النائب جورج غالاوي: “أحاول إقناع البريطانيين بتحمل مسؤولية جماعية تجاه قضية الشعب الفلسطيني"

"أي ناشط يساري يتوقع أن يحاصَر من قبل العديد من الأعداء ذوي النفوذ، لكنه لا يتوقع أبدا عدم إخلاص الأنظمة العربية له..اتفاقيات اوسلو أصبحت ميتة الآن ولن تقودنا الى أي مكان"..

 النائب جورج غالاوي: “أحاول إقناع البريطانيين بتحمل مسؤولية جماعية تجاه قضية الشعب الفلسطيني
هو جورج غالاوي، النائب البريطاني اليساري الشهير، المعروف بسلاطة لسانه وأسلوبه الساخر. من أبرز المناصرين للقضية الفلسطينية في الغرب. رحل عن غزة قبل عدة إسابيع بعد أن قاد قافلة كبيرة لإغاثتها. بعد رحيله قرر القيام بجولة في شمال أمريكا لتحشيد الرأي العام ضد الحصار غير الإنساني المفروض على غزة وأهلها. محطته الاولى كانت كندا، لكن حكومة كندا اليمينية أعلنت عنه شخصا غير مرغوب به في اراضيها ومنعته من الدخول. المحطة الثانية كانت الولايات المتحدة.

إلتقت به المحامية سونيا بولص في جولته في ولاية مشيغان بعد أن قدم محاضرة في جامعة آن اربور حول مأساة غزة. القاعة غصت بالجمهور الكبير الذي جاء لسماعه. غالاوي لم يخيب التوقعات منه، كان حادا واضحا وأمتع الجمهور بأسلوبه الساخر. في نهاية محاضرته شدد مجددا: “أتيت الى هنا لنعمل سويا على كسر الحصار. إن كل رصاصة تخترق جسد طفل فلسطيني أنتم تمولونها بأموال الضرائب التي تدفعونها. إذهبوأ وإفعلوا شيئا. نحن في بريطانيا جمعنا 100 شاحنة لإغاثة غزة وأنتم تستطيعون جمع 500 شاحنة لإغاثة غزة. ضعوا أعلامكم على شاحناتكم وإذهبوا الى غزة وإكسروا الحصار”.

وهنا النص الكامل للحوار:

* تعود بداية نشاطك السياسي لدعم القضية الفلسطينية الى منتصف السبعينيات من القرن الماضي. ما الذي دفع بك لمناصرة القضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام؟

غالاوي: الأمر جاء بمحض الصدفة. كنت أجلس لوحدي في مقر حزب العمال في مدينة داندي. حتى ذلك اليوم لم أقابل أي عربي أو مسلم في حياتي. يومها دخل مقر الحزب طالب فلسطيني من الإتحاد العام للطلاب الفلسطينيين وطلب مقابلة قيادة الفرع في داندي ليحدثهم عن القضية الفلسطينية. أجبته بأنه حاليا لا يوجد أحد من قياديي الحزب لكنك يمكنك التحدث الي وأنا سأنقل رسالتك للقيادة. وبعد ساعتين من الحديث معه قررت أن أصبح عضوا في حركة التحرر الفلسطينية. بعد مرور سنتين توجهت بمعية وفد الى بيروت، وقد عشقت البلد ونضال الشعب الفلسطيني وقررت البقاء في بيروت بجوار القائد الراحل ياسر عرفات بعد مغادرة الوفد الذي رافقته. ما زلت أذكر كيف كان يطعمني البيض المسلوق والخبز بيديه ونحن في بيروت. ومنذ عام 1977 وأنا منغمس تماما في نضال الشعب الفلسطيني.


* أنت تقول بأن نكبة الشعب الفلسطيني بدأت مع صدور وعد بلفور، وان مجابهة اللاسامية لا تبرر ما قامت به بريطانيا “بإهداء” أرض فلسطين لإقامة دولة لليهود على أنقاضها. هل لآجل ذلك تشعر بمسؤولية خاصة تجاه قضية الشعب الفلسطيني لكونك بريطانيا؟

غالاوي: نعم أنا أشعر بمسؤولية خاصة كوني بريطانيا ولكن ليس بشكل فردي أو مباشر. أنا أنحدر من أصول إيرلندية ونحن أيضا كنا تحت الإحتلال البريطاني آنذاك. لكن ما أحاول القيام به هو إقناع البريطانيين بتحمل مسؤولية جماعية تجاه قضية الشعب الفلسطيني كمجموعة وليس كأفراد.


