الشارع الجزائري يواصل الحراك و"توفر الأدلة لإدانة رموز الفساد"

تظاهر الطلاب والأساتذة مجدّدا، اليوم الثلاثاء، في العاصمة الجزائرية لتأكيد رفضهم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من تموز/يوليو والمدعومة من رئيس أركان الجيش الذي حذر المحتجين من "أصحاب المخططات الخبيثة".

الشارع الجزائري يواصل الحراك و

(أ ب)

تظاهر الطلاب والأساتذة مجدّدا، اليوم الثلاثاء، في العاصمة الجزائرية لتأكيد رفضهم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من تموز/يوليو والمدعومة من رئيس أركان الجيش الذي حذر المحتجين من "أصحاب المخططات الخبيثة".

وفي العاصمة الجزائرية، انتشرت الشرطة بكثافة لمنع الطلاب من التجمع على درج البريد المركزي، نقطة التجمع الرمزية للمحتجين في وسط العاصمة، ومن التوجه إلى المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) والمحكمة، وفق المسار المعد للمسيرة.

وقرر المتظاهرون بعد ذلك التوجه نحو قصر الحكومة حيث مقر رئيس الوزراء ووزارة الداخلية وسط طوق أمني كبير.

وأمام المبنى الذي طوقته الشرطة، اندلعت اشتباكات مع عناصرها الذين استخدموا الهراوات والغاز المسيل للدموع لصد الطلاب، فعادوا أدراجهم لمواصلة التظاهر قرب ساحة البريد المركزي حتى تفرقوا منتصف الظهيرة.

وردّد الطلاب شعارات "لا للانتخابات يا عصابات" و"دولة مدنية، وليس عسكرية"، غداة خطاب رئيس أركان الجيش، الفريق قايد صالح، الذي رفض، الإثنين أي تأجيل للانتخابات أو رحيل كل رموز النظام الموروث من عشرين سنة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استقال في 2 نيسان/ أبريل.

كما وردّد الطلاب شعارات ضد قايد صالح مثل "جيش شعب خاوة خاوة (إخوة) وقايد صالح مع الخونة" و"قايد صالح إرحل".

وتظاهر الطلاب أيضا في العديد من المدن الجامعية الجزائرية مثل قسنطينة ووهران ثاني وثالث مدن البلاد، وأيضا في بجاية وتيزي وزو وبويرة بمنطقة القبائل وسط البلاد وفي سطيف وسيدي بلعباس ومستغانم وتلمسان (غرب).

وبعدما بات الرجل القوي في الدولة منذ استقالة بوتفليقة، دعا الفريق أحمد قايد صالح الجزائريين، الثلاثاء، إلى التحلي بـ"اليقظة" ووضع "يدهم في يد جيشهم" وحذرهم من "أصحاب المخططات الخبيثة" الذين يسعون إلى "التسلل" وسط الحركة الاحتجاجية التي لم تهدأ منذ 22 شباط/ فبراير.

وقال في خطاب خلال زيارة لورقلة (جنوب البلاد) نشره موقع وزارة الدفاع، إن "على الشعب الجزائري أن يتحلى بيقظة شديدة وأن يضع يده في يد جيشه، وأن لا يسمح لأصحاب المخططات الخبيثة التسلل بين صفوف الشعب".

توفير أدلة كافية لإدانة رموز نظام بوتفليقة بقضايا فساد

ودافع قايد صالح الثلاثاء عن حملة محاربة الفساد التي بدأت مباشرة بعد استقالة بوتفليقة، واستهدفت رجال أعمال ومسؤولين سياسيين مقريبين من الرئيس السابق.

