الجارديان البريطانية تنشر ملحقا خاصا يؤكد: اسرائيل تدير نظاما عنصريا كنظام الابرتهايد في جنوب افريقيا

الصحفي كريس ماك جريل، الذي امضى اربعة اعوام في القدس واكثر من عقد في جنوب افريقيا يؤكد بالكلمة والصورة اوجه التشابه بين النظام العنصري في جنوب افريقيا ومعاملة اسرائيل للفلسطينيين

الجارديان البريطانية تنشر ملحقا خاصا يؤكد: اسرائيل تدير نظاما عنصريا كنظام الابرتهايد في جنوب افريقيا
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، ملحقا يضم 12 صفحة بعنوان "إسرائيل والفصل العنصري" يحمل مقارنة بين ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة والممارسات التي كان يقوم بها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

ولا تقتصر المقارنة على الكلمات وحسب بل تعرض الصحيفة صورا تكاد تكون متطابقة للممارسات التي كان ينتهجها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وتلك التي تتبعها إسرائيل مع الفلسطينيين.

وقد أعد هذا التقرير الخاص، الذي سينشر الجزء الثاني والأخير منه يوم غد الاربعاء، مراسل الجارديان، كريس ماك جريل، بعد أربعة أعوام قضاها في القدس وأكثر من عقد في جوهانسبرج.

ومن الصور التي يعرضها تقرير الجارديان صورة لشارع رئيسي في بلدة الرام احيط بالجدار العنصري الذي تبنيه اسرائيل على اراضي الضفة الغربية المحتلة، وصورة اخرى لجندي اسرائيلي ينكل بشاب فلسطيني والى جانبها صورة لجندي من جيش النظام العنصري السابق في جنوب افريقيا ينكل بمواطن افريقي، وكذلك صورة لجندي اسرائيلي يفحص مستندات مواطن فلسطيني الى جانب جندي عنصري من جنوب افريقيا يفحص مستندات مواطن افريقي اسود.
وتعرض صفحة الغلاف صورة لمواطن عربي من اسرائيل يحمل بطاقة الهوية الاسرائيلية الى جانب مواطن اسود من جنوب افريقيا يحمل بطاقة الهوية التي منحها له النظام العنصري في العام 1970.

وكتب معد التقرير الصحفي كريس ماك جريل، ان هناك عدد قليل جدا من الدول في العالم التي تخلق حكوماتها شبكة من القوانين التي تميز بين السكان حسب مكان اقامة كل منهم. من تلك الدول نظام الابرتهايد العنصري السابق في جنوب افريقيا واسرائيل. ويقارن الكاتب بين القوانين الخاصة التي سنها النظام العنصري لصالح البيض في جنوب افريقيا والقوانين التي سنتها اسرائيل لصالح اليهود، وتلك التي سنتها جنوب افريقيا للتعامل مع الزنوج الافريقيين مقابل تلك التي سنتها اسرائيل للتعامل مع العرب. ويصف الجدار الذي تبنيه اسرائيل على اراضي الضفة الغربية بـ"جدار الأبرتهايد" كونه يفصل بين جمهورين ويبتلع اراضي العرب.

وعلى سبيل المثال يقدم الصحفي صورة للخدمات التي يحصل عليها المواطنون اليهود في المكاتب الحكومية وتلك التي يحصل عليها الفلسطينيون في القدس الشرقية. فاليهود يقفون في طابور الانتظار لفترة وجيزة، ويتمتعون بكل وسائل الراحة، بينما يبدأ الفلسطينيون في شرقي القدس بالوقوف في الطوابير في منتصف الليل، او يضطرون الى دفع رشاوى لاخرين كي يضمنوا لهم مكانا في الطابور. وفيما يقف المواطنون اليهود في اروقة مكيفة، يضطر الفلسطينيون الى الوقوف خارج المكاتب الحكومية، تحت اشعة الشمس الحارقة، حتى في سبيل تسجيل مولود جديد او الحصول على مستند يؤكد وفاة شخص من العائلة او لمجرد الحصول على بطاقة هوية.

ويقارن الكاتب هذا الوضع بما كان يحدث في جنوب افريقيا حيث خصصت سلطات الابرتهايد مداخل خاصة للبيض مفصولة عن المداخل المخصصة للسود.
كما تعرض الجارديان في تقريرها معطيات حول عدد السكان في القدس الشرقية. وتقول ان اليهود هربوا من شرقي المدينة في العام 1948، لكن عددهم ازداد بشكل متواصل في المدينة منذ احتلال عام 1967، في الوقت الذي تراجع فيه عددهم في القدس الغربية. ويقول ان عدد اليهود الذين يقيمون في القدس الشرقية وفي المستوطنات المتاخمة لها يضاعف، اليوم، بنسبة الثلثين عدد السكان الفلسطينيين في كل الاحياء العربية.

ويوضح المحامي دانيئيل زايسمان في التقرير ان البيوت بنيت لليهود ولكن على أراض سلبت من العرب. ويؤكد منع العرب من شراء املاك في الحي اليهودي في القدس الشرقية اعتمادا على الادعاء بأن كل فئة سكنت في الماضي في الحي المخصص لها. لكن هذا الادعاء لا يمنع الحكومة الاسرائيلية من توطين اليهود في احياء عربية.

ويستبق الكاتب ردود الفعل الاسرائيلية على تقريره قائلا: سيقوم اسرائيليون ويدعون ان المقارنة ليست في محلها، خاصة وانه لا توجد في اسرائيل لافتات خاصة لتوجيه اليهود واخرى لتوجيه غير اليهود، كما كان عليه الامر في جنوب افريقيا، كما لا يتم الفصل في حافلات الركاب او المراحيض العامة.
ولدحض ذلك يستشهد الكاتب بشهادات مواطنين يهود هاجروا من جنوب افريقيا وبآخرين نجوا من الكارثة يؤكدون في اوصافهم لاسرائيل الحديثة مظاهر تذكر بسياسة الفصل العنصري.

ويقتبس التقرير اقوال القنصل الاسرائيلي الاسبق في جنوب افريقيا، الون ليئال، الذي يقول: "اذا نظرنا الى ضخامة التعامل غير العادل مع الفلسطينيين فسنجد ان هناك مكانا لمقارنة الامر بنظام الابرتهايد. قد تكون فلسفتنا مغايرة وناجمة عن دوافع الامن، لكن في المحصلة النهائية تشير النتائج الى اننا نتواجد في المجموعة ذاتها" (الابرتهايد).

كما يقتبس التقرير المواطن الاسرائيلي من أصل جنوب افريقي المدعو جولدريخ، والذي عانى في ظل النظام العنصري في جنوب افريقيا لرفضه دراسة اللغة الألمانية في مدرسته واصراره على تعلم العبرية.

ويقول غولدريخ الذي يعيش في هرتسليا، ان اسرائيل اليوم تشبه نظام البيض في جنوب افريقيا، ويضيف ان الحكومة الاسرائيلية تثبت بشكل مؤكد انها معنية بالارض اكثر من السلام.

ويشير التقرير الى البنية التحتية المنهارة في القدس الشرقية. ويقول ان اليهود الذين يصلون الى القدس الشرقية لزيارة "حائط المبكى" لا يعرفون ما يحدث في ازقة القدس الشرقية التي يدعون انها جزء من عاصمتهم. ولو زاروا المدينة في الداخل لاصطدموا بعالم مختلف: مناطق تفككت شوارعها، تتراكم فيها النفايات، واحياء فلسطينية غير مربوطة بشبكات صرف المياه.

التعليقات