رغم قمع القوات الأمنية: الحراك الشعبي يستعيد زخمه في العراق

قتل متظاهر برصاص قوات الأمن العراقية، عصر اليوم، فيما استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي، لتفريق متظاهرين احتشدوا نهار اليوم، في العاصمة بغداد والمدن المركزية في جنوب البلاد، لليوم الثاني على التوالي، ما أثار مواجهات مع المحتجين العازمين على المواصلة

رغم قمع القوات الأمنية: الحراك الشعبي يستعيد زخمه في العراق

(أ ب)

قتل متظاهر برصاص قوات الأمن العراقية، عصر اليوم، الأحد، فيما استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي، لتفريق متظاهرين احتشدوا نهار اليوم، في العاصمة بغداد والمدن المركزية في جنوب البلاد، لليوم الثاني على التوالي، ما أثار مواجهات مع المحتجين العازمين على مواصلة حراكهم.

وتجدد العنف في العاصمة بغداد والمدن الجنوبية هذا الأسبوع، مع مقتل أكثر من 15 شخصًا، في الوقت الذي كثف فيه الناشطون المناهضون للحكومة، عمليات إغلاق الطرقات والاعتصامات، فيما سعت قوات الأمن إلى إنهاء الحراك.

وقتل أربعة متظاهرين في العراق، أمس السبت، بينما أعادت السلطات فتح ساحات وشوارع في بغداد ومدن جنوبية بحسب ما أفادت مصادر صحافية وأكّدته الحكومة، ما أثار مخاوف المحتجين من اتساع الحملة وفض الاحتجاجات المطلبية المستمرة منذ نحو أربعة أشهر.

لذلك، عاد المحتجون بأعداد كبيرة خلال ساعات مساء الأمس وصباح اليوم، وحاولت قوات الأمن تفريقهم مجددًا. وفي العاصمة، استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي في محاولة لتفريق تجمعات صغيرة في ساحتي الخلاني والوثبة، القريبتين من معسكر الاحتجاج المركزي في ساحة التحرير وسط العاصمة.

وقال مصدر في الشرطة إن 17 متظاهرًا على الأقل أصيبوا بجروح، بينهم ستة بأعيرة نارية. من جهتهم، رشق المتظاهرون الشباب قوات مكافحة الشغب بالحجارة وألقوا زجاجات حارقة عليها.

كما انطلقت صباح اليوم تظاهرات طلابية من جامعات بغداد إلى ساحة التحرير، ومن المقرر إقامة مسيرات أخرى يقودها طلاب هذا الأسبوع. ورأى مراقبون أن انضمام الطلبة للمتظاهرين جاء لتعويض انسحاب أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من ساحات الاحتجاج الرئيسة، السبت.

يما انضم آلاف الطلبة للحراك الشعبي في ساحات الاحتجاج بمحافظتي بابل والبصرة، اليوم، على خلفية اقتحام قوات الأمن لبعض ساحات الاعتصام.

وفي الناصرية جنوبًا، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي لردع المتظاهرين وفي محاولة لتفريقهم من الشوارع المحيطة بساحة الحبوبي المركزية في المدينة.

وقال مصدر طبي إن 75 متظاهرا على الأقل أصيبوا بجروح جراء الرصاص الحي، فيما أصيب نحو مئة آخرين بحالات اختناق جراء قنابل الغاز المسيل للدموع. وتجمع المتظاهرون هناك بأعداد كبيرة بعدما أعادت الشرطة فتح الشوارع الرئيسية في المدينة.

ويدعو المتظاهرون إلى إجراء انتخابات مبكرة بموجب قانون انتخابي جديد، ورئيس وزراء مستقل ومساءلة المسؤولين الفاسدين وأولئك الذين أمروا باستخدام العنف ضد المتظاهرين.

وأقر البرلمان قانونًا انتخابيًا جديدًا، وقدم رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، استقالته في كانون الأول/ ديسمبر، لكنه لا يزال يشغل منصبه لتصريف الأعمال، وفشلت السلطات بالاستجابة لمطالب المحتجين في هذا الصدد.

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس- بلاسخارت، في تصريحات صدرت عنها بالأمس، إن "انعدام المساءلة والتردد لا تلبي آمال العراقيين، الذين عبروا عنها بشجاعة لمدة أربعة أشهر حتى الآن".

وأضافت أنه "في الوقت الذي يستمر فيه عدد القتلى والجرحى بالارتفاع، ستبقى الخطوات التي اتخذت حتى الآن جوفاء إذا لم تكتمل".

ويشعر الناشطون منذ فترة طويلة بالقلق من أن حراكهم قد ينتهي بعدما أعلن المرجعية الدينية الشيعية، الصدر، الجمعة، عدم تدخله في الحراك المطلبي. إذ دعم الصدر الذي يسيطر على تحالف "سائرون"، أكبر كتلة سياسية في البرلمان، الاحتجاجات أول انطلاقها بداية تشرين الأول/ أكتوبر، ودعا الحكومة إلى الاستقالة.

لكنه دعا إلى تظاهرة منفصلة للمطالبة بمغادرة 5200 جندي أميركي من العراق، بعد الضربة الجوية الأميركية بطائرة مسيّرة في بغداد بداية الشهر الجاري، اغتيل فيها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

وتدفق الآلاف الجمعة إلى بغداد للمشاركة في التظاهرة الرافضة للتواجد الأميركي في البلاد، التي لم يحضرها الصدر لكنه أشاد بالإقبال عليها. وقال بعدها بساعات إنه لن يتدخل بالحراك المطلبي "لا بالسلب ولا بالإيجاب".

وفي غضون ساعات، قام أنصاره بإزالة خيمهم في ساحات الاحتجاج في جميع أنحاء البلاد، وبدأت شرطة مكافحة الشغب التحرك. وقال محللون إن الصدر يسعى جاهدا للحفاظ على مصداقيته في الشارع وكسب تأييد إيران، التي تربطه بها علاقات معقدة.

ولإيران نفوذ سياسي وعسكري هائل في العراق، ومن المرجح أن يكون لها رأي رئيسي في من سيكون بديل عبد المهدي. فيما لا تزال المحادثات حول رئيس الوزراء المقبل معطلة في بغداد، خصوصًا مع غياب سليماني والمهندس، اللذين كانا المفاوضين الرئيسين في هذا الإطار.

واتجه المتظاهرون نحو التصعيد مع انتهاء مهلة ممنوحة للسلطات، الإثنين الماضي، للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تكليف شخص مستقل نزيه لتشكيل الحكومة المقبلة، فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات.

التعليقات