* كنتَ على علاقة شخصية بالقائد الراحل عرفات وتحدثت معه مرارا حول إتفاقيات أوسلو. ما هو تقييمك لهذة الإتفاقيات بعد مرور أكثر من 15 عاما عليها؟

غالاوي: إتفاقيات أوسلو فشلت. أنا كنت من مؤيديها في حينه لأني إقتنعت بوجهة نظر ياسر عرفات. هو اعتقد بأنه لا يمكن تحصيل إنجازات أفضل في ظل موازين القوى الدولية والإقليمية الناشئة وعدم تكافؤ القوى بين المحتل والقابع تحت الإحتلال. أنا لا اعتقد بأنه كان مخطئاً في توقيع الاتفاقيات آنذاك. لكن هذه الاتفاقيات أصبحت ميتة الآن ولن تقودنا الى أي مكان. ما يحصل الآن لا يجوز تسميته محادثات سلام، بل نحن أمام مسار بلا سلام، مجرد مسار تفاوضي لا نهاية له. الإسرائيليون ليسوا مستعدين لتقديم جرعة صغيرة من العدل، والعدل هو شرط مسبق لتحقيق السلام. أصبحت مقتنعا بحل الدولة الواحدة من النهر الى البحر. صحيح أن تحقيق مشروع الدولة الواحدة هو أمر في غاية الصعوبة لكنه ليس أصعب بكثير من تحقيق مشروع الدولتين في الظروف الراهنة. كلاهما من الصعب تحقيقهما الآن لذا يجب علينا التمسك بالحل الأصح وليس الحل الأكثر برغماتية. حتى الحل البرغماتي أصبح غير عملي على أرض الواقع، لان إسرائيل غير مستعدة لدفع الثمن لتحقيق ذلك كتفكيك كل المستوطنات وهدم الجدار وما الى ذلك.


* كيف تقيم آداء السلطة الفلسطينية في الحرب الأخيرة على غزة؟

غالاوي: مخيب للآمال الى أبعد الحدود. اداء السلطة مس بمصداقية حركة فتح التي بناها القائد الراحل عرفات وأنا آمل أن يستعيدوا حسهم بالمسؤولية الوطنية قريبا. السلطة الوطنية الفلسطينية هي ليست سلطة وطنية أصلا، لأن غالبية الفلسطينيين لا يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة بل يعيشون في مخيمات اللاجئين وداخل الخط الأخضر. أما منظمة التحرير فقد وهنت وذبلت وتعاني من الضمور ويجب أن نمنع احتضارها. إن قوة منظمة التحرير تنبع من كونها الممثل الوحيد لجميع أبناء الشعب الفلسطيني ويجب العودة إلى تلك الوضعية التي تمكن منظمة التحرير من القيام بدورها التاريخي.


* نشاطاتك الخيرية أوقعت بك بالعديد من المشاكل، ابتداء من قافلة مريم عام 2002 لمساعدة أطفال العراق وانتهاء بقافلة شريان الحياة التي قدتها الى غزة قبل عدة أسابيع. اتُهمت بالفساد وبتلقي رشاوى من النظام العراقي السابق وباستغلال هذه النشاطات الخيرية لجني ثروة شخصية، وجاء ردك بالتوجه للمحاكم ضد المحاولات للتشهير بك. صحيح أنك ربحت كل الدعاوي التي قدمتها، مع ذلك الا تشعر بالتعب؟

غالاوي: أنت محقة. الأمر متعب للغاية لكن لا يوجد لدي خيار أخر. كل من يساند قضايا العرب يواجه هذه الاتهامات من قبل أكثر الناس فسادا على وجه الكرة الارضية. أنا في الرابعة الخمسين من عمري لكنني لا أعطي ما يشاع عني أكثر مما يستحق. هنالك 300 مليون عربي وأنا أحظى بحب وإحترام ثلثهم على الاقل. هذه نعمة بالنسبة لي وهذا يساوي أكثر بكثير من كل الملايين. لكن إسمحي لي أن أقول لك بأنه عندما يقرر سياسي مثلي دعم قضايا العرب فإنه يتوقع بأن يحاصَر من قبل العديد من الأعداء ذوي النفوذ، لكنه لا يتوقع أبدا عدم إخلاص الأنظمة العربية له.. عندما تخذلك هذه الأنظمة يكون الامر أصعب بكثير من مواجهة اولئك الذين تتوقع منذ البداية بأنهم سيعادونك. قبل سقوط بغداد كان إسمي يتصدر قائمة المدعوين في السفارات العربية في لندن.كنت دائما من أول المدعوين للحفلات والمناسبات والاستقبالات وحتى الأعراس. بعد سقوط بغداد بيوم واحد اختفى أسمي من لائحة المدعوين. عندما كانت تكال لي الإتهامات من كل حدب وصوب وكنت منشغلا بالدفاع عن نفسي في وجه هذا الهجوم العنيف لم يتصل بي أحد ليطمئن إلى أحوالي. حتى زوجتي آنذاك لم يتصلوا بها ليسألوها عن أحوالها وإذا كان ينقصها شيء. عندما يسألونني لماذا لا يوجد العديد من السياسيين مثلك في بريطانيا أنا أجيبهم: من يتطوع للدفاع عن قضايا العرب يخلق لنفسه العديد من الأعداء الشرسين. عليه أن يعي منذ البداية أنه سيبقى وحيدا، وأنه لن يحظى حتى بدعم من الأنظمة العربية.


