أحزاب أكراد العراق تنقسم قبيل استفتاء الانفصال

انقسمت الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق بين مؤيد ومعارض لإجراء استفتاء حول انفصال الإقليم عن العراق، قبل أقل من شهر على الموعد المحدد لإجرائه، في ظل رفض دولي كبير وتحذيرات من بغداد.

أحزاب أكراد العراق تنقسم قبيل استفتاء الانفصال

مسعود البرازاني خلال لقائه وفد الخارجية الفرنسية (أ.ف.ب)

انقسمت الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق بين مؤيد ومعارض لإجراء استفتاء حول انفصال الإقليم عن العراق، قبل أقل من شهر على الموعد المحدد لإجرائه، في ظل رفض دولي كبير وتحذيرات من بغداد.

ومن المقرر أن يجرى الاستفتاء في أربعة محافظات، ثلاثة تتبع كردستان العراق وهي أربيل ودهوك والسليمانية، وكذلك محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، والتي تسيطر عليها قوات البيشمركة.

وحدد رئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، تاريخ الاستفتاء يوم 25 أيلول/ سبتمبر المقبل، رغم التحذيرات العديدة التي تلقاها من مختلف دول العالم، وكانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي دعمت إجراء الاستفتاء.

الإعلان عن إجراء الاستفتاء أوجد جناحين داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما أحيا المشاكل الداخلية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة، الرئيس العراقي السابق، جلال طالباني (2005-2014)، وهما أكبر حزبين في الإقليم.

انقسامات كردية

مسؤول رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي الكردستاني قال إن "الحزب انقسم إلى جبهتين، الأولى تضم مسعود بارزاني ونجله مسرور، مسؤول الأمن في الإقليم، وسكرتير الحزب، فاضل ميراني، وهذه الجبهة تؤيد إجراء الاستفتاء والانفصال تماما عن العراق، وتعتبرها فرصة لن تتكرر".

المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية الملف، مضى قائلا إن "الجبهة الثانية تضم رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، ونواب أكراد في البرلمان الاتحادي وآخرين أعضاء في برلمان الإقليم، وهذه الجبهة تريد البقاء ضمن العراق الموحد، وأن يكون الاستقلال اقتصاديا فقط، على أن يتم التفاهم مع حكومة (رئيس الوزراء العراقي حيدر) العبادي لاحقا بشأن بقية التفاصيل".

بدوره، كشف عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، طارق جوهر، عن "وجود خلاف جديد في الاتحاد، فبينما تقف القيادية بالحزب، هيرو إبراهيم، زوجة زعيم الحزب، جلال طالباني، ضد إجراء الاستفتاء، يؤيده نائبا طالباني، وهما برهم صالح وكوسرت رسول".

وشدد جوهر على أن "الجبهة المؤيدة لإجراء الاستفتاء تدرك جيدا عدم وجود دعم له، وتعول على دول أخرى (لم يسمها)".

حصار دولي 

ووفق الخبير السياسي الكردي، هفال زاخوي، فإن رئيس الإقليم "مسعود بارزاني يعول كثيرا على المملكة العربية السعودية في دعم الاستفتاء والانفصال عن العراق، لرغبة المملكة في إيجاد دولة كردية سُنية موالية للرياض في مواجهة إيران"، التي تتمتع بنفوذ كبير في بغداد، حيث الحكومة، التي يغلب عليها الشيعة.

ومضى زاخوي قائلا إن "الشعب الكردي يفضل حل مشاكل الكهرباء ورواتب الموظفين، وتحسين واقع المواطنين المعيشي، بدلا من إجراء الاستفتاء، فضلا عن ارتفاع ثقافة المواطن الكردي، الذي يعتبر قضية الاستفتاء محاولة لشراء الأصوات الانتخابية".

ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الإقليم الكردي، في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ومستشرفا مرحلة ما بعد إجراء الاستفتاء، حذر النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، من احتمال أن "يواجه الأكراد حصارا دوليا بسبب الاستقلال عن بغداد".

واعتبر شنكالي أن "ردود الأفعال الرافضة لقرار استفتاء واستقلال الإقليم الكردي محليا ودوليا كانت متوقعة".

طالباني وبارزاني

ورغم أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني كان أحد أبرز الموقعين على اتفاق إجراء الاستفتاء، إلا أن رئيسة كتلته في البرلمان العراقي، آلا طالباني، قالت إن مسعود بارزاني "يمارس سياسة الاستغفال مع الأكراد".

ودعت طالباني بارزاني إلى "الالتزام بالدستور، واحترام الحكومة الاتحادية والبرلمان"، وحثت الجميع على "التعاون لإنهاء الأزمات التي يمر بها العراق".

أما حركة "التغيير" الكردية، وكانت أحد أبرز الغائبين عن الاجتماع الذي أفضى إلى تحديد موعد الاستفتاء، فاعتبرت قيادية فيها قرار الاستفتاء بأنه "لا يمثل إرادة جميع الكتل الكردية، وجاء تحقيقا لمصالح بارزاني".

وقالت النائبة عن الحركة في البرلمان العراقي، تافكة أحمد إن "بارزاني يحاول التشبث بالسلطة منفردا عبر قراراته، التي قد تودي بمصير الإقليم مستقبلا إلى المجهول".

رفض دولي

ودوليا، أعلنت كل من الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا وإيران وتركيا والاتحاد الأوربي رفضها إجراء الاستفتاء، وحذرت الأكراد من احتمال إشعال فتيل أزمة جديدة في المنطقة، فيما كانت إسرائيل الدولة الوحيدة التي دعمت إجراء استفتاء الانفصال.

واعتبرت واشنطن أن الاستفتاء سيصرف النظر عن الأولويات الأكثر أهمية، مثل هزيمة "داعش"، وطلبت من حكومة الإقليم تأجيل الاستفتاء، لكن الأخيرة ترفض.

فيما جددت موسكو دعوتها إلى "دعم وحدة أراضي العراق".

ودعا الاتحاد الأوروبي حكومة الإقليم إلى "المشاركة بحوار بناء مع الحكومة العراقية، والعمل على حل متفق عليه"، مشددا على أن "مصلحة الأكراد تتطلب التمسك بالوحدة الوطنية".

فيما تشدد أنقرة على أن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة.

وتعارض الحكومة العراقية إجراء الاستفتاء، وتقول إن أي قرار يتعلق بمصير العراق يجب أن لا يتخذ بمعزل عن الآخرين.

ونتائج استفتاء الشهر المقبل غير ملزمة، ما يعني أن السكان إذا صوتوا بنعم، فلن يفضي ذلك مباشرة إلى إعلان الانفصال عن العراق، حيث يعتزم زعماء الإقليم الكردي التفاوض مع بغداد للوصول إلى اتفاق انفصال.

 

التعليقات