حرب لبنان المالية...

اعتبرت جمعية مصارف لبنان، اليوم الإثنين، أن التفجير الذي وقع خارج مقر أحد أكبر البنوك في البلاد قد أصاب القطاع المصرفي بأكمله، في هجوم ينظر إليه على أنه تصعيد خطير للأزمة المتعلقة بقانون مالي أميركي يستهدف الشؤون المالية لحزب الله.

حرب لبنان المالية...

بنك بلوم (أ ف ب)

اعتبرت جمعية مصارف لبنان، اليوم الإثنين، أن التفجير الذي وقع خارج مقر أحد أكبر البنوك في البلاد قد أصاب القطاع المصرفي بأكمله، في هجوم ينظر إليه على أنه تصعيد خطير للأزمة المتعلقة بقانون مالي أميركي يستهدف الشؤون المالية لحزب الله.

التفجير الذي وقع خارج مبنى بنك بلوم أو ما يعرف بـ'بنك لبنان والمهجر' في بيروت مساء أمس الأحد، وتسبب بوقوع أضرار دون خسائر بشرية، يأتي عقب إغلاق حسابات يعتقد أن لها صلة بحزب الله في مصارف لبنانية، تخشى الوقوع تحت طائلة القانون الأميركي وإبعادها عن النظام المالي العالمي. ولم تتبن أي جهة المسؤولية عن الهجوم على بنك بلوم.

ويهدد القانون الأميركي، المعروف بقانون مكافحة تمويل حزب الله دوليًا، والذي صدر في كانون الأول/ ديسمبر، أي بنك يتعامل عن علم مع حزب الله بمنعه من السوق المالية الأميركية، وبمعاقبة أي منظمة أو شخص يوفر دعما ماليًا كبيرًا للحزب.

وحزب الله الذي لم يعلق على التفجير، كان قد انتقد بشدة البنك المركزي لموافقته على إجراءات اعتبرها حربًا ضده وانتهاكا لسيادة لبنان. ويرى البنك بأهمية تطبيق القانون الأميركي لتفادي عزلة دولية للقطاع المصرفي اللبناني.

ويقول مسؤولون لبنانيون إن بنك بلوم، وهو أحد أكبر المصارف في لبنان، قد أغلق المزيد من الحسابات بالإضافة إلى بنوك أخرى نتيجة للقانون.

وتقول مصادر مطلعة إن مؤسسات اجتماعية تشمل مستشفيات من بين المؤسسات المرتبطة بحزب الله التي جرى إغلاق حساباتها، مما يؤثر على مدفوعات التأمين الطبي والموردين. وتدير جمعيات تابعة لحزب الله مستشفيات ومدارس ومؤسسات للرعاية الاجتماعية.

وقالت جمعية المصارف في بيان إن البنوك 'تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وضمن القواعد السائدة في الأسواق الدولية كما تخضع في لبنان للقوانين اللبنانية المرعية ولتعاميم مصرف لبنان حفاظًا على مصالح جميع اللبنانيين'. وقال البيان إن 'هذا التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله ويهدف إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي'.

تفجير بيروت، أمس (أ ف ب)

ويشكل هذا القانون تحديًا ماليًا غير مسبوق لحزب الله، ويقول محللون إن حزب الله نفسه يمكن أن يعيش بلا حسابات مصرفية، لكنهم يعتقدون أن الوضع له تكلفة سياسية للحزب، لأنه يؤثر على قاعدته الشعبية.

وقال مصرفي لبناني 'هم ربحوا في حرب عسكرية وربحوا في حرب سياسية، لكنهم لا يستطيعون كسب حرب مالية وعليهم أن يجدون طرقًا للعمل في الظل... ولكن المشكلة أن كل من يتعامل منهم سيكون تحت المجهر'.

وعندما دخل القانون حيز التنفيذ لأول مرة، بدأت المصارف اللبنانية بإقفال حسابات أشخاص رأت أن لهم صلات مع حزب الله ومن بينهم مسؤولون في الحزب. وأصدر البنك المركزي في وقت لاحق تعميمًا يطلب فيه من البنوك إحالة الحسابات المشبوهة إلى هيئة تحقيق قبل اتخاذ أي اجراء.