وأكد صالح، أن الجيش والعدالة يملكان الأدلة الكافية لإدانة رموز الفساد، داعيًا الشعب إلى التعاون مع الجيش، حتى حلّ الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، وقال صالح، في رسالة ثانية نشرتها وزارة الدفاع الجزائرية خلال اليوم الثالث لزيارته إلى المنطقة العسكرية الرابعة بورقلة جنوبي البلاد، إن حملة مكافحة الفساد "ترتكز على أسس صلبة ومبنية على معلومات دقيقة وصحيحة ومؤكدة، وتستند إلى ملفات ثابتة القرائن، ملفات عديدة وثقيلة، بل وخطيرة"، مشيرًا إلى أن إطلاق حملة مكافحة الفساد واعتقال كبار رجال الأعمال والمتورطين "أزعج العصابة وأثار الرعب لديها، فسارعت إلى محاولة عرقلة جهود الجيش وجهاز العدالة".

ويقصد قايد صالح بمن يصفهم "رؤوس العصابة"، الشخصيات الثلاث، السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل، والقائد الأسبق لجهاز الاستخبارات الفريق، محمد مدين، والقائد السابق لنفس الجهاز الجنرال بشير طرطاق، والموقوفين منذ الخامس أيار/ مايو الجاري، في السجن العسكري بالبليدة قرب العاصمة الجزائرية، إضافة إلى ملاحقة القضاء العسكري لقيادات عسكرية وألوية سابقين، وقائد الدرك السابق مناد نوبة.

وشدد صالح على أن عمليات مكافحة الفساد تستلزم "رصد وتفكيك كافة الألغام المزروعة في مختلف مؤسسات الدولة وقطاعاتها"، بهدف إنجاز "التحدي الكبير المتمثل في محاربة الفساد الذي أصبحت له امتدادات سياسية ومالية وإعلامية ولوبيات متعددة متغلغلة في مؤسسات البلاد"، مثمناً في السياق جهود جهاز العدالة، وحاثاً الشعب الجزائري على "التحلي بيقظة شديدة، وأن يضع يده في يد جيشه، وألا يسمح لأصحاب المخططات الخبيثة بالتسلل بين صفوف الشعب مهما كانت الظروف والأحوال".

وأطلق القضاء الجزائري حملة ملاحقة شملت كبار رجال أعمال كانوا مقربين من محيط الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بينهم زعيم الكارتل المالي علي حداد، المتابع في جرائم فساد والحصول على امتيازات صفقات غير قانونية، كما شملت الملاحقات اثنين من رؤساء الحكومات السابقين، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وثمانية وزراء في حكومات سابقة، ثلاثة منهم ينتظر القضاء رفع الحصانة النيابية عنهم، وهم وزيرا التضامن السابقان السعيد بركات وجمال ولد عباس، ووزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول، لبدء ملاحقتهم بتهم الفساد ومنح امتيازات غير مشروعة والحصول عليها.

وكان رئيس أركان الجيش رفض في خطاب له ألقاه يوم أمس، الإثنين، المطلبين الرئيسيين للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في 22 شباط/ فبراير، وهما تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع تموز/ يوليو، ورحيل كل رموز "النظام" الموروث من عشرين سنة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المستقيل في 2 نيسان/ أبريل الماضي.

واعتبر أن "إجراء الانتخابات الرئاسية، يمكّن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب". كما اعتبر أن "ذوي المخططات المريبة" يستخدمون المسيرات "للمطالبة بالرحيل الجماعي لكافة إطارات الدولة بحجة أنهم رموز النظام، وهو مصطلح غير موضوعي وغير معقول، بل خطير وخبيث".

وقال إن ذلك تطلب "رصد وتفكيك كافة الألغام المزروعة في مختلف مؤسسات الدولة وقطاعاتها" بالارتكاز على "معلومات صحيحة ومؤكدة".

ويخشى مراقبون أن يكون الهدف من هذه الحملة تحقيق غرضين: تقديم "قرابين" لإرضاء الحركة الاحتجاجية التي أحد شعاراتها "أكلتوا البلد أيها اللصوص"، والتخلص من رموز الفريق المعارض في إطار صراع عُصب.

 

التعليقات