5 أعوام على "حرب الإرهاب".. ماذا تقول أرقام بوش؟

-

5 أعوام على
بعد خمس سنوات على بدء، ما أطلقت عليه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش اسم "الحرب على الإرهاب"، والتي أعقبت ضرب برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 أيلول من العام ,2001 والتي أعلن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن مسؤوليته عنها، ماذا كانت حصيلة فظائع هذه الحروب بالأرقام؟

البداية كانت 11 أيلول من العام ,2001 وفي السابع من تشرين الأول من العام ذاته شن بوش حرباً على أفغانستان أريد منها "إلقاء القبض على أسامة بن لادن" العقل المدبّر للهجمات "الإرهابية". وشُكِّلت يومها قوات تحالف بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا للتدخل عسكرياً في هذا البلد، وأطلق عليه اسم "عملية الحرية المستدامة". لم يبالي أحد في وضع احصاء جدي لحصيلة القتلى في صفوف الأفغان بسبب هذه الحرب. الا ان المتفق عليه أنهم بالآلاف. وفي المقابل، سقط 491 قتيلاً في صفوف "قوات التحالف"، 341 منهم اميركيون، بحسب موقع "أي كاجواليتيز"، فيما أشار موقع "سي ان ان" الإخباري إلى مقتل 486 جندياً من "قوات التحالف"، 338 منهم أميركيون في إحصاء أجري أمس الأول.

اليوم يقدّر عدد ضحايا هذه الحرب التي لا تزال مستمرة منذ خمس سنوات، بحوالي 8337 قتيلاً أفغانياً ما بين مدنيين ومقاتلين وعناصر الشرطة الأفغانية، كنتيجة مباشرة للحرب بحسب دراسة أعدّتها جامعة نيو هامبشاير، فيما أشار موقع "بودي كاونت" إلى مقتل 5342 مدنياً أفغانياً حتى يوم أمس. الا انه يعتقد ان الحصيلة الحقيقية اعلى من ذلك بكثير نظراً لعادات الافغان بدفن موتاهم سريعاً، والطبيعة الجغرافية الصعبة للعديد من المناطق الافغانية التي كانت تشهد عمليات حربية والتي تجعل المنظمات او الجهات المعنية في الاطلاع على ما جرى غير قادرة على ذلك. وما زال الشخص الأساسي المستهدف من هذه الحرب، أسامة بن لادن، خارج لائحة القتلى حتى هذا التاريخ.

ولتفصيل هذه الأرقام، أفادت الدراسة الجامعية أنه ما بين الأعوام 2001 و2003 وصل عديد القتلى الأفغان إلى نحو ,3700 فيما انخفض هذا العدد إلى 437 قتيلاً في العام 2003 .2004 وذكرت وكالة "اسوشيتيد برس" بأن عدد القتلى من الأفغان خلال العام الحالي 2006 وصل إلى نحو 3000 قتيل حتى الآن، وهو ضعف عدد القتلى خلال العام 2005 بأكمله.

أما الصورة الاقتصادية في أفغانستان فلا تقل فظاعة، حيث أشار تقرير صادر عن البنك الدولي تحت عنوان "رؤية شاملة لأفغانستان في العام 2006" أن غالبية الأفغان الذين يقدّرون ب30 مليون نسمة، يعيشون في ظروف حياتية صعبة، إذ يحصل 13 في المئة فقط على مياه آمنة، و12 في المئة يحصلون على رعاية صحية ملائمة، فيما يحصل 6 في المئة فقط على الكهرباء. أما نسبة البطالة فتقدّر ب40 في المئة. ويذكر التقرير أن نحو 7 ملايين أفغاني يعانون من الجوع، وهم عرضة "للمجاعة المحتمة". إلى ذلك، تحتاج أكثر من 70 في المئة من المدارس والطرق إلى التأهيل. أما الأسوأ فهو متوسط العمر الأفغاني الذي قدّره التقرير ب44 عاماً فقط.

أما الفضيحة الأبرز في أفغانستان فهي تجارة المخدرات، حيث يعتقد أن "إنتاج المخدرات الذي حظر في عهد طالبان، زاد حالياً مثل النار في الهشيم، وزراعة الخشخاش (الذي تنتج منه مادة الأفيون المخدرة) التي تدنّت بنسبة 95 في المئة قبل العام ,2001 باتت الزراعة الأكثر شيوعاً في غالبية مناطق الجنوب".
وقد يبدو المشهد أكثر ترويعاً في العراق منذ أن شنّ بوش هجومه على العراق فجر يوم الأحد 20 آذار ,2003 حيث أطلقت القوات العسكرية الأميركية البريطانية عملية "حرية العراق" من دون الرجوع إلى قرارات الأمم المتحدة وأسقطت نظام صدام حسين.

