العراق: اتساع رقعة الاحتجاجات والصدر ينضم للمتظاهرين

انضم رجل الدين النافذ، مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، إلى عشرات آلاف المتظاهرين في العراق المطالبين بـ"إسقاط الحكومة"، معززًا الضغط على السلطات التي تواجه حركة احتجاجية واسعة، سجلت نحو 250 قتيلًا في محاولة لقمعها.

العراق: اتساع رقعة الاحتجاجات والصدر ينضم للمتظاهرين

(أ ب)

انضم رجل الدين النافذ، مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، إلى عشرات آلاف المتظاهرين في العراق المطالبين بـ"إسقاط الحكومة"، معززًا الضغط على السلطات التي تواجه حركة احتجاجية واسعة، سجلت نحو 250 قتيلًا في محاولة لقمعها.

وأعلن زعيم التيار الصدري انضمامه إلى المتظاهرين في محافظة النجف، جنوبي العراق، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي؛ وقال المكتب الإعلامي للصدر، في بيان مقتضب: "مقتدى الصدر، ينضم للمتظاهرين في ساحة الصدرين، بالنجف الأشرف".

وفي وقت سابق من الثلاثاء، كشف مصدر سياسي، عن عودة الصدر إلى العراق وتحديدا إلى النجف، قادما من إيران مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في البلاد؛ وأوضح المصدر، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن الصدر، يريد أن يبقى قريبا من الأحداث المتسارعة، إذ من الممكن أن تشهد البلاد تطورات سياسية قريبًا؛ وامتنع المصدر عن الكشف عن طبيعة تلك التطورات.

ويأتي ذلك بعد يوم من دعوة وجهها الصدر إلى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي للذهاب إلى البرلمان للإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة بإشراف الأمم المتحدة؛ ورد عبد المهدي، على الصدر، الثلاثاء، بالقول، إن "إجراء انتخابات مبكرة غير ممكن إلا إذا حلّ البرلمان نفسه".

كما عبر عبد المهدي، عن استعداده للاستقالة إذا اتفق الصدر مع زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، على تشكيل حكومة جديدة، متحدثا بذلك لأول مرة عن إمكانية استقالة حكومته؛ فيما يواجه رئيس الوزراء العراقي ضغوطا متزايدة مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب وهي معقل الشيعة في العراق.

ومنذ بداية الحراك الشعبي الحاشد، أكد المتظاهرون على رفضهم أي محاولة لركوب الموجة سياسيًا، والإبقاء على طابعها الشعبي المطلبي وصولًا إلى تغيير الدستور وكل الطبقة الحاكمة المحتكرة للمناصب منذ سقوط النظام السابق، عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

إضرابات واعتصامات مع اتساع دائرة الاحتجاجات في العراق

واتسعت دائرة الاحتجاجات الثلاثاء في العراق، بتظاهرات طلابية واعتصامات في جنوب البلاد، بعدما كسرت بغداد الليلة الماضية، بالسيارات والأبواق والأناشيد، حظر التجول الذي فرضه الجيش، وتخللت الاحتجاجات منذ يوم الجمعة أعمال عنف واسعة خلفت 80 قتيلًا على الأقل وإصابة آلاف آخرين بجروح.

وشهدت مدينة كربلاء، التي تبعد نحو مئة كيلومتر إلى جنوب بغداد، ليلة احتجاجات عنيفة، إذ أفادت مصادر صحافية بسماع إطلاق رصاص حي في محيط مبنى مجلس المحافظة، فيما أعلنت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان عن مقتل متظاهر.

وأكدت دائرة الطب العدلي في كربلاء مقتل شخص برصاصة في الرأس وأخرى في الصدر، فيما نفى المسؤولون في المحافظة سقوط أي قتيل.

وفي أنحاء أخرى من البلاد، طالب عشرات الآلاف من المتظاهرين لليوم السادس على التوالي بـ"إسقاط النظام" ووضع دستور جديد، وإنهاء نظام تأسس قبل 16 عامًا إثر الغزو الأميركي، ويقول العراقيون إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.

