تفجير بيروت وتحديات قطاع المصارف اللبناني

ومن يدخل ساحة التفجير في فردان، يرى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة، حيث واجهات الأبنية مدمرة خاصة مبنى "بنك لبنان والمهجر"، وبعض السيارات محترقة، مع تواجد كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي والمحققين الجنائيين.

تفجير بيروت وتحديات قطاع المصارف اللبناني

من أمام البنك (أ.ب)

أكد الخبير الاقتصادي اللبناني، جاسم عجاقة، أن التفجير الذي استهدف 'بنك لبنان والمهجر'، أمس الأحد، في بيروت، 'وحّد' القطاع المصرفي في لبنان في مواجهة أية التحديات'، مشيرًا إلى أن العقوبات المالية الأميركية ضد حزب الله 'مستمرة ولا مفر منها مهما حصل'.

وتعرّض الفرع الرئيسي لـ'بنك لبنان والمهجر'، في منطقة فردان بالعاصمة بيروت، يوم أمس، إلى أضرار مادية جسيمة، عقب زرع عبوة ناسفة خلف مبناه دون وقوع خسائر بشرية، وهو الحادث الذي يأتي بعد أسابيع قليلة من إعلان مصرف لبنان المركزي، تنفيذ لوائح أمنية تقضي بفرض عقوبات وإغلاق حسابات مصرفية لأشخاص ومؤسسات يتبعون لحزب الله اللبناني.

واعتبر عجاقة في حديث مع وكالة الأناضول للأنباء، اليوم الإثنين، أن التفجير 'رسالة بغض النظر عن الفاعل'، مضيفًا، 'إن كانت الرسالة لا تنفذوا العقوبات الأميركية، فإن المصارف مستمرة بتطبيق هذه العقوبات مهما حصل'.

ومن يدخل ساحة التفجير في فردان، يرى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة، حيث واجهات الأبنية مدمرة خاصة مبنى 'بنك لبنان والمهجر'، وبعض السيارات محترقة، مع تواجد كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي والمحققين الجنائيين.

وأصدر حاكم مصرف لبنان (محافظ البنك المركزي)، رياض سلامة، مطلع أيار/مايو الماضي، قرارًا أكد من خلاله التزام المصارف في البلاد بتطبيق العقوبات الأميركيّة المفروضة على نحو 100 مؤسسة وشخصية محسوبة على حزب الله، والتي تحظر على المؤسسات المالية حول العالم تقديم أية خدمات أو تسهيلات مصرفية للمستهدفين.

وبناءً على قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44، لتاريخ 24-11-2015 (لبناني)، ولما كان القانون الأميركـي الصادر وأنظمته التطبيقية نصَّت علـى وجـوب اتخاذ التدابير التي تحول دون تعامل حزب الله مع أو من خلال المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات؛ قرّر الحاكم أنه على المصارف والمؤسسات المالية أن تقوم على كامل مسؤوليتها، بتنفيذ عملياتها بما يتناسـب مع مضمون القانون الأميركي.

الفوضى داخل البنك (رويترز)

ويعد 'بنك لبنان والمهجر' من أول المصارف اللبنانية التي التزمت بالعقوبات الأميركيّة التي طالت أفرادًا من حزب الله، وأغلق حسابات مصرفية تابعة للحزب.

ولن يؤدي تفجير يستهدف أي مقر لمصارف عاملة في البلاد، إلى خلق صعوبات في العمل للمصرف من الناحية التقنية، 'يمكن العمل بنفس الطريقة من مقر آخر دون توقف أو ضرر، وفق منظومة تقنية تعتمدها كل مصارف العالم'، بحسب عجاقة.

وأصدر بنك لبنان والمهجر، اليوم الإثنين، بيانًا أوضح فيه أن 'الحادث لم يؤد إلى أية خسائر بشرية وإنما اقتصرت الأضرار على بعض الماديات'، مشيرًا إلى أنه 'لم تمس أية أوراق أو مستندات للمصرف'.

ولفت البنك إلى أنه استمر بتقديم كافة خدماته المصرفية في جميع فروعه، مبيناً أنه حتى إصلاح الأضرار سيتابع الفرع الرئيس أعماله من خلال مبنى المصرف المحاذي له.

وأضاف 'بكافة الأحوال، فإن بنك لبنان والمهجر يمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه، سواء لجهة زبائنه البالغ عدد حساباتهم أكثر من 400 ألف في لبنان، أو لجهة مساهميه الذين يفوق عددهم 10 آلاف، أو لجهة موظفيه البالغ عددهم أكثر من 2500 في لبنان فقط'.

ودعا الخبير اللبناني إلى 'ترشيد وعقلانية تطبيق العقوبات الأميركيّة التي لا مفر منها مهما حصل'، متمنيًا على السياسيين 'عدم إقحام القطاع المصرفي في صراعاتهم، من أجل تحقيق مكاسب'.

وكان مدير عام قوى الأمن الداخلي في لبنان، اللواء إبراهيم بصبوص، قال خلال تفقده موقع التفجير، أمس، 'تقديراتنا الأولية للعبوة الناسفة المستخدمة في التفجير تشير إلى أنها تزن ما يتراوح بين 10 و15 كلغ من المواد المتفجرة'.

بينما قال وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، في تصريحات إعلامية، أمس، 'من الواضح أن بنك لبنان والمهجر هو المستهدف في تفجير بيروت'، معتبرًا أن 'التفجير لا يأتي في الإطار التقليدي للتفجيرات (دون أن يعطي توضيحات أخرى)'.

في حين قال المحلل السياسي، قاسم قصير، المقرّب من حزب الله، في حديث للأناضول إنه 'لا مصلحة لحزب الله أبدا بتفجير بيروت'، معتبرًا أن الحادث 'يضر بالحزب ولا يفيده'.

وتابع قصير 'من يتهم حزب الله بالوقوف خلف التفجير، يعرض أدلته أمام القضاء والرأي العام وعدم الاكتفاء بتصريحات واتهامات'، مشيرًا إلى أن 'هذه الاتهامات سياسية ليس إلا'.

ولفت قصير إلى أن 'الساحة اللبنانية مفتوحة اليوم أمام الجميع، والجو العام في لبنان ليس مريحا'، مشيرًا إلى أن 'احتمال وقوف إسرائيل خلف التفجير غير مستبعد، وكذلك من لا يحب حزب الله'.

وكان الرئيس الأميركيّ، باراك أوباما، في 18 ديسمبر/كانون أول 2015، قانونًا يهدد بمعاقبة الأقمار الصناعية التي تقدم خدمات البث الفضائي لفضائية المنار، التابعة لحزب الله، والتهديد بفرض عقوبات على المصارف الأجنبية ومن ضمنها اللبنانية التي تقدّم خدمات وتسهيلات مصرفية للحزب والأشخاص والمؤسسات الواردة أسماؤهم على لائحة العقوبات الأميركية الخاصة.

التعليقات