واليوم بعد أكثر من ثلاث سنوات على "حرية العراق"، دفع أكثر من 250 ألف مدني عراقي حياتهم ثمناً لهذه الحرب غير الشرعية (حيث ثبت أن جميع المبررات التي لفّقتها الولايات المتحدة لشن هذه الحرب، كانت زائفة)، وذلك بحسب إحصاءات تعود لأوائل صيف العام الحالي لموقع "ويكيبيديا"، وهو رقم أكّدته دراسة لجامعة "جون هوبكينز بلومبرغ" و"بي بي سي نيوز" اعتبرت فيها أن هؤلاء قتلوا كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة للاحتلال، بما في ذلك الموت جراء النقص في الخدمات الطبية وبنتيجة التلوث من الأسلحة المستعملة خلال الحرب وغير ذلك.

وبحسب "ويكيبيديا"، فإن عدد القتلى من المدنيين العراقيين الذين ثبتت وفاتهم بوثائق شهادة الوفاة هو نحو 32 ألف، أما أولئك الذين قضوا من دون وثائق شهادة الوفاة فيتراوح عددهم ما بين 140 ألفاً و194 ألفاً.

أما موقع "عراقي بودي كاونت" فأشار، في إحصاء يغطي حتى يوم أمس، إلى مقتل 48639 مدني عراقي منذ بدء الاحتلال.

أما القتلى من "قوات التحالف" فيقدّر عددهم بحوالى 2981 جندياً، بينهم 2744 أميركياً، بحسب موقعي "سي ان ان" و"أي كاجواليتيز" في إحصاء يغطي حتى يوم أمس. والى جانب هؤلاء، أُصيب أكثر من 20 الف جندي اميركي في الحرب.

اقتصادياً، يشكّل النفط وما يرتبط به من صناعة، 95 في المئة من الاقتصاد العراقي. وبالتالي فإن الحديث عن الخسائر الاقتصادية يعني الحديث على الخسائر في قطاع النفط أساساً. وقد أشار تقرير صدر مؤخراً للمفتش المستقل للحكومة الأميركية ستيوارت بوين الى أن العراق فقد 16 مليار دولار من عائدات تصدير النفط الممكنة خلال عامين تقريباً (من العام 2004 وحتى 2006). ويعاني قطاع النفط الحيوي في العراق منذ الغزو من عمليات نهب وتهريب "أفضت إلى خسارة مليارات الدولارات، سواء في صورة خسائر فعلية مباشرة أو في الفرص الضائعة"، حسبما أشار تقرير رسمي في بغداد صادر قبل أشهر.

وبحسب تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس فإنه "مع انتهاء السنة المالية 2006 في مطلع تشرين الأول الحالي، تكون الولايات المتحدة قد تكبّدت حوالى 439 مليار دولار (في الحربين). ففي العراق وحده تكبّدت نحو 320 مليار دولار ما يعني نحو 6.4 مليار دولار شهرياً وهو ما يعادل 200 مليون دولار يومياً، وفي أفغانستان، فقد صرفت الولايات المتحدة حوالى 89 مليار دولار أي ما يوازي 1.6 مليار دولار شهرياً. كما توقّع مكتب الميزانية في الكونغرس أن تنفق الولايات المتحدة ما بين الأعوام 2007 و2016 نحو 371 مليار دولار إضافية، إذا استمرت نفقات الحربين على هذا المنوال.

وتشير الإحصاءات إلى أن العراق كلف أميركا في السنة المالية 2006 وحدها 101 مليار دولار، وهو ما يعادل ضعف تكلفتها في العام 2003 التي بلغت 51 مليار دولار.
إلى ذلك أشار تقرير أميركي صادر عن النواب الديموقراطيين في الكونغرس قبل أسبوع أن احتلال وإعادة بناء العراق قد يكلفان دافعي الضرائب الأميركيين 179 مليار دولار في أفضل الاحتمالات. لكن الرقم قد يقفز إلى أكثر من 309 مليارات دولار بحلول العام 2008 وإلى 418 مليار دولار بحلول العام 2010 إذا ما استمرت القوات الأميركية في احتلال هذا البلد.

ولكن دراسة أعدّها المسؤول السابق في البنك الدولي جوزيف ستيغلتز والحاصل على جائزة نوبل للسلام، فذكرت أن حرب العراق تكبد الولايات المتحدة ما بين تريليون أو تريليوني دولار كحد أقصى، مبرراً أن هذه الأرقام الكبيرة تتضمّن ايضاً تكاليف الإنفاق الصحي على الجنود الأميركيين المصابين خلال الحرب، والخسائر التي تتكبّدها الولايات المتحدة جراء ارتفاع أسعار النفط، والتي كان لاحتلال العراق دور رئيسي في ارتفاعها.

حصيلة القول بشرياً، تسببت حربا بوش في أفغانستان والعراق خلال نحو 5 سنوات، بمقتل 261809 أشخاص، ما بين أفغان وعراقيين وأميركيين وغيرهم من جنود التحالف، أي ما يوازي 88 ضعفاً لعدد القتلى (2973 شخصاً) في هجمات 11 أيلول.

و"حسابياً" إن لم يتحرّك العالم لإيقاف بوش وحروبه، فإن نحو 157085 شخصاً ينتظرون مصيراً مماثلاً خلال السنوات الثلاث المتبقية من حكم بوش الذي يغادر منصبه في 20 كانون الثاني من العام 2009!

التعليقات