الآلاف بالشوارع رفضًا لترشح بوتفليقة والمعارضة تدعو لمرحلة انتقالية

تجمع آلاف المتظاهرين، اليوم الجمعة، في العاصمة الجزائرية للأسبوع الثالث على التوالي، رافعين شعارات رافضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وذلك غداة تحذير الرئيس من "فوضى" و"فتنة"، ما يشير إلى رفضه التراجع عن ترشيحه.

الآلاف بالشوارع رفضًا لترشح بوتفليقة والمعارضة تدعو لمرحلة انتقالية

(أ ب)

تجمع آلاف المتظاهرين، اليوم الجمعة، في العاصمة الجزائرية للأسبوع الثالث على التوالي، رافعين شعارات رافضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وذلك غداة تحذير الرئيس من "فوضى" و"فتنة"، ما يشير إلى رفضه التراجع عن ترشيحه.

وبدأت التجمعات ظهرا، وكان رجال ونساء يرفعون أعلاما جزائرية أو يلتحفونها في ساحة البريد في وسط العاصمة، وسط مشاركة نسائية لافتة بالتزامن مع ذكرى اليوم العالمي للمرأة.

كما أظهرت فيديوهات نشرت على منصات التواصل الاجتماعي مسيرات واعتصامات في محافظات شرق ووسط وغربي البلاد على غرار عنابة وبجاية والبويرة ومدن أخرى. 

وبدت شوارع العاصمة صباحا قبل بدء التجمعات، خالية، كما هي الحال إجمالا في عطلة نهاية الأسبوع، ومعظم المتاجر مغلقة مع انتشار العديد من عربات الأمن.

وتمركزت عربات مكافحة الشغب بينها واحدة مزودة بمرش ماء لتفريق التجمعات، قرب الأماكن المعهودة لتجمع المتظاهرين، في حين حلقت مروحية للأمن في سماء العاصمة.                                                                     

قوى المعارضة تدعو إلى مرحلة انتقالية

ودعت قوى جزائرية معارضة، مساء الخميس، إلى تأجيل انتخابات الرئاسة المقررة في نيسان/ أبريل المقبل، وإقرار مرحلة انتقالية، وذلك في بيان مشترك لأحزاب وشخصيات معارضة، خلال اجتماع يعتبر الرابع من نوعه بمقر حزب "طلائع الحريات"، بالعاصمة الجزائر. 

يأتي ذلك بالتزامن مع حراك شعبي متصاعد ضد ترشح بوتفليقة، وبحسب البيان الذي تلاه علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات"، دعت المعارضة إلى "الدخول في مرحلة انتقالية، لتهيئة المناخ وتوفير الشروط القانونية لضمان حرية اختيار الشعب"، دون تحديد طبيعة هذه المرحلة ومن يسيرها. 

واعتبر أن "إجراء الانتخابات في ظل الظروف الحالية، ووفق الإطار الحالي، يمثل خطرا على استقرار البلاد"، وفي بيانها، أدانت قوى المعارضة "تعنت السلطة، وتجاهلها للمطالب، وإصرارها على فرض انتخابات مستفزة، والتضييق على الإعلام".

كما أعرب المجتمعون عن رفضهم لـ"أي تدخل أجنبي، وبأي شكل، في الشؤون الداخلية للجزائر"، في إشارة إلى بيانات سابقة للاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، تؤكد متابعتها لتطورات الوضع بالبلاد، وتدعو إلى "احترام التظاهر السلمي".

وحضر الاجتماع أهم وجوه المعارضة، وفي مقدمتهم رؤساء الحكومة السابقين؛ علي بن فليس، وأحمد بن بيتور، وسيد أحمد غزالي، إضافة إلى وزير الإعلام الأسبق عبد العزيز رحابي، وقادة أحزاب مثل عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم. 

كما حضرته أيضا، لأول مرة، مرشحة الرئاسة السابقة وزعيمة حزب "العمال"، لويزة حنون، وممثل عن حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظور، كمال قمازي، وشخصيات وممثلين عن أحزاب معارضة أخرى. 

تنظيم نقابي للقضاة يتمرد على بوتفليقة

أعلن تنظيم نقابي جديد يمثل القضاة في الجزائر، اليوم الجمعة، رفض الإشراف على اللجان البلدية والولائية للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في البلاد في 18 إبريل/نيسان المقبل، في حال استمر ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في وقت أعلن فيه قياديون كبار في حزب الرئيس استقالتهم من مناصبهم ودعهم للحراك الشعبي.

ونشر التنظيم النقابي الجديد بياناً وزعه على الصحافيين، قال فيه إن "القضاة الشرفاء يرفضون الإشراف القضائي على الانتخابات الرئاسية المقبلة يوم 18 إبريل وعدم تأطيرها، إذا لم يتم وقف مسار الانتخابات العبثي الذي يراد فرضه على الجزائريين".

واعتبر القضاة في بيانهم، أن "الإصرار على ترشيح الرئيس بوتفليقة، وفي خضم الحراك الشعبي الواسع الرافض للعهدة الخامسة، يجعلهم أمام مسؤوليات تاريخية وأخلاقية، تفرض عليهم انطلاقاً من ضميرهم المهني، واجب التخلي عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية، خدمة لكرامة القضاة ولمصلحة الشعب الجزائري"، مؤكدين "نيتهم" الامتناع عن "تأطير أو الإشراف على العملية الانتخابية حال الإصرار عليها، بما يخالف إرادة الشعب الجزائري، الذي هو مصدر السلطة لوحده". 

