"مذبحة النسور" في العراق: "دماؤنا أرخص من الماء"

استنكرت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الأربعاء، عفو الرئيس الأميركيّ المنتهية ولايته، دونالد ترامب، عن مدانين بارتكاب مجزرة قُتِل فيها 14 عراقيا، فيما أعرب عراقيون عن غضبهم وحزنهم إثر سماعهم القرار الأميركيّ.

رجل أمن عراقي يتفقد سيارة في ساهة النسور (أ ب)

استنكرت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الأربعاء، عفو الرئيس الأميركيّ المنتهية ولايته، دونالد ترامب، عن مدانين بارتكاب مجزرة قُتِل فيها 14 عراقيا، عُرفت باسم "مذبحة النسور"، فيما أعرب عراقيون عن غضبهم وحزنهم إثر سماعهم القرار الأميركيّ.

وقالت الوزارة إن القرار لا ينسجم مع قيم حقوق الإنسان.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وادعى فريق "بلاك ووتر"، الذي كان يتولى بموجب عقد حماية موظفي وزارة الخارجية الأميركية العاملين في بغداد، أنه ردّ على نيران أطلقها مسلحون لدى مروره في ساحة النسور. وأصدر ترامب، قرارا بالعفو عن أربعة عناصر من "بلاك ووتر" دينوا بارتكاب مجزرة ساحة النسور، كانوا يقضون أحكاما طويلة بالسجن.

لا عدالة... لا مفاجأة في ذلك!

وقال ضابط الشرطة الذي ترأس التحقيق في ما حصل، العميد فارس سعدي: "أشعر باليأس مذ زمن"، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" للأنباء.

وأضاف بحسرة خلال حديثه عبر الهاتف في بغداد: "13 سنة؟ أتذكر كل شيء كأنه أمس وليس أول من أمس".

وتابع: "كان رميا عشوائيا بالكامل، أخذت ضحايا إلى المستشفى ولكنني كُنت أعرف أننا لن نصل إلى العدالة".

وكان سعدي محققا رئيسيا من قِبل الشرطة في الجريمة، وتولى التنسيق مع فريق مكتب التحقيقات الفدرالي الذي أرسل لبغداد حتى الإدلاء بشهادات الشهود في المحكمة الأميركية.

وفي بادىء الأمر، أدين ثلاثة حراس هم؛ بول سلاو، وإيفان ليبرتي، ودستن هيرد، بالقتل العمد ومحاولة القتل العمد إضافة إلى استخدام أسلحة نارية، وحُكم على كل منهم بالسجن ثلاثين عاما. وحكم على رابع هو نيكولاس سلاتن، بالسجن مدى الحياة انطلاقا من أنه كان أول من أطلق النار.

كما صدر حكم مماثل بحق سلاتن لدى إعادة محاكمته في آب/ أغسطس 2019، وبعد شهر خفضت عقوبة سلاو و إيفان وهيرد إلى النصف أو دون ذلك، وفق "فرانس برس".

وأضاف سعدي: "كنت أتابع كل شيء، رأيت تخفيف الأحكام تدريجيا بالمحاكم وعرفت أنه لن تكون هناك محاسبة. لذلك لم أفاجأ" بالقرار الأخير.

وجاء عفو ترامب بعد أسابيع قليلة من إغلاق المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا أوليا في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات البريطانية في العراق، بعد غزوه عام 2003.

وبعدما أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عام 2017، أن هناك "أساسا معقولا" لمثل هذه الجرائم، قالت هذا الشهر إنها لم تجد دليلا على أن بريطانيا قامت بحماية جنودها من الملاحقة القضائية.

واعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي، أن القرارين المتتاليين يظهران أن هناك احتراما قليلا لحقوق الإنسان في الخارج.

وقال لـ"فرانس برس": "هذا الأمر يؤكد مخالفة هذه الدول لمعايير حقوق الإنسان والقانون الدولي. انهم يوفرون الحصانة لجنودهم مع أنهم يدعون حماية حقوق الإنسان".

ولم يشهد العراق أي محاكمة في قضية ساحة النسور بسبب ظروف الصراع الطائفي التي كانت تضرب البلاد. وأعلنت بغداد آنذاك رفضها تجديد رخصة عمل شركة "بلاك ووتر" كما رفضت وزارة الخارجية الأميركية تجديد عقدها مع الشركة للعمل هناك.

ودفع ما حصل هذه الشركة لتغيير اسمها مرات عدة، وأدمجت لاحقا بشركات أخرى لتشكل "مجموعة كونستيليس".

وحاليا، تعمل "مجموعة أوليف" إحدى أصغر شركات مجموعة كونستيليس في العراق.

وخلصت المحكمة الأميركية الى إن أيا من المدنيين الـ14 الذي قتلوا في ساحة النسور كان مسلحا وأن العديد منهم كانوا داخل سياراتهم التي رشقت برصاص أسلحة رشاشة، علما أن طفلا واحدا على الأقل، قُتِل في المجزرة.

ونقلت "فرانس برس" عن محام أصيب بجروح في المجزرة، القول، إن جميع عائلات الضحايا، عدا واحدة فقط، تلقت تعويضات من "بلاك ووتر".

وعُرض على كل من عائلات القتلى تعويض قدره 100 ألف دولار فيما تسلم المصابون، نحو 50 ألف دولار.

والوحيد الذي رفض التعويض كان هيثم الربيعي الذي فقد ابنه أحمد وزوجته محاسن، وفق الوكالة.

وقالت زميلة دراسة سابقة لأحمد، لم تذكر الوكالة اسمها، إنه كان طالبا في كلية الطب، لافتة إلى أن عمره عشرين عاما.

وأضافت: "كنا جميعا محطمين ومكسورين بعد تلقي خبر مقتله. كانت أوقاتا صعبة فعلا وسماع خبر مقتله ووالدته زاد شعورنا باليأس. في أي حال هذا ليس مفاجئا، الأميركيون لا يتعاملون معنا كبشر، دماؤنا أرخص من الماء بنظرهم، ومطالبتنا بالعدالة والمحاسبة مجرد إزعاج" لهم.

التعليقات