صرخ الله أكبر وأطلق 50 رصاصة: ما الذي قاله الضابط الأردني لأصدقائه؟

وربما تحمل الرسالة، التي بثها على تطبيق واتس آب للتراسل عبر الهواتف المحمولة، في طياتها خيوطا للشرطة الباحثة عن دافع للاعتداء، الذي وقع يوم الإثنين، وقتل فيه أمريكيان وأردنيان ومواطن من جنوب أفريقيا في مركز لتدريب الشرطة.

صرخ الله أكبر وأطلق 50 رصاصة: ما الذي قاله الضابط الأردني لأصدقائه؟

من اليمين إلى اليسار: عائلة أبو زيد في ديوانها (أ.ف.ب) وأبو زيد منفذ العملية

قال أصدقاء ومصادر أمنية، إن ضابط الشرطة الأردني، أنور أبو زيد، أرسل رسالة إلى أصدقائه، قبل أيام من الهجوم الذي قتل فيه خمسة أشخاص بإطلاق النار عليهم في مقصف، خلال استراحة الغداء، قال فيها إنه ذاهب في رحلة 'إما إلى الجنة وإما إلى النار'.

وربما تحمل الرسالة، التي بثها على تطبيق واتس آب للتراسل عبر الهواتف المحمولة، في طياتها خيوطا للشرطة الباحثة عن دافع للاعتداء، الذي وقع يوم الإثنين، وقتل فيه أمريكيان وأردنيان ومواطن من جنوب أفريقيا في مركز لتدريب الشرطة.

ووصف أقارب أبو زيد نقيب الشرطة البالغ من العمر 29 عامًا، بأنه متدين لكنه ليس متطرفًا، فقد كان يؤدي صلاة الفجر كل يوم في المسجد بقريته الواقعة في ريف شمال الأردن.

غير أن اثنين من المسؤولين المطلعين على المسائل الأمنية، وأقارب لأبو زيد، قالوا إن الأدلة كانت تتزايد بوجود تأثيرات للتشدد الإسلامي على أبو زيد، وأشار مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته أن الرسالة التي بعث بها لأصدقائه المقربين تؤكد هذه الفكرة.

ونقل المصدر عنه قوله 'حينما نجهّز متاعا لسفر، نخاف أن ننسى شيئا ولو يسيرًا، وكلما كانت مدة السفر أطول، كان الحرص أشد، فما بالك بإقامة؛ إما جنة وإما نار'.

لكن المصدر لم يكشف عن اليوم الذي أرسل فيه أبو زيد الرسالة.

وقع الهجوم في مركز الملك عبد الله للتدريب، الذي تموله الولايات المتحدة، ويقع بالقرب من عمان في الذكرى السنوية العاشرة لتفجيرات انتحارية نفذها تنظيم القاعدة، واستهدفت ثلاثة فنادق فاخرة في العاصمة الأردنية سقط فيها 57 قتيلا.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع يوم الاثنين.

وكان القتيلان الأميركيّان من رجال الجيش الأميركي السابقين، وقد تعاقدا على تدريب قوات الشرطة من الدول الحليفة في المنطقة مثل العراق والأراضي الفلسطينية. وكان القتيل الجنوب أفريقي مدربًا، أيضًا، بينما كان الأردنيان مترجمين.

وذكرت عدة روايات من مسؤولين على اتصال بقوى الأمن أن أبو زيد قام بتهريب بندقية هجومية ومسدسين إلى المجمع في سيارته إذ لم يكن يتم تفتيشه وهو يدخل باعتباره ضابطا.

وقالت المصادر الأمنية إنه اقتحم المقصف عقب صلاة الظهر، وهتف الله أكبر، ثم أطلق ما لا يقل عن 50 طلقة.

وأضافت المصادر أنه خرج عقب ذلك وقتله قناص من الشرطة برصاصة في الرأس، بالقرب من البوابات الخارجية للمجمع، بعد أن رفض الانصياع لأوامر الاستسلام.

>> خلايا نائمة

قال مسؤول وثيق الصلة بالمسائل المتعلقة بالاستخبارات إن المحققين لم يتوصلوا حتى الآن لمعرفة ما إذا كان أبو زيد يتصرف بمفرده، أو ما إذا كان عضوا في خلية نائمة من الجهاديين.

وكان لأبو زيد 'طفلان ووظيفة محترمة وكان يتمتع بامتيازات يحلم بها كثير من الأردنيين' وفقًا للمصدر ذاته.

لكن المصادر الأمنية قالت إنه طلب تسريحه مبكرًا من الخدمة، حيث بّرر ذلك بالقول إنه يرجع 'لأسباب خاصة'، غير أن طلبه تعطّل لأنه لم يكمل عشر سنوات في الخدمة.

وقال أحد المقربين من أبو زيد إنه كان يشعر شعورًا متناميًا بالمذلة والغضب، لأنه يعمل في وظيفة كان مدربون أميركيون يعتبرون 'أعداء للإسلام يدنسون فيها بلادي'.

ويشير إليه بعض الأقارب بالفعل بوصف الشهيد.

وقال خبراء أمنيون إن انتماء أبو زيد لإحدى القبائل، التي تشكل عماد قوات الأمن في الأردن، يمثل لطمة بصفة خاصة للأسرة الهاشمية الحاكمة في المملكة.

وقد تزايد استياء بعض القبائل بسبب ما ترى أنه فساد وتشعر بأنها تتعرض لتهميش اقتصادي، لتمثل ما يرى الخبراء الأمنيون أنه خطر إضافي على بلد يخشى منذ فترة طويلة التعرض لهجمات من جانب متشددين إسلاميين يستلهمون فكر تنظيم القاعدة.

وقال مسؤول مطلع على مسائل الاستخبارات 'هذا هجوم من داخل المؤسسة الموالية، وهو يعقد المخاطر الداخلية المعقدة أصلًا، بما يتجاوز الخطر الجهادي التقليدي المتمثل في انتحاري قد يفجر نفسه وهو خطر أوضح.'

>>  شبان غاضبون

كما أيقظ هجوم يوم الإثنين، مخاوف قديمة من أن يكون أنصار الدولة الإسلامية، قد جندوا أردنيين لضمهم إلى خلايا نائمة، قد تخرج للعلن ذات يوم وتشن هجوما؛ كذلك الخوف من أن تضم هذه الخلايا أي شخص من الفنيين المتخصصين في الكمبيوتر إلى أساتذة الجامعات.

وعزز مثل هذه المخاوف قول أحد الأعضاء البارزين في البرلمان، الشهر الماضي، إنه علم من وسائل إعلام مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية أن ابنه نفذ هجوما انتحاريًا في محافظة الأنبار العراقية.

ويسلم بعض المسؤولين بتنامي الخطر الذي يمثله على نحو متزايد شبان غاضبون، تحت تأثير العنف المتصاعد في العراق وسوريا والحرب الطائفية المتصاعدة؛ وكذلك انتهاكات الاحتلال المتواصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقد انضم ألوف الشبان من مدن فقيرة نكبت بالفقر والبطالة على مدار العقود القليلة الماضية لتنظيمات إسلامية متشددة للمشاركة في القتال في دول من بينها أفغانستان والعراق وسوريا.

التعليقات