ويفرض قانون الانتخابات إشراف قاضٍ على اللجان البلدية الـ1541 والولائية الـ48 في أي انتخابات تجري في الجزائر، لمراقبة سلامة العملية الانتخابية، لكن السلطات كانت تعمد لاحقاً إلى التلاعب في النتائج.

انتقد القضاة الممارسات التي أسسها نظام بوتفليقة، حيث ظلّ "شعار دولة القانون الذي رفع كشعار في عدد من المحطات خرافة تخفّى وراءها محترفو النصب والكذب بتوظيفهم للقانون بما يخدم مصالحهم، أو الدوس عليه عندما يتعارض مع نزواتهم".  

وأعلن القضاة التمرد والانحياز لصالح الشعب الجزائري "الذي نصدر أحكامنا باسمه، أننا جزء منه ونتخندق معه في السراء والضراء، ولن تمنعنا القيود التعسفية التي فرضت علينا، من التعبير عن هذا الموقف، ونعلن هنا أن مخالفة الدستور بشكل صارخ استخفاف بذكاء وفطنة المجتمع الجزائري بكل أطيافه".  

ودعت الهيئة القضائية مجموع قضاة الجمهورية الشرفاء إلى "الالتحاق بمسعانا الرامي لاسترداد هيبة العدالة المهانة وتنظيم وقفات أمام الجهات القضائية، لنعلن أننا من الشعب وللشعب".

ويعد تمرد القضاة على السلطة السياسية سابقة في تاريخ القضاء الجزائري، خاصة أن النقابة التمثيلية الحالية للقضاة ضعيفة وموالية للسلطة، مثل أغلب المنظمات المهنية التي هيمنت عليها السلطة.

بوتفليقة مصر على الترشح

وحذر بوتفليقة (82 عاما)، في رسالة بمناسبة عيد المرأة العالمي من "الفتنة" و"الفوضى"، وهو لا يزال في سويسرا منذ عشرة أيام لإجراء "فحوصات دورية"، ولم يعلن موعد عودته.

ودعا في رسالته "إلى الحذر والحيطة من اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية (...) قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات".

وتؤكد الرسالة عمليا أن رئيس الدولة الذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها في 2013، لا ينوي التخلي عن الترشح لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل/ نيسان.

لكن لا يبدو أيضا أن المحتجين ينوون التراجع عن مطالبهم، رغم تحذيرات بوتفليقة الذي يدعي أنصاره أنه الضامن للسلم الاجتماعي ومنقذ البلاد من "العشرية السوداء" ومن موجة اضطرابات نسبوها لثورات "الربيع العربي"، وهي مخاطر ذكر بها مرارا المعسكر الرئاسي منذ أن بدأت في 22 شباط/ فبراير الماضي، حركة الاحتجاج التي لا سابق لها ضد بوتفليقة منذ انتخابه رئيسا في 1999، إلا أن هذه التحذيرات لم تضعف مستوى التعبئة.

وقال سائق سيارة أجرة مساء الخميس، إن القادة "لن يتراجعوا بسهولة، لكن نحن أيضا لن نتراجع". ويتحدث جزائريون علنا وبكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن الاحتجاج وعن نفاذ صبرهم ومشاركتهم في التظاهرات.

وأضاف سائق سيارة الأجرة "في الحي الذي أقطنه، كان أقل من نصف السكان يتظاهرون في 22 شباط/ فبراير، وفي الأول من آذار/مارس، (...) اليوم يقول كل السكان إنهم سيتظاهرون".

وخلال الأيام القليلة الماضية، انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي وسم (هاشتاغ) "#حراك_8_مارس"، الداعي إلى تعبئة كبيرة في كل المناطق الجزائرية.

كما انتشرت عبر الإنترنت "التوصيات الـ 18 لمتظاهري الثامن من مارس" التي تؤكد على الطابع السلمي للتظاهر وتدعو المحتجين الى جعل يوم الجمعة "يوم احتفال" والتزود "بالمحبة والإيمان والأعلام الجزائرية والورود".

وبين هذه الوصايا التي وضعها الشاعر والكاتب لزهاري لبتر، "سلميا وبهدوء سأسير" و"لن أرد على أي استفزاز" و"سأعزل المخربين وأسلمهم للشرطة" و"لن أرمي حجارة واحدة ولن أكسر زجاجا واحدا" و"بعد المسيرة (...) سأنظف" الشوارع.

كما تمّ عبر شبكات التواصل الاجتماعي تنظيم مجموعات "الشارات الخضراء" المؤلفة من متطوعين يتولون على الأرض توجيه المحتجين وتأطيرهم، لتجنّب كل تدافع وتقديم الإسعافات الأولية، خصوصا في حالة إطلاق غاز مسيل للدموع، ثم تنظيف الشوارع بعد التظاهرات.

وفي بعض الأحياء على مشارف العاصمة، نظم أصحاب سيارات عمليات نقل لمن يرغبون بالتظاهر في وسط العاصمة، بسبب توقف عمل بعض خطوط المترو والترامواي (القطار الخفيف)، الجمعة.

 

التعليقات