"عون تجنب مواجهة المحتجين مباشرة.. لا يعوّل عليه"

رغم أن الرئيس اللبناني، ميشال عون، أبدى استعداده للقاء ممثلين عن المتظاهرين الذين يشلون البلاد منذ أسبوع، احتجاجًا على أداء السلطات، إلا أن دعوته لم تلق آذانًا صاغية في الشارع المتمسك برحيل الطبقة السياسية مجتمعة.

(أ ب)

رغم أن الرئيس اللبناني، ميشال عون، أبدى استعداده للقاء ممثلين عن المتظاهرين الذين يشلون البلاد منذ أسبوع، احتجاجًا على أداء السلطات، إلا أن دعوته لم تلق آذانًا صاغية في الشارع المتمسك برحيل الطبقة السياسية مجتمعة.

وقبل أن ينهي الرئيس اللبناني خطابه للشعب، في اليوم الثامن على بدء الاحتجاجات، انطلقت هتافات استهجان بساحات المظاهرات، كما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقاد.

وفيما رحب رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، في تغريدة له على "تويتر"، بالخطاب وما وصفه بـ"دعوة رئيس الجمهورية إلى ضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي من خلال الآليات الدستورية المعمول بها"، استهجن المحتجون الخطاب كونه جاء مسجلاً، وفق قولهم، معتبرين أن كل خطاب مسجل "لا يعول عليه".

بدروه، اعتبر الإعلامي في قناة "إم تي في" اللبنانية الناشط محمد دنكر، والمشارك في الاعتصام ببيروت، أن خطاب عون كان "ضعيفًا وواهيًا"، بل "وأضعف فرص الرئيس بالبقاء في منصبه".

فيما وصفه الصحافي غسان فرّان، المشارك في اعتصام طرابلس (مال)، بـ"أسوأ خطاب سمعه في حياته"؛ وأضاف "قررت أن أؤجل نزولي إلى الشارع لأستمع إلى الخطاب، لكني فوجئت بمدى انفصاله عن الواقع، ولن نغادر الشارع قبل أن يرحل الرئيس شخصيًا".

في حين، قال الناشط سالم الغوش، وهو أحد منظمي الاعتصام في منطقة برجا بقضاء الشوف وسط لبنان، إن الخطاب "كان متوقعًا"؛ وأكّد أن هذه الكلمة "حفّزتنا كي نبقى في ساحات الاعتصام حتى رحيل آخر رمز من رموز هذا النظام".

من جهته، غرّد الكاتب الصحافي وسام سعادة، عبر صفحته على "تويتر": "الخطاب، من الناحية المنطقية: أنا مغلوب على أمري، لكني أعدكم. أنا مغلوب على أمري وأعدكم، لكن بلا شيء. أنا مغلوب على أمري ولا أعدكم بشيء".

من جانب آخر، انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقات ساخرة تطرقت إلى أن الخطاب الذي ألقاه عون "مسجل، ولم يوجهه بشكل مباشر"، وفق ما كانت الرئاسة اللبنانية قد قالت عبر حسابها بـ"تويتر"، علمًا بأن تلفزيون لبنان الرسمي وسم الشاشة خلال إلقاء الخطاب بـ"مباشر".

وكتب نور حجار، وهو مقدم فقرات كوميدية "stand up comedian": "بدنا نشوف الـbloopers!" (نريد أن نرى أخطاء التصوير)؛ أما الناقد السينمائي خليل حنون، فكتب عبر "فيسبوك": "كل خطاب مليء بالقفزات الممنتجة لا يعوّل عليه".

من ناحيتها، قالت الصحافية يمنى فوّاز، عبر تويتر: "خطاب ضعيف، أداء ضعيف، ومونتاج ضعيف، محتوى لا يليق بما تمر به البلاد ويستحق الشعب جدية أكثر، ورئيس يستطيع إدارة البلاد وأن يخطب مباشرة، لا رئيس لا يقوى على المباشر!".

وقالت الصحافية في صحيفة "العربي الجديد"، هنا نخال، عبر "تويتر": "طيب اللي (الذي) عمل المونتاج لخطاب ميشال عون أكبر دليل على الفساد والمحسوبيات".

