عــ48ـرب يواكب الساعات الأخيرة لرحلات الهجرة في إزمير

يجب أن اتوجه إلى اليونان، لا مال معي لأبقى هنا، ولا يوجد حل آخر.. "ليس مهماً الأن، أريد أن أصل مع أولادي إلى أوروبا مهما كلف الأمر، حتى لو علقت لعام على الحدود، في النهاية سأصل

عــ48ـرب يواكب الساعات الأخيرة لرحلات الهجرة في إزمير

بين أطفاله الخمسة وزوجته الحامل يبدو عبد الله أكثر اطمئناناً من غيره، يفترش الأرض ويوزع الكعك المحلي التركي 'السمت' على أطفاله مع بعض الشاي، ولا يبالي كثيراً بكل ما يجري حوله 'الليلة سنغادر بالقارب إلى اليونان، اتفقت مع رجل أعرفه وهو يعمل في هذه المهنة، وتركت المال في مكتب تأمين هنا في تركيا، أريد الوصول إلى ألمانيا' الأنباء التي ترددت منذ نهاية الصيف الماضي عن إغلاق طرق الهجرة غير الشرعية ساهمت في قرار عبد الله 'لم أكن أنوي التوجه في هذا الوقت إلى اليونان، لكن أخبروني أنها الأيام الأخيرة، لذا تركت سوريا سريعاً'.

تحت الضغط

تتابع العائلات السورية والعراقية والفلسطينية في إزمير كل خبر عن اتفاق وقف تدفق المهاجرين من تركيا إلى البونان. مئات منهم يخشون أن لا يصلوا الجزر اليونانية في أقرب وقت قبل بدء عملية الترحيل التي ينص عليها الاتفاق، فيما اختفى المهربون الذي كانوا في السابق ينتشرون في شوراع المدنية التي طالما كانت خلال السنوات الماضية قبلة الراغبين بالهجرة غير الشرعية من تركيا إلى اليونان.

إزمير تغيرت، حركة البوليس التركي تثير ريبة النساء والرجال الذي لم يجدوا غرفة في فنادق المدنية التي امتلأت تماماً منذ أكثر من شهر، فانتشر المهاجرون في الحدائق والساحات العامة من ميدان أيلول حتى ساحة بصمنة، التي لا تزال واجهات المتاجر فيها تعرض ستر النجاة بكافة أشكالها وألوانها.

تقول الأخبار التي يحصل عليها اللاجئون في إزمير إن الحدود اليونانية المقدونية مغلقة منذ عشرة أيام، على الأقل.

يتصل محمد. س، 45 عاماً، عبر 'واتس أب' بشقيقه العالق على الحدود اليونانية المقدونية، وينصحه بعدم المجيء إلى اليونان في الوقت الحالي 'الأوضاع صعبة هنا، نحن بلا طعام منذ أيام، وننام في العراء، انتظر من أجل أطفالك لا بد أن هناك حلا آخر'.

ينهي محمد الاتصال ولا زال موقفه على حاله ' يجب أن اتوجه إلى اليونان، لا مال معي لأبقى هنا، ولا يوجد حل آخر' لم يعد مهماً بالنسبة للسوري أن يعيش أياما أخرى عالقاً على الحدود 'ليس مهماً الأن، أريد أن أصل مع أولادي إلى أوروبا مهما كلف الأمر، حتى لو علقت لعام على الحدود، في النهاية سأصل'.

الإحباط والهرب

لم يعد الوصول إلى مهرب بالأمر السهل، كثير من تجار البشر أوقفوا رحلاتهم منذ أول آذار بسبب تكثيف دوريات خفر السواحل التركي في المياه الإقليمية، وارتفعت المبالغ التي يطلبها المهربون لقاء مكان في القارب المطاطي.

اتصل عرب 48 بواحد من المهربين، ويدعى أبو ليث، والذي كان نشر إعلاناً عبر الفيس بوك يعلن فيه عن استمرار الرحلات، رفض أبو ليث لقاءنا بشكل شخصي، كما رفض الكشف عن موقعه في إزمير. كل ما قله هو أن التكلفة تصل إلى 1800 دولار للشخص الواحد، وهو ثلاثة أضعاف السعر الذي كان يطلبه المهربون قبل عشرة أيام فقط من الآن.

ينتشر الإحباط بين العائلات، الأنباء منذ صباح السبت تقول إن الاتفاق أبرم، وإن اليونان ستعيد جميع الواصلين إليها إلى الأراضي التركية.