* منعت من دخول كندا في شهر آذار لدواع “أمنية”! ما هي الإتهامات التي وجهت لك؟

غالاوي: ادعوا أني قمت بمساندة الإرهاب لأني قدت قافلة شريان الحياة لإغاثة غزة. أنا أوصلت 24 سيارة إسعاف، سيارة إطفاء حرائق، وأكثر من 100شاحنة ممتلئة بالأدوية والكراسي المتحركة والبطانيات والحفاظات والخيم والطعام والبسكويت. هذا تعريف غريب جدا لمصطلح “الإرهاب”. هذه سخافة كبيرة بأن يتم منعي من دخول كندا وفي الوقت ذاته تستقبل كندا جورج بوش، المسؤول عن قتل أكثر من مليون إنسان وتدفع له ما يقارب المليون دولار لإلقاء خطاب. أصبحت أنا الإرهابي وهو الضيف المرحب به في كندا. هذه قمة الحماقة. لكن غالبية الكنديين تعارض قرار منعي من الدخول الى كندا. هذا القرار هو أكثر القرارات اللا شعبية التي أتخذتها حكومة كندا الحالية، وهي بحد ذاتها أكثر الحكومات اللا شعبية في كندا.


* قافلة شريان الحياة انطلقت من بريطانيا ومرت في بلجيكا، فرنسا، إسبانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا ومصر قبل وصولها الى غزة. كيف أستقبلكم الناس خلال رحلتكم الى غزة؟

غالاوي: نحن قضينا ساعات قليلة في بلجيكا ليلا. في فرنسا إستقبلونا في مدينة بوردو. الجالية الإسلامية فتحت لنا المساجد للمبيت. وتم استقبال النساء اللواتي رافقن القافلة في المنازل. ثم قدموا لنا كميات كبيرة من الطعام. في إسبانيا كان استقبالنا شبه رسمي، فالحكومة الإسبانية هي أفضل الحكومات الأوروبية حاليا. عند وصولنا مدريد رافقتنا الشرطة الإسبانية كي نتجنب زحمة المرور، وفي الجامعة تم ترتيب نشاطات حاشدة خاصة بنا. عندما عبرنا من إسبانيا الى المغرب ووصلنا الى العالم العربي أصبحت الأمور أفضل من حيث عدد الناس الذين انتظرونا والمعونات التي حصلنا عليها. الحكومات العربية استقبلتنا بشكل رسمي أما الناس فقد أحاطونا بدعمهم وحماسهم بصورة لا مثيل لها. كانت الدموع تنهمر من عيونهم وهم يحيوننا في الشوارع. كانوا يقتربون من القافلة ويطلبون منا تقبيل أطفالهم وكأن بركة ما ستحل عليهم من هذه القافلة المتوجهة الى غزة. نحن لاقينا هذا الاستقبال في كل الدول العربية حتى في الدول التي كانت حكوماتها أقل ترحابا بنا.


* غزة ما زالت محاصرة، حتى نحن أبناء الشعب الفلسطيني لا نستطيع دخولها، أنت كنت من القلائل الذين دخلوها بعد الحرب، حدثنا عن ما شاهدته بعينيك في غزة.

