الظهيرة اللبنانية.. ضحية شتتها الاحتلال الإسرائيلي

الآن أعيش برجل واحدة بعد أن بترت رجلي الثانية بفعل انفجار اللغم .. أعيش بعيدة عن أهلي وابنتي الاثنتين، فأنا في قسم جنوب لبنان، وهم في قسم شمال فلسطين، مشيرة الى أنها لم تر ابنتيها منذ أكثر من 10 سنوات والتواصل بيننا قليل وصعب جدا

الظهيرة اللبنانية.. ضحية شتتها الاحتلال الإسرائيلي

لا يعيش أهالي قرية الظهيرة في الجنوب اللبناني على الحدود مع إسرائيل، كما يعيش الملايين من سكان المناطق الحدودية في مختلف دول العالم، فالسلطات الإسرائيلية قسمت قريتهم، واستولت على جزء كبير من أراضيها.

ومنذ احتلال إسرائيل، لأجزاء من الظهيرة، عام 1967، لا يستطيع سكانها الوصول إلى أقاربهم في ذات القرية، أو زراعة أراضيهم في الجانب الآخر من السياج الذي أقامته السلطات الإسرائيلية.

ولا زال سكان القرية، يحتفظون بالمستندات والأوراق والوثائق، التي تثبت حقهم في آلاف الدونمات (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.

وحتى مقبرة القرية، التي يدفن السكان فيها موتاهم، أصبح جزء منها داخل منطقة الأسلاك الشائكة (تتبع لإسرائيل)، ليصيب ظلم الاحتلال الإسرائيلي الأحياء والأموات معا. وعلى بعد 50 مترا من الأسلاك الشائكة، يواصل سكان القرية استغلال أراضيهم في الزراعة، بينما رفض آخرون هذه المسافة، وأصروا على الوصول إلى أراضيهم المصادرة، لتكون الألغام ما ينتظرهم في الجانت الآخر، وتتسبب في بتر أطراف من أجسادهم.

الحاج فخري فنش، من وجهاء عشيرة 'العرامشة'، التي تضررت من أسلاك إسرائيل، فانقسمت إلى جزئين، ما يزال يحتفظ بعشرات الوثائق الرسمية الصادرة عن مسؤولي عكا في فلسطين، تؤكد امتلاك عائلته لأراض شاسعة، هي اليوم تحت السيطرة الإسرائيلية.

ويجلس فنش في حديقة منزله على بعد أمتار قليلة من الأسلاك الشائكة، وتحت أنظار الجيش الإسرائيلي، يعرض سندات أراضيه التي تحمل طوابع لبنانية، وفلسطينية قديمة باللغات العربية والإنكليزية والعبرية، يقلبها بين يديه، قائلا 'هذه أراضينا المسلوبة'.

وقال فنش، (مواليد 1945)، 'نحن عشيرة العرامشة، ثلاثة أرباعنا في فلسطين المحتلة، والربع الأخير في قرية الظهيرة بجنوب لبنان، انقسمنا بسبب الأسلاك الشائكة، التي تضعها إسرائيل في وسط قريتنا منذ العام 1967'.

الحاج فخري فنش

وأضاف، 'نحن اليوم لا نستطيع أن ندخل الى أراضينا، بسبب الأسلاك الشائكة والألغام التي زرعتها إسرائيل'، لافتا، أنه قبل العام 1967 كان الأقارب من كلا الجهتين يلتقون مع بعضهم البعض ويتزاوجون من بعضهم البعض.

وشقت إسرائيل طريقا على طول الحدود بين شمال فلسطين وجنوب لبنان، في محاولة لمنع أهالي القرية الواحدة على الطرفين من التواصل، ونصبت الألغام على طول جانبي الطريق.

ويشكل وجود جنود من الجيش الإسرائيلي، وعمليات الحفر التي تتم على الجانب الآخر من الأراضي، إزعاجا لسكان الظهيرة، العاجزين عن استغلال أراضيهم، ويكتفون بالنظر إليها وهي تجرف وتصادر.

وأحرقت إسرائيل قبل نحو عامين، أكثر من 200 شجرة زيتون، على الجانب اللبناني، بهدف كشف المنطقة، إلا أن فنش، والعديد من أهالي القرية عادوا واستبدلوا المحروقة، بأشجار جديدة.

الحاجة خيرية أبو سمرا

الحاجة خيرية أبو سمرا، (مواليد 1950)، لها أقارب وأبناء لم تتمكن من رؤيتهم منذ سنوات طويلة، وعند محاولتها ذلك عام 2000، قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، انفجر بها لغم أرضي، وهي تعيش منذ ذلك الوقت برجل واحدة.

أبو سمرا، التي تظهر بين تجاعيد وجهها آثار الزمن المتعب، لا تملك اليوم إلا صورا قليلة لأقاربها، تزيدها وجعا وألما، تسرد قصة تعرضها لانفجار لغم زرعته إسرائيل في قريتها، وتقول إنه 'في العام 2000 قبل التحرير، وصلني خبر وفاة والدي الذي كان في الجانب الآخر من القرية، في شمال فلسطين، وإذ بي أركض بسرعة نحو المنطقة هناك، حتى وصلت الى الأسلاك الشائكة وانفجر بي اللغم'.

وتابعت 'الآن أعيش برجل واحدة بعد أن بترت رجلي الثانية بفعل انفجار اللغم .. أعيش بعيدة عن أهلي وابنتي الاثنتين، فأنا في قسم جنوب لبنان، وهم في قسم شمال فلسطين'، مشيرة الى أنها لم تر ابنتيها منذ أكثر من 10 سنوات 'والتواصل بيننا قليل وصعب جدا'.

اقرأ/ي أيضًا | خطة إخلاء واسعة لمستوطنات الشمال في حال اندلاع حرب

 

التعليقات