الحج غير النظامي يؤرق سلطات الحج رغم انحساره التدريجي

يتحمّل أبو أحمد ورفاقه الثلاثة مشاق الطريق وتوتر الالتفاف حول نقاط الأمن كل عام وصولا إلى مكة لأداء الحج منتهكين قوانين المملكة التي لا تسمح لهم كحاصلين على الإقامة بأداء المناسك إلا كل خمس سنوات طامعين في غفران الذنوب والتقرب إلى الله.

الحج غير النظامي يؤرق سلطات الحج رغم انحساره التدريجي

الكعبة المشرفة

يتحمّل أبو أحمد ورفاقه الثلاثة مشاق الطريق وتوتر الالتفاف حول نقاط الأمن كل عام وصولا إلى مكة لأداء الحج منتهكين قوانين المملكة التي لا تسمح لهم كحاصلين على الإقامة بأداء المناسك إلا كل خمس سنوات طامعين في غفران الذنوب والتقرب إلى الله.

ويعد تسلل الحجاج غير النظاميين مشكلة مزمنة تواجه السلطات السعودية وهي وإن شهدت انحسارا في السنوات الأخيرة غير أنها تقض مضجع السلطات الأمنية والبلدية والجهات المنظمة للحج كل عام.

وقال أبو أحمد الذي طلب استخدام كنيته فقط خوفا من العقوبة التي سيتلقاها حتما فيما لو ألقي القبض عليه مع رفاقه أثناء محاولتهم الوصول إلى مكة 'كل شخص مصيره إلى التراب والآن عمري خمسون عاما. كم سأعيش بعد؟ الإنسان يغامر من أجل أن يمحو ذنوبه ويكفر عن سيئاته حتى يكون نظيفا إذا ما وافته المنية'.

وأضاف أن 'مجيئي إلى هنا مكلف ماديا ومرهق معنويا، لكن أشعر أن من واجبي المجيء إلى هنا كل عام فالعمر قصير، ونسأل الله أن يغفر ذنوبنا.'

وفي مقابلة مع رويترز قال أمين مكة أسامة البار، إن 'المملكة تستضيف حوالي ثمانية ملايين عامل معظمهم مسلمون يرغب الكثير منهم في أداء فريضة الحج كل عام'.

وتابع قائلا أنه 'هناك نظام لحجاج الداخل يتيح لأي مواطن أو مقيم على أرض المملكة العربية السعودية أداء الحج مرة كل خمس سنوات، لكن البعض لا يلتزم ويتسرب إلى مكة بشكل غير نظامي' مقدرا العدد المتوقع لهؤلاء الحجاج هذا العام بنحو 200 ألف.

وتطبق سلطات الحج سنويا إجراءات أمنية للحد من هذه الظاهرة ومساوئها. وأشار البار إلى وجود 'نقاط فرز على مداخل مدينة مكة المكرمة سواء الرسمية أو غير الرسمية'.

وقال إن 'الجهات الأمنية تلعب دورا كبيرا في منع الحجاج غير النظاميين من دخول المدينة المكرمة لكن ما يحصل هو تسرب العمال الموجودين داخل مكة بالفعل إلى موسم الحج والمشاعر المقدسة'.

أبو أحمد ورفاقه وكثيرون غيرهم تمكنوا عبر أشخاص يمتهنون تهريب الحجاج من الالتفاف على النقاط الأمنية ودخول المدينة المقدسة.

وقال إن 'هناك أشخاص منظمون لتهريب الحجاج لديهم خبرة كافية ويعرفون الطريق ويسلكون دروبا التفافية مؤدية إلى مكة'. وأضاف: 'ينزلوننا قبل نقطة التفتيش ثم يلتفون من وراء الجبال ليقلونا من جديد بعد أن نقطع المسافة مشيا'.

وأشار أبو أحمد إلى أن رحلته الروحية السنوية تكلفه 500 ريال سعودي.

وأضاف أنه 'هذا العام شددوا إجراءات الأمن أكثر من كل سنة كما أنهم حذروا الناس من المجيء بهذه الطريقة'.

وأرسلت اللجنة الأمنية بالحج رسائل نصية شملت عقوبة صارمة قالت فيها إن 'الإبعاد خارج المملكة هي عقوبة المقيم المتوجه للحج من دون تصريح مع منعه من دخول المملكة لمدة عشر سنوات'.

وبدأت اللجنة منذ العام الماضي توجيه الرسائل التحذيرية على الهواتف النقالة للحد من هذه الظاهرة والتنبيه من عواقبها، لكنها شددت العقوبات المفروضة على من يمارسها للمرة الأولى هذا العام.

كما أطلقت حملة إعلامية في هذا الصدد في الصحف والشوارع وعلى لوحات الإعلانات.

وبدأت حزمة الإجراءات تؤتي ثمارا مع التناقص المستمر في أعداد الحجاج غير النظاميين، إذ كانت الأعداد وفق أمين مكة 'كبيرة قبل سبع سنوات وبلغت حوالي مليون ونصف حاج غير نظامي، لكنها تناقصت إلى 100 أو 200 ألف وهي في تضاؤل مستمر، ونتمنى أن يستمر هذا المسار حتى تصل الأعداد إلى صفر'.

وعن مساوئ هذه الظاهرة قال البار إن 'أهم عائق هو قضية الافتراش للطرقات وخصوصا في مشعر منى وهو الأصغر مساحة في المشاعر المقدسة'.

وأوضح أن مساحة مشعر منى نحو ثمانية ملايين متر مربع منها نصفها منطقة جبلية والمتبقي كمنطقة سهلة يمكن السكن فيها هو أربعة ملايين متر مربع استغل نصفها في المرافق العامة مثل الطرق وجسر الجمرات والمرافق التي تخدم الحجاج مما يبقي كمنطقة سكن لزوار بيت الله الحرام نحو مليونين و200 ألف متر مربع أقيمت عليها الخيام المتطورة التي نظمت طاقتها الاستيعابية.

وقال إن 'الحجاج غير النظاميين 'يفترشون الطرق وجسر الجمرات ويعيقون الحركة والخدمات ومرور سيارات النظافة فضلا عن ممارستهم سلوكيات خاصة خلال الحج مثل البيع الجائل والطبخ العشوائي، وهذه كلها عوائق يجب إزالتها، لأن الحاج النظامي الذي دفع ثلاثة أو أربعة آلاف دولار ليتم حجه يجب أن يتسنى له أداء المناسك بكل سهولة ويسر'.

لكن الحجاج غير النظاميين لا يرون بديلا عن هذا الأسلوب لأداء الحج آملين في أن تذلل لهم نيتهم الصافية في تلبية نداء الحج العقبات أمامهم.

اقرأ/ي أيضًا| السعودية تنفي إحباط عمل إرهابي قرب مشعر عرفات

وقال أبو أحمد: 'نعيش طوال الرحلة في توتر شديد ورعب شديد. فلو ألقي القبض علينا مصيرنا معروف إذ سنمنع من دخول المملكة عشر سنوات، لكن أملنا بوجه الله كبير'.

التعليقات