ومنذ بداية الحراك الشعبي في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر في العراق، احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قتل 240 شخصا وأصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص الحي.

وتعتبر هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث؛ حيث بدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولًا حتى إلى رجال الدين.

وشهدت التظاهرات المطلبية أيضًا سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلًا في الموجة الأولى منها بين الأول والسادس من تشرين الأول/أكتوبر، و83 قتيلًا حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت ليلة الخميس الجمعة الماضية.

وبدت الموجة الثانية أكثر كسرًا للحواجز. ففي المحافظات الجنوبية العشائرية المحافظة، شارك عدد كبير من النساء بالاحتجاجات، كما امتنع آلاف الطلاب والطالبات عن الذهاب إلى المدارس، فيما أقفلت جميع الدوائر في الحلة والديوانية والكوت والناصرية، بحسب مصادر صحافية.

والتحقت نقابات مهن مختلفة بينها نقابة المعلمين ونقابة المحامين، التي اعلنت إضرابا لمدة أسبوع، ونقابة المهندسين ونقابة أطباء الأسنان بالاحتجاجات، رغم الإجراءات الأمنية التي تعرقل الوصول الى أماكن الاعتصامات والتظاهرات.

وتوافدت حشود المتظاهرين صباح اليوم، إلى ساحة التحرير في وسط بغداد، والتي يحتلها المحتجون منذ مساء الخميس، وعلت الهتافات ضد حكومة المهدي.

والليلة الماضية، كسر العراقيون حظر التجول الليلي الذي فرضته السلطات في بغداد لست ساعات يوميًا، وخرج الآلاف سيرًا وبسياراتهم، مطلقين العنان للأبواق والأناشيد.

وقال متظاهر ارتدى قناعا يقيه من الغاز المسيل للدموع، رافضًا كشف اسمه: "نحن في العراق نقول الممنوع مرغوب. الساعة الثالثة فجرًا قالوا إنهم سيفضون التحرير، وكل الناس أتت".

وتواصل القوات الأمنية إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لثني المتظاهرين المتواجدين في ساحة التحرير، عن التقدم باتجاه المنطقة الخضراء القريبة، التي تضم المقار الحكومية والسفارات.

وأشار متظاهر آخر يضع كوفية على كتفيه ويلف على خصره علمًا عراقيًا إلى أن "ساحة التحرير لن تفرغ، حتى يحصل التغيير".

وقالت امرأة ترتدي حجابًا أسود اللون وبيدها علم عراقي "لا نريد هذه الحكومة بعد. نريد حكومة انتقالية وتغيير الدستور" بدلًا من الدستور الحالي الذي وضع في العام 2005 بإشراف أميركي.

ويرى مراقبون أن المهدي، المستقل غير المدعوم حزبيًا أو شعبيًا، لا يزال رهينة زعماء الأحزاب التي أتت به إلى السلطة ويتهمها المحتجون بالتقصير في توفير الوظائف والخدمات، وبملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 450 مليار دولار في 16 عامًا، بحسب أرقام رسمية.

وصوت مجلس النواب خلال جلسة عقدت أمس، الإثنين، بالإجماع، لتشكيل لجنة تعديل الدستور، وإلغاء جميع امتيازات المسؤولين الكبار في محاولة لتهدئة الاحتجاجات الغاضبة ضد الطبقة الحاكمة في البلاد.

لكن ذلك لم يقنع المتظاهرين في الديوانية مثلًا (200 كيلومتر جنوب بغداد)، بل زادهم غضبًا، وشهدت مدن مختلفة تظاهرات طلابية حاشدة، بينها الكوت والديوانية والناصرية والحلة والعمارة وميسان والبصرة في وسط وجنوب البلاد. وتمثل فئة الشباب 60 في المئة من سكان العراق، وتعاني من البطالة.

ومن المفترض أن يلتئم البرلمان مجددًا في وقت لاحق اليوم، وسط استقالة أربعة نواب، واعتصام مفتوح بدأه نواب كتلة "سائرون" التي يتزعمها الصدر، "إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يُطالب بها الشعب العراقي".

 

التعليقات