هل تلجأ المعارضة السودانية للسيناريو الفنزويلي؟

فيما يواصل السودانيون اعتصامهم أمام مقرات الجيش والقوى الأمنية، ترجح التوقعات أن تسير المعارضة (قوى إعلان الحرية والتغيير)، على غرار نظيرتها في فنزويلا، وتطالب العالم بالاعتراف بمجلس رئاسي مدني كممثل شرعي وحيد للشعب السوداني.

هل تلجأ المعارضة السودانية للسيناريو الفنزويلي؟

أعلنت المعارضة السودانية، مساء الأحد، إرجاء الإعلان عن مجلس رئاسي مدني يضطلع بالمهام السيادية بالدولة خلال المرحلة الانتقالية، لعقد قوى إعلان الحرية والتغيير المزيد من المشاورات للتوافق حول الأسماء المطروحة، فيما أعلنت تعليق التعاون مع اللجنة السياسية للمجلس العسكري الانتقالي، واتهموها بأنها تتألف من "بقايا" النظام السابق.

وأكد المتحدث باسم "تجمع المهنيين السودانيين"، خلال مؤتمر جماهيري عقد مساء الأحد، الاستمرار في الاعتصام وتعليق التفاوض مع المجلس العسكري والتصعيد الدوري في الشارع حتى تسليم السلطة كاملة.

وشدد المتحدث باسم "التجمع"، محمد الأمين، على أنه "من اليوم ستكون مواجهتنا مع المجلس العسكري، فدور القوات المسلحة ليس الحكم، ولن نعترف بأي سلطة انقلابية أو عسكرية".

وتضم قوى "إعلان الحرية والتغيير" كلاً من "تجمع المهنيين"، وتحالفات "نداء السودان"، و"الإجماع الوطني"، و"التحالف الاتحادي المعارض"، و"قوى المجتمع المدني".

ويأتي ذلك فيما يواصل السودانيون اعتصامهم أمام مقرات الجيش والقوى الأمنية، وسط توقعات ترجح أن تسير المعارضة (قوى إعلان الحرية والتغيير)، على غرار نظيرتها في فنزويلا، وتطالب العالم بالاعتراف بهذا المجلس كممثل شرعي وحيد للشعب السوداني.

ولا تزال طبيعة الجهة التي ستقود المرحلة الانتقالية بعد عزل عمر البشير، في 11 نيسان/ أبريل الجاري، نقطة الخلاف الرئيسية بين قادة الجيش والقوى السياسية المنظمة للاحتجاجات.

وبينما شكل قادة الجيش مجلس انتقاليا من 10 عسكريين، رئيس ونائب وثمانية أعضاء، لقيادة مرحلة انتقالية حدد مدتها بعامين كحد أقصى طارحا على القوى السياسية إمكانية ضم بعض المدنيين له، مع الاحتفاظ بالحصة الغالبة، تدفع الأخيرة باتجاه ما تسميه مجلسا مدنيا رئاسيا تكون فيه الغلبة للمدنيين، ويضم بعض العسكريين.

وكانت جميع التوقعات تصب في خانة إعلان المعارضة السودانية عن أسماء المجلس الرئاسي المدني، خلال مؤتمرها الصحافي الذي عقد مساء الأحد، غير أنها آثرت إرجاء الإعلان لمزيد من التشاورات، مشددة على أن "قوى إعلان الحرية والتغيير، ستملأ كل المناصب في المجلس الرئاسي والحكومة.

ويتوقع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، عبد الله رزق، أن تسارع ب"مطالبة العالم بالاعتراف به (المجلس الرئاسي المدني) على غرار ما فعلته قوى المعارضة في فنزويلا".

لجوء متوقع إلى السيناريو الفنزويلي، الذي ربما يتشابه فقط في فكرة طلب الاعتراف من الخارج، لكن يختلف كثيرا في المعطيات على الأرض.

ففي كراكاس لجأ زعيم المعارضة خوان غوايدو، إلى إعلان نفسه "رئيسا مؤقتا" للبلاد إثر تشكيكه في نتائج انتخابات خسرها أمام الرئيس نيكولاس مادورو، العام الماضي، فيما تسعى المعارضة السودانية إلى وضع المجلس العسكري الانتقالي أمام الأمر الواقع بعدما فرض نفسه قائدا للمرحلة الانتقالية إثر عزل البشير.

وبينما تدفع المعارضة باتجاه نزع السلطة وإعادتها للمدنيين، يواصل المجلس العسكري لقاءات مع قوى سياسية ومدنية، بينها أحزاب كانت مشاركة في "حكومة الوحدة الوطنية" السابقة، التي شكلها البشير قبل حلها، وذكر أن الغرض من هذه اللقاءات هو "الانفتاح على جميع مكونات الساحة السياسية دون إقصاء".

ودخل رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري، في اجتماع مطول، ظهر السبت، مع علي الحاج محمد، الأمين العام لـ"المؤتمر الشعبي" (كان مشاركا في حكومة الوحدة الوطنية) وكذلك مع ائتلاف أحزاب "الجبهة الوطنية للتغيير" التي يترأسها غازي صلاح الدين، رئيس "حركة الإصلاح الآن". كما التقى، الأحد، بوفد من الدعاة والأئمة، مؤكدا عزمه تسليم السلطة إلى حكومة مدنية يتوافق عليها شعب السودان.

لكن رزق، يعتبر أن تحركات المجلس العسكري "تأتي في سياق المناورة لإرهاق القوى المعارضة المنظمة للاحتجاجات وبث الخلاف بين مكوناتها"، رغم تطمينات عديدة قدمها المجلس العسكري للقوى السياسية بأنه غير طامع في السلطة وتأكيده على أنه سيسلمها لحكومة مدنية في أقرب وقت.

ومتفقا مع زرق، قال المحلل السياسي والمؤرخ السوداني عمرو محمد عباس، إن المجلس العسكري "يناور ويبحث له عن دعم سياسي يؤهله للاستمرار في الحكم".

يذكر أن توجه المعارضة لاقى ترحيبًا واسعًا لدى المحتجين في محيط القيادة العامة للجيش، حيث يتواصل اعتصام آلاف السودانيين للمطالبة بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، تنفذ مطالب الثورة، وأهمها تصفية الدولة العميقة التي خلفها سقوط نظام البشير ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد وقتل المتظاهرين والتنكيل بالمعارضين، فضلًا عن القيام بإصلاحات واسعة في الاقتصاد لتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وتثبيت أركان دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان.

 

التعليقات