وأضافت: "الرئيس ميشال عون وتياره عنده أكبر كتلة وزارية، وأكبر كتلة نيابية، وتولى التعيينات بمحسوبية في القضاء والجيش وقطاعات أخرى، ويتحجج في خطابه بعرقلة الإصلاحات".

ولم تهدأ وتيرة التظاهر رغم إعلان الحريري سلسلة إجراءات أقرتها حكومته على عجل، الإثنين الماضي، وتتضمن خفضًا بنسبة النصف لرواتب المسؤولين، وتقديمات ووعود بإصدار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وغيرها. لكن الشارع ردّ بالرفض لعدم ثقته بقدرة الحكومة التي لطالما وعدت ولم تف، على التنفيذ.

السلطات غير قادرة على احتواء غضب الشارع

ورغم إقرار السلطات الخطة التي تشمل "إصلاح جذرية"، كما وصفتها الحكومة، إلا أنها لم تتمكن من احتواء غضب الشارع الناقم على الطبقة السياسية، وسوء إدارتها للأزمات الاقتصادية، وفسادها، وعجز الحكومات المتلاحقة عن تحسين البنى التحتية والخدمات الرئيسية.

ولا تستثني الهتافات والشعارات التي يرددها المتظاهرون زعيمًا أو مسؤولًا، لا سيما رئيس التيار الوطني الحر الذي أسسه عون، جبران باسيل، وهو صهر عون ورئيس التيار الحالي ووزير الخارجية.

ويتعرض فريق الرئيس المتحالف مع "حزب الله"، لانتقادات واسعة بالمحسوبية والصفقات المشبوهة على حساب الخزينة وعدم تنفيذ أي من الوعود لتأمين حاجات الناس الأساسية.

وكان المتظاهرون قد بدأوا منذ ساعات الصباح الأولى، اليوم، بقطع الطرق داخل بيروت والمداخل المؤدية إليها وفي مناطق عدة، وتجمعوا تدريجيًا في النقاط المركزية للحراك.

وعمد عدد منهم في وقت مبكر إلى قطع طرق رئيسية، وحتى داخلية، في محاولة لمنع آخرين من الالتحاق بمراكز عملهم والإبقاء على شل البلاد، حيث المدارس والجامعات والمصارف مقفلة لليوم الثامن على التوالي.

جنبلاط: الحل في تعديل حكومي ثم انتخابات نيابية

من جانبه، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، إن أفضل حلّ للأزمة يكمن في "الإسراع في التعديل الحكومي، والدعوة لاحقا إلى انتخابات نيابية وفق قانون عصري لا طائفي". 

وجاء تصريح جنبلاط عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، في أول تعليق على خطاب عون، الذي ألقاه ظهر اليوم، وأضاف جنبلاط: "نحن في نفس هذا المركب الذي يغرق ونشاطره الخوف من الانهيار الاقتصادي".

وأرجأ جنبلاط مؤتمرًا صحفيًا كان مقررًا في وقت لاحق، اليوم، في منزله بمحافظة جبل لبنان، حتى إشعار آخر، دون توضيح سبب التأجيل، وذلك حسب جريدة الأنباء الإلكترونية التابعة للحزب الاشتراكي.

استمرار إغلاق البنوك

يأتي ذلك فيما أعلنت "جمعّية مصارف لبنان"، اليوم، أن البنوك ستظل مغلقة يوم الجمعة، نظرًا للاحتجاجات التي تشهدها البلاد. وقال بيان من مجلس إدارة الجمعّية نشرته الوكالة الوطنيّة للإعلام: "في ظل استمرار الأوضاع الأمنية المضطربة وإقفال معظم الطرق، وحرصا على سلامة العملاء وموظفي القطاع وممتلكاته، تبقى أبواب المصارف مقفلة يوم غد الجمعة 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2019".

وجاء في البيان أيضًا: "تؤكد الجمعية أن عمل المصارف سوف يقتصر على تأمين رواتب الأُجَراء والمستخدمين والموظفين نهاية الشهر الجاري من خلال أجهزة الصراف الآلي المنتشرة في مختلف الأراضي اللبنانية".

وشدد مجلس الإدارة على أولويّة وإلحاحيّة الوصول إلى حل سياسي ناجع للأزمة الراهنة. كما طمأنت الجمعية، المواطنين بأن "المصارف جاهزة لاستئناف أعمالها كالمعتاد فور استقرار الأوضاع".

 

التعليقات