مريم. غ السورية الفلسطينية تصاب بالفزع من الخبر، وتقول 'زوجي في السويد، يجب أن أصل إليه في أسرع وقت ممكن، لم يستطع لم شملي مع أطفالنا إلا بعد ثلاث سنوات لم يعد لي مكان في سورية، ومن المستحيل إن أعيش في سورية، أو أعود إليها حتى'.

أبو مازن، يغضب من انتشار الأخبار، وعدم فهمها، يدخل مع مريم في نقاش حول الخبر 'لن يعيدوا السوريين، الحديث عن إعادة الأفغان وغيرهم من العرب، لكن ليس نحن، نحن سنتابع الطريق باتجاه البلدان التي نريدها'.

تمكن وائل، 17 عاماً، من جمع 900 دولار بعد أن عمل في ورشة خياطة طوال العام الماضي في إسطنبول. يقول إنه حرم نفسه من كل شيء كي يتمكن من جمع المبلغ الكافي لرحلته إلى اليونان عبر قارب مطاطي، اليوم هو محبط مما يراه في إزمير: ' لم أستطع السفر خلال الصيف، لم يكن معي المبلغ الكافي، كنت أعمل لأكثر من 14 ساعة يومياً لأوفر المال من أجل أن أصل إلى السويد، كل اصدقائي هناك منذ أكثر من عامين'.

يملك وائل مثل غيره هنا في إزمير ثقة في المستشارة الإلمانية أنجيلا ميركل، يعولون عليها بأنها لن تسمح بتركهم عالقين في تركيا أو اليونان، تدور بينهم النقاشات العميقة حول ذلك، ويذكرون كل تصريح أدلت به ميركل خلال العام الماضي، على الأقل، بعض ما يذكرون لم تقله المستشارة أبداً، وكان مجرد إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، ككلام منسوب إليها حول أن التاريخ سيذكر أن مكة لم تستقبل اللاجئين السوريين.

بعيداً عن الشوارع، وفي بعض فنادق إزمير الفخمة، تنتظر طبقة أخرى من اللاجئين موعد رحلاتها في مراكب سياحية فخمة كما يسميها المهربون، إذ من يستطيع دفع 2500 يورو سيركب في 'يخت سياحي' يقله من الشواطئ التركية حتى الجزر اليونانية غير العسكرية، المزيد من المال سيعني تجاوز الحدود بين اليونان ودول البلقان، إذ تنشط شبكات تزوير تقدم للمهاجرين وثائق سفر مزورة، يتسقلون بموجبها طائرة من أثينا إلى أي عاصمة أوربية يرغبون بها.

الطريق البديل

'لن تتوقف الرحلات، لكنها لن تكون بحرية بعد الآن' يقول سمسار التقيناه سريعاً في بصمنة 'الطريق البري سيبقى قائماً، ولن تكون تكاليفه كبيرة، دائماً هناك طرق للتهريب، ما كان يحدث في الصيف الماضي من تسهيلات عبر حدود الدول الأوروبية أو من هنا في تركيا كان هو الاستثناء، يظن الناس أن عمر التهريب من هنا هو خمس سنوات فقط، الحقيقة أن عمليات التهريب تعود لأكثر من خمسين عاماً'.

يبدو البعض من حول السمسار سعيدين بما يسمعون، لكن لا أحد بات يهتم أبداً بالخطر الذي تحمله الطرق البرية، إذ يستقل المهاجرون سيارات شحن مخصصة للفاكهة أو اللحوم ويبقون فيها لساعات من تركيا إلى بلغاريا ثم اليونان، لكن عدم الشعور بالخطر، يسحب حتى على الرحلات البحرية القليلة التي لا تزال تُسير ونحن هنا. لا يفكر أي مهاجر بأنه يعرض حياته للخطر في القوارب المطاطية.

عدد كبير ممن كانوا يعملون في تهريب البشر من تركيا، ركبوا بأنفسهم في قوراب المطاط، وتوجهوا إلى اليونان خلال الأيام الماضية، بعد أن توقفت أعمالهم بشكل كامل، وتوقف التنسيق الذي كان يؤمن استمرار العمل مع أجهزة أمنية تركية.

اقرأ/ي أيضًا | ما هي مبررات الأردن لعدم تقديم الرعاية الصحية للاجئين؟

 

 

التعليقات