غالاوي: الوضع في غزة في غاية السوء، هذه ليست مبالغة. الناس يعانون من الجوع والبرد. هم في حالة يرثى لها بعد تعرضهم لجريمة كبرى. لا احد آت لإنقاذهم. لكن إرادتهم لم تنكسر. إذا كانت إسرائيل وغيرها يراهنون على كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة وكسر المقاومة نتيجة الأوضاع المأساوية التي يتعرضون لها فهم مخطئون جدا. أهل غزة يستطيعون أن يتعافوا من القصف والهدم والحرب لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الحصار المفروض عليهم. هذا الحصار فرض على غزة لمعاقبة أهلها لأنهم انتخبوا حكومة لا تروق لإسرائيل والغرب. هذا حصار وحشي وغير إنساني ومناف لأبسط قواعد الديموقراطية وأنا آمل بأن ننجح بكسره. مصر تمتلك المفتاح لكسر الحصار على غزة وعلى عاتقها ملقاة مسؤولية كبرى. بوابة رفح هي بوابة عربية بين دولتين عربيتين، وإغلاقها أمام الاحتياجات الأساسية لأهل غزة هو أمر لا يمكن أن يصدقه العقل. يقولون لنا بإمكانكم إدخال أدوية عن طريق رفح لكن يغلقون البوابة أمام الطعام. يمكنك أن تعطي الفلسطيني حبة أسبرين لكنك لا يمكنك أن تعطيه الخبز، لماذا؟ لأن الخبز يجب أن يمر عبر حواجز إسرائيل. هذا أمر غير معقول ويجب أن يتغير حالا.


* شاهدنا غضبا عارما في الشارع البريطاني وخروج مظاهرات حاشدة للتنديد بالعدوان على غزة، كيف يمكن استثمار هذا الغضب وتحويله الى قوة سياسية قادرة على التأثير وعلى تغيير سياسات بريطانيا في الشرق الاوسط؟

غالاوي: السؤال في محله وأنت محقة في قولك أن الناس في بريطانيا وقفوا ضد هذا العدوان بأعداد غير مسبوقة. لقد شارك قرابة 100 ألف متضامن أو أكثر في المظاهرة التي نظمناها في العاشر من كانون الثاني، وأعلنّا خلالها عن إطلاق حملة إغاثة الى غزة. كان هذا اليوم أبرد يوم في السنة، وكانت الثلوج تتساقط، الشرطة لم تكن متساهلة معنا، وبالرغم من ذلك خرج 100 الف متظاهر وهو ضعف عدد المتظاهرين الذي شاركونا في المظاهرة التي كنا قد نظمناها قبل أسبوع. نحن لن نسمح لهذا التحرك بالإندثار. لذا، نحن قمنا بتأسيس حركة “تحيا فلسطين” التي بادرت الى إرسال قافلة “شريان الحياة” الى غزة وهذه الحركة مستمرة في نشاطها. نحن نعمل الآن على تنظيم أسطول صغير من السفن ينطلق من قبرص متوجها الى غزة. سوف نبحر تحت أعلام العديد من الدول وسترافقنا العديد من الشخصيات.سنقوم أيضا بجمع التبرعات لدعم بعض المشاريع التي تعرفنا عليها خلال زيارتنا الأخيرة لغزة. هذه السنة هي سنة إنتخابات في بريطانيا ونحن سنستغلها للضغط على المستوى السياسي في محاولة للتاثير على السياسة الخارجية لبريطانيا، المنحازة بنسبة 100% تقريبا لصالح إسرائيل.


* هل ترى إختلافا بين حكومة بلير وحكومة براون؟

غالاوي: بلير كان يتفاخر بكونه أعز صديق لإسرائيل وهذه المرة الوحيدة التي لم يكذب فيها بل كان صادقا في قوله. إن تعيين بلير مبعوثا للسلام من قبل الرباعية الدولية هو القرار الأحمق في تاريخ البشرية منذ أن عين الإمبراطور الروماني كاليجولا حصانه قنصلا على روما. أما براون، فهو يدعي بأنه صديق أقرب لإسرائيل من سابقه بلير. في الحقيقة براون هو أسوأ من بلير، لقد قام بإرسال قوات بحرية بريطانية لغزة ليس من أجل تطبيق القانون الدولي أو لإنقاذ الناس الذين يعانون تحت الحصار، بل أرسلها ليمنع عمليات “التهريب” الى غزة. وهذا التوجة له دلالات واضحة، لذا الطريق أمامنا ما زالت طويلة.


