الألغام تمنع عودة العراقيين لمنازلهم

آمال العودة تتبدد إذ قتل كثير من القرويين أو شوهوا نتيجة الألغام والعبوات الناسفة التي تركها المتشددون خلفهم وهم يتقهقرون

الألغام تمنع عودة العراقيين لمنازلهم

شق خضر سليم طريقه بحذر شديد على أنقاض منزله القديم وقد تملكه اليأس من العودة بعد عامين من الفرار، لكنه يخشى أن يكون مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لغموا المنزل قبل طردهم أخيرا.

قبل أيام قليلة زار ساكنان سابقان من بلدته بعشيقة منزلهما لأول مرة منذ فرارهما قبل عامين. قتل الاثنان عندما انفجرت قنبلة في الباب الأمامي للمنزل.

وقال سليم "الوضع خطير هنا، هناك حاجة لإزالة المتفجرات من البلدة قبل أن نتمكن حتى من إزالة الأنقاض، ناهيك عن العودة للعيش."

وأضاف "لكن لا يمكننا البقاء بعيدا أكثر من ذلك. استأجرنا في أماكن أخرى لعامين ولم أعثر على عمل بعد، ينفد المال ونحتاج للعودة إلى ديارنا."

ويعود آلاف العراقيين الذين فروا عندما اجتاح تنظيم داعش مساحات واسعة من العراق في 2014 إلى ديارهم بعد أن استعادت حملة عسكرية شاركت فيها أطراف عدة، البلدات والقرى النائية قرب الموصل أكبر معقل للتنظيم المتشدد في العراق.

لكن آمال العودة تتبدد إذ قتل كثير من القرويين أو شوهوا نتيجة الألغام والعبوات الناسفة التي تركها المتشددون خلفهم وهم يتقهقرون.

كانت بعشيقة مسرحا لقتال شرس وضربات جوية قبل أن تنتزع القوات الكردية بدعم من الولايات المتحدة السيطرة عليها من داعش في تشرين الأول/ أكتوبر. وبين المنازل القليلة التي لا تزال قائمة في بعشيقة كتب على بعض جدران هذه المنازل "خطر: مادة تي.إن.تي". ولا تزال شوارع كثيرة مغلقة بسبب عدم تطهيرها بعد.

ولم تزرع الألغام في المباني فحسب، إذ يقول خبراء إزالة الألغام إن حقول الألغام تمتد لعشرات الكيلومترات إلى جنوب شرقي بعشيقة تقريبا على طول الحدود السابقة لمناطق سيطرة تنظيم داعش.

وفي قرية على هذا الخط في منطقة الخازر جنوب شرقي الموصل نصبت عشرات الأوتاد الصفراء التي تشير إلى إزالة الألغام على الطريق المؤدي إلى إحدى المدارس المحلية.

وقال سلام محمد الذي يعمل فريقه من المجموعة الاستشارية الدولية لإزالة الألغام في إزالة المتفجرات "قررت داعش عمل حقل ألغام دفاعي لكن معظم حقول الألغام تمر وسط المنازل."

وأضاف "في الوقت نفسه يلغمون المنازل لمن أراد من الناس العودة لاحقا."

وقال محمد إن المجموعة الاستشارية الدولية لإزالة الألغام عثرت حتى الآن على 350 عبوة ناسفة في هذه القرية بمفردها والتي جرى انتزاع السيطرة عليها في وقت سابق هذا العام. وقد بدأ للتو العمل في إزالة الألغام في بلدات أكبر كثيرا مثل بعشيقة.

 مصممة للقتل

وقال محمد إن الألغام، ومعظمها أسطوانات معدنية مصنوعة في مصانع قنابل داعش ويصل وزنها إلى 35 كيلوجراما، مصممة للقتل وليست مصممة للتشويه. وبين 25 مدنيا من ضحايا المتفجرات في منطقة الخازر في الأشهر الأخيرة لقي 16 شخصا حتفهم.

وقف محمد على حفرة بجانب أحد الطرق حيث داس أحد السكان على لغم.

وقال محمد "حوله إلى ثلاثة أجزاء. هذا حذاؤه" مشيرا إلى حذاء أسود مخصص للسير لمسافات طويلة لا يزال ملقى على الأرض.

لكن الخطر لم يمنع بعض الناس من العودة إلى ديارهم.

قال مزارع يدعى حامد زوراب (73 عاما) "عرفنا أن المنطقة ملغمة عندما عدنا لكن كنا نستأجر منزلا في منطقة خبات لنحو عامين ولم يتبق معنا أموال."

وأضاف "لا نملك خيارا آخر."

وتكبدت العائلات التي عادت قبل عدة أشهر ثمنا باهظا. فقد قتل ابن زوراب عندما انفجرت قنبلة خارج منزله القريب.

ويعمل خبراء إزالة الألغام بأسرع طاقة لديهم لتطهير المناطق التي طردت منها داعش لكنهم لا يعرفون كم من الوقت سيستغرق ذلك. وينصحون العائلات بالابتعاد لكن دون جدوى في بعض الأحيان.

وقال محمد إن قوة وقع أقدام طفل قادرة على تفجير معظم الألغام ويمكن للتفجيرات أن تدمر عربة.

وقام فريقه بتفجير عبوة بعد أن أخفق في إزالتها أو نزع فتيلها. وانطلق الدخان الناجم عن التفجير الذي يصم الآذان لعدة أمتار في الهواء.

وفي منزل بقرية لا تزال تعج بالألغام قام خبراء المجموعة الاستشارية الدولية لإزالة الألغام بتعليم الأطفال كيف يمكنهم التعرف على الذخائر أو العبوات الناسفة التي لم تنفجر بعد. وقد تتخذ هذه العبوات أي شكل مثل ثلاجة زائفة أو قطعة أنابيب ملقاة على الطريق أو حتى دمية.

ورغم ذلك عاد خليل خوبير مع عائلته وأطفاله. وقال "بات الأطفال خبراء في المتفجرات."

التعليقات