المعارضة التونسية تدعو سعيّد للتنحي بعد الإقبال الهزيل على الانتخابات التشريعية

وقال رئيس جبهة الخلاص المعارضة، أحمد نجيب الشابي، إن هذه الانتخابات "تظهر أن قلة قليلة من التونسيين تؤيد نهج قيس سعيد"، وأوضح أن "92% أداروا ظهورهم للعملية غير القانونية التي تنتهك الدستور".

المعارضة التونسية تدعو سعيّد للتنحي بعد الإقبال الهزيل على الانتخابات التشريعية

مركز اقتراع في تونس (Getty Images)

طالبت المعارضة في تونس، الرئيس قيس سعيّد، بالتنحي غداة الانتخابات التشريعية التي شهدت نسبة امتناع قياسية تجاوزت 90%، تضعف أيضا موقف السلطات في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي حول قرض مهم للاقتصاد المتعثر.

ودعت أحزاب تونسية معارضة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد الإعلان الرسمي عن بلوغ نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية نحو 8.8%، وذلك من خلال تصريحات وبيانات منفصلة تعليقا على نسبة المشاركة في الانتخابات التي وصفتها الأحزاب المعارضة بـ"الضعيفة"، وذلك قبل إعلان نتائجها الرسمية بعد.

من جانبه، دعا زعيم أكبر ائتلاف للمعارضة في تونس، اليوم، الأحد، الرئيس قيس سعيّد، إلى "الرحيل فورًا"، بعد الإخفاق في الانتخابات التشريعية التي تهدف إلى تجديد البرلمان، وشهدت نسبة امتناع هائلة عن المشاركة تجاوزت 92%.

وقال رئيس جبهة الخلاص المعارضة، أحمد نجيب الشابي، إن هذه الانتخابات "تظهر أن قلة قليلة من التونسيين تؤيد نهج قيس سعيد".

وأضاف الشابي أن "هذا تخل شعبي كبير عن العملية" التي بدأت بتجميد مجلس النواب وإقالة رئيس الحكومة في 25 تموز/ يوليو 2021، قبل احتكار جميع السلطات.

وتابع أن "92% أداروا ظهورهم للعملية غير القانونية التي تنتهك الدستور"، مشيرا إلى أن تصويت السبت سبقه "تخل دولي كبير" خلال زيارة سعيد الأخيرة إلى الولايات المتحدة، حيث واجه "رفضا" لعمليته السياسية.

الشابي يتحدث في مؤتمر صحافي، مساء السبت (Getty Images)

وقال الشابي، زعيم التحالف الذي يضم حركة النهضة، إن "العملية السياسية مرفوضة داخليًا وخارجيًا"، داعيا الأحزاب السياسية الأخرى إلى "الاتفاق على تعيين قاضٍ كبير" قادر على "الإشراف على انتخابات رئاسية جديدة".

ودعت جبهة الخلاص الوطني إلى تعبئة مختلف قوى المعارضة، بما في ذلك عبر التظاهرات.

وفي كلمته بالمؤتمر الذي عقد مساء أمس، وصف الشابي النتائج بـ"الخيبة الكبرى التي لا مثيل لها لسعيّد على المستوى الداخلي"، قائلا: "نستخلص من هذا الإخفاق الكبير نداء بأن يرحل سعيد، لم يعد هناك أدنى مبرر للبقاء له في الحكم".

ودعا الشابي، إلى أن "يتولى منصب رئاسة الجمهورية لفترة انتقالية وجيزة قاض من القضاة المعروفين بالنزاهة والاستقلالية، في انتظار أن تُدار انتخابات ناجزة وتنظيم حوار وطني وقيادة البلاد لنهج الإصلاح".

وشكلت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات التشريعية، التي دعا إليها سعيّد، صدمة لمناصريه، و"زلزالاً" على حد تعبير أحد أكبر خصومه، رئيس جبهة الخلاص المعارضة، الشابي.

ومن جانبه، وصف حزب العمال (يساري) حجم المشاركة في الانتخابات التشريعية بـ"الهزيل جدا"، مؤكدا أنه "لا ينزع فقط كل شرعية عن المجلس النيابي الصوري، بل ينزع كل شرعية عن مجمل منظومة 25 تموز/ يوليو الانقلابية".

ودعا الحزب، في بيان صدر مساء السبت، "الشعب التونسي وقواه التقدمية السياسية والاجتماعية والمدنية إلى اعتبار نظام قيس سعيد خارج الشرعية ومنتهيا لذلك وجب رحيله". وطالب البيان "كل القوى التقدمية السياسية والاجتماعية والمدنية إلى التشاور في أفق توحيد الجهود، من أجل فرض بديل شعبي وطني ديمقراطي، يصوغ خيارات جديدة تُستلهم من شعارات الثورة ومطالبها".

وتعليقا على نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة، اعتبر الحزب الجمهوري (وسط يسار) أن "نتيجة الانتخابات تنهي مسار سعيّد". وقال الأمين العام للحزب، عصام الشابي، في تصريحات لراديو "موزاييك" الخاص إن "نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية نسبة كارثية، معتبرا أن "المسار (مسار قيس سعّيد) بلغ نهايته".

