اليمن: نزاع دون حسم بعد عام على إنشاء التحالف

يجد التّحالف العربيّ بقيادة السّعوديّة نفسه بعد عام على بدء تدخّله في اليمن أمام الحوثيّين الذين لا يزالون يسيطرون على مناطق عدّة أبرزها صنعاء، وجهاديّين يتسّع نفوذهم في الجنوب، ومنظّمات حقوقيّة ودوليّة ترفع سقف انتقادها لسقوط الضّحايا

اليمن: نزاع دون حسم بعد عام على إنشاء التحالف

يجد التّحالف العربيّ بقيادة السّعوديّة نفسه بعد عام على بدء تدخّله في اليمن أمام الحوثيّين الذين لا يزالون يسيطرون على مناطق عدّة أبرزها صنعاء، وجهاديّين يتسّع نفوذهم في الجنوب، ومنظّمات حقوقيّة ودوليّة ترفع سقف انتقادها لسقوط الضّحايا المدنيّين والظّروف الإنسانيّة الصّعبة.

وبعد عام من الغارات والقتال الميدانيّ المضني، وافقت حكومة الرّئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيّون وحلفاؤهم من الموالين للرئيس السّابق علي عبد الله صالح على العودة مجدّدًا إلى طاولة المحادثات في 18 أبريل/نيسان، في خطوة سيسبق انطلاقها بأسبوع وقف لإطلاق النّار.

ويرى محلّلون أنّ الحوثيين تمكّنوا منذ بدء الضّربات الجويّة للتحالف في 26 آذار/مارس 2015 من المواجهة على رغم محدوديّة قدراتهم العسكريّة، وأنّ النّزاع ساهم في كشف نقاط ضعف الحكومة التي تعاني من صعوبة في فرض سلطتها في المناطق التي استعادتها بدعم من التّحالف، في ظلّ تنامي تنظيم القاعدة وتنظيم الدّولة الإسلاميّة.

ويقول الباحث في معهد الشّرق الأوسط في واشنطن، تشارلز شميتز 'قوّات الحوثيّ وصالح تبلي بلاءً حسنًا إذا ما أخذنا الظّروف في الاعتبار'.

وأضاف أنّ هذه القوّات 'لا تملك غطاءً جويًّا ولا وسائل إمداد مضمونة لذخيرتها، إلّا أنّها تحافظ على قوّة عسكريّة مهمّة'.

وشكّلت سيطرة الحوثيّين وحلفائهم على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014 وتقدّمهم تباعًا للاستحواذ على مناطق أخرى، جرس إنذار للسعوديّة من توسّع نفوذهم، خاصة أنهم مدعومون من خصمها الإقليميّ اللدود ايران، على امتداد مساحة الجار الجنوبيّ للمملكة.

ومنذ انطلاق عمليّات التّحالف، بدءًا بالغارات الجويّة ولاحقًا عبر الدّعم الميدانيّ المباشر استعاد الموالون 5 محافظات جنوبيّة أبرزها عدن، التي كان هادي أعلنها عاصمة مؤقّتة بعد سقوط صنعاء بيد المتمرّدين.

إمساك بالأرض وضحايا مدنيّون

إلّا أنّ الحوثيين لا يزالون يسيطرون على 8 محافظات من أصل 22 ويخوضون معارك في غيرها بينها محافظة تعز الإستراتيجيّة (جنوب غرب) حيث بقي تقدّم القوّات الحكوميّة محدودًا رغم إطلاقها عمليّة واسعة لاستعادتها بالكامل في تشرين الثّاني/نوفمبر.

ويرى الباحث الرّئيسيّ للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 'فريسك مايبلكروفت'، جوردان بيري، أنّ الحوثيّين 'أظهروا قدرة على الإمساك بالأرض والسّيطرة على أجهزة رئيسيّة للدولة' وأنّ من أسباب نجاحهم في ذلك 'تأثّر التّحالف سلبًا بنقص الخبرة التّقنيّة والخبرة القتاليّة الميدانيّة'.

ومع تواصل الغارات، زادت الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوقيّة دوليّة من انتقادها للتحالف على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيّين.

وبحسب أرقام المنظّمة الدّوليّة، قتل زهاء 6300 شخص منذ آذار/مارس بدء تدخّل التّحالف، نصفهم تقريبًا من المدنيّين.

والأسبوع الماضي، حمل المفوّض الأعلى لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين مسؤوليّة التّسبّب بغالبيّة الضّحايا المدنيّين للتحالف قائلًا إنّ الأخير استهدف 'أسواقًا ومستشفيات وعيادات ومدارس ومصانع وقاعات استقبال لحفلات الزّفاف ومئات المساكن الخاصّة في قرى ومدن'.