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، كثفت كتلة حزب الله البرلمانية من هجومها على حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، معتبرة أن موقفه الأخير 'جاء ملتبسًا ومريبًا، وهو يشي بتفلت السياسة النقدية من ضوابط السيادة الوطنية ولذلك فإننا نرفضه جملةً وتفصيلا'. وقالت إن 'على الجميع أن يدرك أن جمهور المقاومة ومؤسساته التربوية والصحية عصيّ على محاولات النيل منه من أي كان مهما علا شأنه'.

وقال محافظ البنك المركزي، سلامة، الشهر الماضي إن على البنوك الالتزام بهذا القانون. لكنه سعى في الوقت نفسه للحد من المخاوف إزاءه وطمأنة المواطنين اللبنانيين، بقوله إن اللوائح تضمن حماية حساباتهم البنكية من الإغلاق على نحو اعتباطي.

وفي المقابل، أصدر بنك بلوم بيانا اليوم الإثنين، قال فيه 'إن البنك يمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه سواء لجهة زبائنه البالغ عدد حساباتهم أكثر من أربعمائة ألف في لبنان أو لجهة مساهميه، الذين يفوق عددهم العشرة آلاف أو لجهة موظفيه البالغ عددهم الفين وخمسمائة في لبنان فقط'.

وأضاف بنك بلوم أنه يجب الإلتزام بقانون منع تمويل حزب الله الذي صدر في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، وإلا فسيتم عزل القطاع المصرفي اللبناني عن النظام المالي الدولي.

والقطاع المصرفي هو في غاية الاهمية في لبنان ويعتبر ممرًا لمليارات الدولارات من التحويلات السنوية التي تبقي الاقتصاد اللبناني واقفا على قدميه. وينظر على نطاق واسع إلى البنك المركزي باعتباره واحدًا من المؤسسات الفعالة الوحيدة في الدولة اللبنانية الضعيفة.

وقال المعلق في جريدة النهار، نبيل بومنصف، إن التفجير أدخل الأزمة في متاهات أمنية. وتابع أن الأمر 'ليس متصلا فقط بحزب الله، هو متصل بجماهير وأناس عاديين وبمصالح عالم... لا يمكن أن نسلم بهذا المنطق الظالم. هذا منطق ظالم عندما تتسع العقوبات الى الناس هذا أمر غير مقبول'.

وأضاف لرويترز أن 'خطورة الوضع أنه يتصل بأهم وأكاد أقول بآخر معاقل الحماية للاستقرار اللبناني الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وكل شيء.. وهو القطاع المصرفي'.

وأكد الخبير الاقتصادي اللبناني، جاسم عجاقة، أن التفجير الذي استهدف 'بنك لبنان والمهجر' في بيروت 'وحّد' القطاع المصرفي في لبنان في مواجهة أية التحديات، مشيراً إلى أن العقوبات المالية الأميركية ضد حزب الله 'مستمرة ولا مفر منها مهما حصل'.

واعتبر عجاقة في حديث لوكالة الأناضول أن التفجير 'رسالة بغض النظر عن الفاعل'، مضيفاً 'إن كانت الرسالة لا تنفذوا العقوبات الأميركية، فإن المصارف مستمرة بتطبيق هذه العقوبات مهما حصل'.

ومن يدخل ساحة التفجير في فردان، يرى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة، حيث واجهات الأبنية مدمرة خاصة مبنى بلوم، وبعض السيارات محترقة، مع تواجد كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي والمحققين الجنائيين.

اقرأ/ي أيضًا| تفجير بيروت وتحديات قطاع المصارف اللبناني

ويرى عجاقة أنه لن يؤدي تفجير يستهدف أي مقر لمصارف عاملة في البلاد، إلى خلق صعوبات في العمل للمصرف من الناحية التقنية... يمكن العمل بنفس الطريقة من مقر آخر دون توقف أو ضرر، وفق منظومة تقنية تعتمدها كل مصارف العالم، بحسب عجاقة.

التعليقات