* تصوت بريطانيا بشكل دوري في الهيئة العامة للأمم المتحدة مع الإنسحاب الكامل لإسرائيل لحدود 67 وتفكيك المستوطنات، لكنها لا تحاسب إسرائيل عندما تقوم بتوسيع كتلها الإستيطانية وتسلب المزيد من الأراضي الفلسطينية حتى بعد إتفاقيات أوسلو. هي لا تحاول إيقافها بل تدعمها بشكل مطلق.كيف تفسر هذا التناقض؟

غالاوي: هذا التناقض ليس من محض الصدفة بل هو مقصود. هذا هو حال الإمبريالية. الإمبرياليون يتحدثون بلسانين. هم يتبنون موقفا معينا على الورق لكنهم يمارسون سياسة مغايرة تماما على أرض الواقع. بريطانيا تدعم الإتفاقية الخاصة بين إسرائيل والإتحاد الأوروبي التي تضمن لإسرائيل عضوية شبه كاملة في الإتحاد الأوروبي. بريطانيا تبيع الأسلحة لإسرائيل. تخيلي أنه حتى خلال العدوان الأخير على غزة، بريطانيا لم تجمد بيع السلاح لإسرائيل. لبريطانيا استثمارات في إسرائيل وهي تفعل كل ما يخدم مصلحة إسرائيل.


* قررت بريطانيا تجديد العلاقات مع الذراع السياسي لحزب الله بعد ان كانت قاطعته. ما دوافع هذا التحول؟

غالاوي: هذه أخبار جيدة، أنها خيط من الأمل. أتمنى أن نرى قرارا مماثلا حول تجديد العلاقات مع حماس. الأمريكيون أوقعوا أنفسهم في حفرة، وقد يكون من المفيد لهم بأن تخرج بريطانيا من نفس الحفرة لتساعدهم على الخروج منها. هذا يثبت لنا مدى تعسفية ما يسمى “القوائم السوداء”. في يوم واحد يقررون بأنك إرهابي وفي يوم أخر يذهب طوني بلير بنفسه لمقابلته!. اليوم أنا مهدد بالمثول أمام محكمة لأني قدمت سيارات إسعاف لحماس وفي الغد قد يكون الامر مختلفا، وأنا آمل حقا بأن يكون الأمر مختلفا. إن سياسة الغرب الذي يحاول أن يقرر للشعوب الأخرى من يجب أن يمثلها محكومة بالفشل الحتمي. نحن جربنا هذا بأنفسنا في شمال إيرلندا وفشلنا، وهذة السياسة ستفشل أيضا في الشرق الأوسط.


* ما هو تعقيبك على قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة إعتقال ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير؟

غالاوي: هذه مهزلة. لقد شاهد كل العالم الجرائم التي ترتكب في غزة ولم نر أحدا يصدر مذكرات إعتقال بحق المجرمين بل قرروا إصدارها ضد البشير. هنالك مشكلة حقيقية في دارفور حيث يعاني الناس ويموتون. لكن عدد الضحايا في دارفور لا يفوق عدد الضحايا في بلدان أفريقية أخرى تعاني من المشاكل مع فارق واحد بينها وبين السودان، هو ان ليس للغرب مصالح فيها. الغرب لا يهتم بمعاناة الأفارقة بل أحيانا يفاقمها كما حصل في الصومال أو في الكونغو. الغرب يهتم بمعاناة الأفارقة فقط عندما يمكن استغلال هذه المعاناة لمحاولة عزل الحكومة في السودان لانها وجدت نفطا والأسوأ من ذلك قامت ببيعه للصين. هذه جريمة السودان الحقيقية وليس ما يحصل في دارفور.


* ما هي التطورات التي تتوقعها في الملف الإيراني؟

غالاوي: أنا متشجع بعض الشيء من رسالة أوباما للإيرانيين في رأس السنة الإيرانية وأنا متشجع من الرد الإيراني عليها. لكن كما قال الخميني: هذه الرسالة يجب أن تكون حقيقية وليست مجرد كلام، بل يجب أن تكون مقرونة بخطوات فعلية عى أرض الواقع. إذا كان أوباما يعني ما قاله في رسالته، فهذا مؤشر جيد. إن محاولات تجريم إيران وتهميشها مصيرها الفشل. فالسياسات الغربية بحد ذاتها جعلت من إيران أكثر نفوذا في المنطقة. أثناء زيارتي الى البحرين اشتكى أمامي أحد الوزراء من النشاط الإيراني في البلد، وحين سألته من فتح الأبواب على مصراعيها لإيران في المنطقة، أجابني، بعد أن فهم قصدي من السؤال، أن الولايات المتحدة طلبت منا أن نشارك في قتل إخوتنا ونحن فعلنا ذلك،، ثم صمت. ما كان يعنيه هو المشاركة في تدمير العراق وحصول ما كان متوقعا، حتى الرجل الأعمى كان يستطيع أن يرى بأن تدمير العراق كان سيؤدي حتما الى إزدياد نفوذ إيران في المنطقة، فما الجدوى من الشكوى الآن.

التعليقات