ووصف الشابي ما قام به الرئيس سعيّد "بالمسار العبثي الذي أهدر طاقة البالد وأن سعّيد يتحّمل المسؤولية رأسا". وتساءل الشابي: "كيف ستحكمون البلاد بـ 8%؟"، مشدّدا على أن "الشعب التونسي الذي صنع ثورة 17 كانون الأول/ ديسمبر نزع القناع عن مسار الانقلاب نهائيا".

انتخابات الدور الأول

وطالب حزب "آفاق تونس" (ليبيرالي- لديه نائبان في البرلمان المنحل) الرئيس سعيّد بإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة "تؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاحات الحقيقية". وقال الحزب، في بيان، إن "إرادة الشعب التونسي اتجهت إلى مقاطعة ما يُسمّى بالدور الأول من الانتخابات التشريعية ورفض التصويت على مجلس نيابي صوري".

ودعا الرئيس سعيّد "لاحترام إرادة الناخبين والاعتراف بفشل منظومته السياسية وعجزها عن تلبية تطلّعات الشعب التونسي". وأوضح أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة "رسالة واضحة للتعبير عن الرفض لهذه المنظومة غير المسبوقة والبعيدة عن المشاغل الحقيقية للمواطن".

القوى المساندة لسعيّد

وفي المقابل، قال محمد المسيليني القيادي بحركة الشعب (ناصرية، مساندة للرئيس سعيّد ولديها 15 نائبا) إنّ تبرير نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات يزيد من تعميق الأزمة. وفي تصريحات لراديو "موزاييك"، أضاف المسيليني أن "نسبة المشاركة في الانتخابات ضعيفة جدا ولا تفرح أي أحد".

وأوضح أن "مسألة عزوف الناخبين والقطيعة تتعمّق مع كل انتخابات، وأنّ هيئة الانتخابات لعبت دورا في ذلك". غير أن المسيليني يرى أيضا أن " انفراد الرئيس بالقرار أدى لهذه النتائج".

وفي السياق، دعا رئيس المكتب السياسي لـ"حراك 25 جويلية" (المساند للرئيس سعيّد)، عبد الرزاق الخلولي، إلى "انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، بعد تسجيل نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية".

إلا أن الخلولي، اعتبر في تصريحات نقلها راديو "موزاييك"أن "هذه النسبة لا تمس بشرعية قيس سعّيد وهي غير مرتبطة به أو بشعبيته بل مرتبطة بأطراف حزبية وسياسية ونظام انتخابي ضعيف وغياب التمويل العمومي".

ووفق الخلولي، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة "متوسطة وليست ضعيفة دون أن يعني ذلك القبول بهذه النتائج"، وذلك اعتمادا على قراءة أولية "للظروف والمناخ الذي جرت فيه الانتخابات والأسباب المتراكمة".

هيئة الانتخابات

ودعا الحزب الدستوري الحر (16 نائبا في البرلمان المنحل)، مساء السبت، إلى إعلان الشغور في منصب رئاسة الجمهورية والدعوة لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها طبق المعايير الدولية.

وفي كلمة مصورة بثتها على صفحتها بفيسبوك، طالبت رئيسة الحزب، عبير موسي، "باستقالة حكومة نجلاء بودن واكتفائها بتصريف الأعمال إلى حين اجراء انتخابات حرة تفرز حكومة شرعية".

كما طالب الحزب بـ"تجميد هيئة الانتخابات الحالية وغلق مقراتها وحجز كل ما لديها من ملفات ووثائق ووضعها على ذمة النيابة العمومية ووقف صرف الأموال المرصودة لها".

كما دعا إلى "التدقيق الإداري والمالي في أعمالها إلى حين تشكيل تركيبة جديدة محايدة ومستقلة تتسلم المهمة".

وبلغت نسبة التصويت 8.8% فقط، وفق ما صرّح به رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، في الندوة الإعلامية.

وفسّر بوعسكر ضعف نسبة المشاركة بأنه "نتيجة غياب المال السياسي الفاسد والأجنبي وغياب استعمال التمويل العمومي"، وفق تصريحه، وكذلك "بتغيير القانون الانتخابي واعتماد نظام الاقتراع على الأفراد، إضافة إلى تأثير دعوات المقاطعة الصادرة عن عدد من الأحزاب ومكونات المشهد السياسي في تونس".

وأشار مراقبون إلى أن تورط بوعسكر في تبريرات ليست من اختصاصه يعكس حجم الإرباك الذي أحدثته النتائج الضعيفة التي لم تشهدها الانتخابات في تونس منذ الثورة، وكانت جبهة الخلاص المعارضة قد قالت في مؤتمر صحافي عاجل ليلة أمس السبت، إن هذه النسبة مشكوك فيها، وإن النسبة الحقيقية لا تتعدى 3% على أقصى تقدير.

وكان الشابي قد دعا إلى عزل سعيّد والتوافق على شخصية محايدة ومستقلة، قد تكون من القضاة السامين، تشرف على مسار بانتخابات رئاسية جديدة وحوار وطني يجمع كل الفرقاء من أجل إنقاذ البلاد، ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل والأحزاب والمنظمات والشخصيات إلى الاجتماع والاتفاق على مسار جديد.

التعليقات