ماذا بعد استعادة الرمادي من قبضة داعش؟

أعلنت القوات العراقية، اليوم الإثنين، استعادة الرمادي من تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يسيطر عليها منذ أيار/مايو الماضي والبدء بإزالة العبوات الناسفة والمتفجرات من شوارع وأبنية كبرى مدن محافظة الأنبار، غرب بغداد.

ماذا بعد استعادة الرمادي من قبضة داعش؟

العناق فوق ركام المدينة (أ.ف.ب)

أعلنت القوات العراقية، اليوم الإثنين، استعادة الرمادي من تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يسيطر عليها منذ أيار/مايو الماضي والبدء بإزالة العبوات الناسفة والمتفجرات من شوارع وأبنية كبرى مدن محافظة الأنبار، غرب بغداد.

ونقلت قناة العراقية الحكومية لقطات مباشرة من المجمع الحكومي تظهر فيها أهازيج مقاتلين من قوة مكافحة الإرهاب في باحة المجمع الحكومي، احتفالا بتحرير المدينة، بينما بدت آثار الدمار في أنحاء المكان.

ولا زال هنالك جيوب للجهاديين في أنحاء متفرقة في المدينة، لكن الجيش العراقي يؤكد أنه لا يواجه أي مقاومة منذ فرار المقاتلين من المجمع الحكومي الواقع في وسط المدينة، والذي كان يمثل آخر معاقلهم، أمس الأحد.

وكان المجمع الحكومي في الرمادي المعقل الرئيس للمعارك، لكن القوات الحكومية تريّثت في الدخول إليه بعد انسحاب التنظيم بسبب تفخيخ مبانيه.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، في بيان بثته قناة العراقية "نعم تحررت مدينة الرمادي ورفعت القوات المسلحة من رجال جهاز مكافحة الإرهاب الأبطال العلم العراقي فوق المجمع الحكومي بالأنبار".

وذكرت مصادر محلية أن عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الفارين، استخدموا المدنيين دروعًا بشرية أثناء هروبهم باتجاه الأطراف الشرقية من مدينة الرمادي، خصوصًا بعد أن أدركوا أن انهيار قواتهم مؤكد أمام القوات الأمنية.

وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي لوكالة فرانس برس إن قواته "تواصل التقدم في ضواحي المدينة لاحتمال وجود جيوب من الجهاديين فيها".

وقدر مسؤولون عراقيون، قبل أسبوع، عدد عناصر التنظيم في الرمادي بـ440 مقاتلا. ولم يتضح بعد عدد الذين قتلوا أو انسحبوا إلى مواقع أخرى خارج المدينة، خلال جولة المعارك الأخيرة.

الموصل التالية؟

ولم تعلن السلطات العراقية الخسائر في صفوف القوى العسكرية والأمنية، لكن مصادر طبية أفادت أن نحو مئة جندي أصيبوا بجروح وتم نقلهم إلى مستشفيات في بغداد، الأحد.

ورجحت مصادر طبية أن يكون هناك "شهداء" من قوات الأمن، مشيرة إلى أنهم قد يكونون نقلوا إلى مستشفى عسكري خاص قرب مطار بغداد.

وأثنى الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على "الإنجاز الذي حققته القوات العراقية باستعادة الرمادي". حيث لعب الائتلاف دورًا كبيرًا في العملية من خلال تدريب وتسليح المقاتلين المحليين وتقديم إسناد جوي، نفذ خلاله نحو 600 ضربة منذ تموز/يوليو في المنطقة.

وهنأ رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، العراقيين بالانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العراقية بالتعاون مع أبناء الحشد العشائري والتي "تكللت بتحرير مدينة الرمادي من دنس الإرهاب"، بحسب ما نقل بيان رسمي.

وقال البيان إن "العراقيين تلقوا اليوم بشرى عظيمة بتحرير مدينة الرمادي"، مؤكدًا أنه "انتصار كبير يمثل انكسارًا لشوكة داعش الإرهابي ونقطة انطلاق لتحرير نينوى" وفق تعبيره.

ومحافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل، ثاني مدن البلاد، هي أهم معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، الذي أعلن زعيمه أبو بكر البغدادي "دولة خلافة" في مناطق سيطرة التنظيم، التي تمتد في مناطق في العراق وسوريا.

واحتفل عراقيون، مساء الأحد، في شوارع مدن عديدة فيما هنأ المسؤولون القوات الأمنية بنصرهم الكبير ضد التنظيم، الذي استولى على مساحات شاسعة في البلاد منذ حزيران/يونيو العام الماضي.

واعتبر الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أن استعادة القوات العراقية لمدينة الرمادي غرب بغداد هي "الانتصار الأهم" حتى اليوم في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.

بدوره، قال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أن ما حققته القوات العراقية "يظهر مجددًا أنه بالإمكان التغلب على تنظيم الدولة الإسلامية".

دعم للجيش

ويشكل النازحون من محافظة الأنبار ثلث العدد الإجمالي للنازحين في العراق، والبالغ 3,2 ملايين. وقد تم تهجيرهم على إثر هجوم الجهاديين في منتصف العام الماضي على مناطقهم.

ويقيم العديد من هؤلاء في إقليم كردستان العراق الشمالي. واحتفل كثيرون منهم بسيطرة القوات الأمنية على الرمادي، التي بدت آثار الدمار والمعارك واضحة على أبنيتها وشوارعها.

وصرح وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، الأسبوع الماضي، أن القوات العراقية استعادت أكثر من نصف المساحات التي فقدت السيطرة عليها العام الماضي.

ويأتي انتصار القوات العراقية وتحريرها مدينة الرمادي بعد استعادتها مدينة بيجي (شمال بغداد) ومنطقة سنجار، معقل الأقلية الإيزيدية في شمال شرق البلاد.

واستعادت القوات الأمنية الحكومية، المتمثلة بقوات مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة، الرمادي، من دون مشاركة الحشد الشعبي الذي تمثله فصائل مسلحة شيعية مدعومة من إيران.

واثارت استراتيجية رئيس الوزراء حيدر العبادي التي قضت باستثناء الفصائل الشيعية من معارك الرمادي والاعتماد على الائتلاف الدولي، جدلا وانتقادات.

واعتبر الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، أن النصر الذي تحقق في الرمادي "في كل الأحوال هو استعادة لهيبة المؤسسة العسكرية العراقية".

وقال "للمرة الأولى بعد اجتياح داعش يتحقق انتصار فردي بدون قوة الإسناد المتمثلة بالحشد الشعبي"، معتبرا ذلك "نجاحًا للقائد العام للقوات والحكومة في كل الأحوال".

التعليقات