير الارض وعودة النازحين الى مدنهم وديارهم معززين مكرمين، إلّا أن الأمر يبدو لنازحي الأنبار أن ذهابهم إلى إقليم كردستان قد يطول ويطول ولا أمل قريب بعودتهم.

ويفضّل المسؤولون في الحكومة المركزية، وخاصة المنضوين بنفس كتلة رئيس الحكومة والتحالف الوطني توجه نازحي الأنبار إلى مناطق الإقليم، دون بقائهم في العاصمة الاتحادية نتيجة الظروف الامنية المتدهورة التي تشهدها بغداد، فيما يؤكدون بأن الإقليم أكثر أمنًا واستقرارًا، وهو قادر بمناطقه الواسعة على استيعاب الأرقام الهائلة من النازحين.

وعلى صلة، قال مساعد مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان، ديندار زيباري، إن أبواب الإقليم مفتوحة أمام النازحين القادمين من محافظة الأنبار، مشدداً على ضرورة أن تطلع الحكومة العراقية بمسؤوليتها في تقديم الدعم والمساعدة للنازحين.

وأضاف المسؤول الكردي أن الإقليم يحتضن حاليًا نحو مليونيّ نازح قدموا خلال السنوات الماضية، هربًا من الأوضاع الأمنية المتردية في مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، مشيراً إلى أن استقبال أعداد أخرى من النازحين بحاجة الى خطة واستراتيجية مدعومة من قبل المجتمع الدولي والحكومة العراقية في بغداد.

وتبقى آمال ودعوات جميع الشعب العراقي من مختلف أطيافه ومكوناته تؤازر جيشهم من أجل تحقيق النصر الكبير ضد التنظيمات الإرهابية في محافظة الأنبار، كون تلك المحافظة ذات التوجه العشائري والاجتماعي هي بوابة العنف والسلم في البلاد، فإذا ما استقرت وتحقق الأمن فيها فإن البلاد برمتها وبجميع المحافظات ستعيش بأمن واستقرار ونجاحات داخلية وخارجية متعددة.

التعليقات