كما أعربت الولايات المتّحدة حليفة المملكة عن قلقها من حصيلة الضّحايا علمًا أنّ منظّمات حقوقيّة طالبت واشنطن مرارًا بوقف تزويد سلاح الجوّ السّعوديّ أسلحة وذخائر تستخدم في اليمن.

وسط ذلك، أعلن التّحالف أن العمليّات الأساسيّة أوشكت على الانتهاء بحسب المتحدّث باسمه، العميد الرّكن أحمد عسيري.

ورأى عسيري في حديث الأسبوع الماضي أنّ التّحالف 'حقّق إنجازًا كبيرًا تجاه السّلام والاستقرار في اليمن'.

ورغم استعادتها محافظات جنوبيّة منذ تموز/يوليو، تعاني الحكومة في بسط سلطتها في المناطق المحرّرة، مع نموّ الجهاديّين لا سيّما في عدن.

ونفّذت الجماعات الجهاديّة سلسلة هجمات وتفجيرات وعمليّات اغتيالات طالت مسؤولين سياسيّين وعسكريّين، إضافة إلى مقرّات عسكريّة للتحالف.

ويرى بيري أنّ قوّات هادي والتّحالف 'جعلت القتال ضدّ الحوثيّين أولويّتها وتغاضت عن مكاسب الجماعات السّنيّة المتطرّفة التي واصلت التّفشّي في ظلّ الفراغ الأمنيّ'.

وللمرّة الأولى منذ آذار/مارس 2015، تدخّل طيران التّحالف هذا الشّهر ضدّ الجهاديّين في عدن. كما قتل هذا الأسبوع 71 عنصرًا من تنظيم القاعدة في ضربات جويّة أميركيّة استهدفت معسكرًا لهم في جنوب اليمن.

وفي تعقيد إضافيّ لمشهد عدن، شهد محيط القصر الجمهوريّ مرارًا مناوشات بين حرّاسه ومقاتلين موالين يحتجّون على عدم سداد مستحقّاتهم.

ويقول شميتز 'السّعوديّون أخطأوا في تقدير قدرة معسكر هادي على حكم الأراضي المحرّرة'.

إلا أنّ عسيري يؤكّد عمل التّحالف لنقل اليمن 'من دولة فاشلة إلى حكومة قادرة على أنّ تدير البلاد وتهزم أيّ مجموعات إرهابيّة'.

وسط ذلك، بدا قبول طرفي النّزاع بالتفاوض مجدّدًا، بارقة أمل للاتّجاه نحو حلّ سياسيّ لنزاع يبدو بلا أفق عسكريّ.

وبينما لم تحقّق الجولة السّابقة في كانون الأوّل/ديسمبر، والتي ترافقت مع وقف هشّ لإطلاق النّار، أي نتيجة، تأتي الجولة الجديدة المقرّرة في الكويت، في أعقاب وساطة قبليّة ساهمت بتهدئة حدوديّة يمنيّة سعوديّة.

ويرى شميتز أنّ هذه التّهدئة تمنح 'بعضًا من الأمل' لاتّفاق أكثر ديمومة.

يضيف الباحث 'يحتاج الحوثيّون إلى سحب قوّاتهم، التّخلّي عن الإيرانيّين، وإظهار تقدير للهواجس الأمنيّة السّعوديّة'.

إلّا أنّ بيري يستبعد انسحاب الحوثيّين من المدن، خصوصًا 'درّة التّاج الحوثيّ، العاصمة صنعاء'، التي يرى أنّها في منأى عن 'خطر وشيك' من القوّات الحكوميّة.

ويمثّل وقف القتال حاجة أساسيّة للوضع الإنسانيّ.

وتقول المتحدّثة باسم اللجنة الدّوليّة للصليب الأحمر، ريما كمال 'المستشفيات فرغت من المؤن، الشّبكات الكهربائيّة والمائيّة انهارت، الغذاء والموادّ الأساسيّة الأخرى كالوقود انخفضت بشكل حادّ'.

اقرأ/ي أيضًا | اليمن: هدنة الشهر المقبل... وهادي يعلن موافقة الحوثيين على الانسحاب

وتضيف المتحدثّة باسم اللجنة التي قتل اثنان من العاملين معها وخطف ثالث خلال الأشهر الماضية في اليمن، 'القتل والإصابة باتا عادة يوميّة'.

التعليقات