تقرير «سري» لوكالة الطاقة الذرية يخشى من حصول إيران على رؤوس نووية ويوجه اتهامات لسوريا

الوكالة الذرية تشتبه في نشاط نووي سوري في موقع مدمر * رئيس جديدة للوكالة سياسة وتوجهات جديدة

تقرير «سري» لوكالة الطاقة الذرية يخشى من حصول إيران على رؤوس نووية ويوجه اتهامات لسوريا
قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس في تقرير سري انها تخشى أن تكون ايران تعمل الآن على صنع شحنة نووية لصاروخ. وأكد التقرير الذي نشرت وكالة "رويترز" أجزاء منه أن ايران انتجت اول كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء اعلى تبلغ 20 في المئة لكنها لم تقدم للمفتشين الاخطار المسبق اللازم.
ويأتي الكشف عن هذا التقرير في خضم جهود أمريكية وغربية وإسرائيلية لفرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران للضغط عليها للتخلي عن مشروعها النووي، ومن شأن هذا التقرير أن يزيد من حدة مواقف هذه الجهات. فيم تقول إيران إن برنامجها النووي هو لأهداف مدنية ويهدف إلى توليد الكهرباء وإنتاج نظائر مشعة للاغراض الزراعية او الطبية.

وتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عدة سنوات في تقارير مخابرات غربية تشير الى أن ايران تبذل جهودا منسقة لمعالجة اليورانيوم وتجربة متفجرات على ارتفاع كبير وتعديل رأس لصاروخ بعيد المدى ليصبح مناسبا لرأس نووي. وأصدرت الولايات المتحدة عام 2007 تقييما يقول ان ايران أوقفت مثل هذه الابحاث عام 2003 ولم تستأنفها على الارجح. لكن حلفاءها الغربيين الرئيسيين وإسرائيل يصرون أن ايران واصلت برنامجها وقدم تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية دعما مستقلا لهذا التصور للمرة الاولى.

وقال التقرير "المعلومات المتاحة للوكالة مستفيضة... ومتسقة بشكل عام ويوثق بها فيما يتعلق بالتفاصيل التقنية والاطار الزمني الذي جرت فيه الانشطة والاشخاص والهيئات المشاركة.

"وهذا كله يثير بواعث قلق بشأن احتمال وجود أنشطة في ايران سواء في الماضي أو في الحاضر لم يتم الكشف عنها تتعلق بانتاج شحنة نووية لصاروخ."

ويتسم التقرير بلغة حادة على نحو غير مألوف في تقارير الوكالة وهو أول تقرير بشأن ايران في عهد المدير العام الجديد يوكيا أمانو الذي ينظر اليه على أنه أكثر ميلا للمواجهة مع ايران بشأن سلوكها من المدير السابق محمد البرادعي.

وقال التقرير الذي سيناقشه مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة في اجتماع يعقده في الفترة من الاول الى الخامس من مارس اذار انه مع مرور الوقت تزيد صعوبة الكشف عن المعلومات المعنية ومن ثم فمن الحيوي أن تتعاون ايران مع محققي الوكالة "دون مزيد من الابطاء".

وشكا التقرير من أن ايران بدأت تغذية أجهزة الطرد المركزي باليورانيوم منخفض التخصيب لتخصيبه الى درجة نقاء أعلى قبل أن يتمكن مفتشو الوكالة من الوصول الى الموقع في منشأة نطنز التجريبية للتخصيب.

وقال "مدة الاخطار التي أتاحتها ايران فيما يتعلق بالتغييرات ذات الصلة (لمعايرة أجهزة الطرد المركزي) غير كافية للوكالة حتى تتمكن من تعديل اجراءات المراقبة القائمة حاليا."

وقال التقرير كذلك ان ايران زادت ما لديها من اليورانيوم منخفض التخصيب 300 كيلوجرام ليصل مخزونها الى 2.06 طن منذ نوفمبر تشرين الثاني وهو ما يكفي لصنع قنبلة أو قنبلتين اذا تم تخصيبه الى مستوى 90 في المئة.

كما أكد عدم توسيع طاقة التخصيب في منشأة التخصيب الرئيسية تحت الارض في نطنز حيث أجرت ايران تخفيضا اخر لعدد أجهزة الطرد المركزي العاملة على مدى السنة الاخيرة ليصل الى 3772 جهازا بعد أن كان قرابة 4000 جهاز.

وأشار التقرير الى أن هذا العدد يقل كثيرا عن نصف عدد الاجهزة الموجودة بالفعل في نطنز وهو 8610 وحدات. ويقول محللون ودبلوماسيون قريبون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران ربما تواجه مشكلات ميكانيكية خطيرة في الحفاظ على تشغيل وحدات الطرد المركزي العتيقة التي تعود الى السبعينات في وقت واحد.

لكن مسؤولا دوليا رفيعا طلب عدم نشر اسمه قال ان ايران حولت تركيزها على ما يبدو الى تطوير موقع ثان للتخصيب في فوردو بالقرب من قم وهو موقع قالت ايران انه سيحافظ على استمرار برنامجها النووي اذا تعرضت منشأة نطنز للقصف.

وعلى صعيد آخر قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس ان اثار يورانيوم عثر عليها في مجمع صحراوي سوري دمره قصف اسرائيلي في 2007 تشير الى نشاط نووي سري محتمل في الموقع.

وهذه هي المرة الاولى التي تقدم فيها الوكالة التابعة للامم المتحدة دعما علنيا للشكوك الغربية بان الموقع الذي قصفته طائرات حربية اسرائيلية كان مفاعلا نوويا في مراحله الاولى قالت واشنطن انه من تصميم كوريا الشمالية وكان يجري اعداده لانتاج بلوتونيوم من الدرجة التي تستخدم في صنع اسلحة.

وقال التقرير السري الذي أعده الامن العام الجديد للوكالة يوكيا أمانو وحصلت عليه رويترز "وجود مثل هذه الجزيئات يشير الى احتمال انشطة ذات صلة نووية في الموقع ويضيف اسئلة فيما يتعلق بطبيعة المبنى المدمر."

وكتب أمانو في التقرير "سوريا لم تقدم الى الان تفسيرا مقنعا لاصل ووجود هذه الجزيئات" رافضا زعم دمشق بأن اثار اليورانيوم جاءت من ذخيرة استخدمتها اسرائيل لتدمير المجمع.

وفيما وصفه محللون بانه انحراف اخر عن سلفه محمد البرادعي حث أمانو سوريا على توقيع البروتوكول الاضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يسمح بعمليات تفتيش بلا قيود تتجاوز المواقع النووية المعلنة لاستكشاف اي نشاط ذري سري.

وقال التقرير ان سوريا رفضت عقد اجتماع في دمشق الشهر الماضي لمناقشة المسألة. لكن المفتشين يعتزمون الان زيارة مفاعل الابحاث في 23 فبراير شباط لاخذ المزيد من العينات لاختبارها.

ونفت سوريا انها كان لديها في أي وقت برنامج لقنبلة ذرية وتقول ان معلومات المخابرات ملفقة.

وقال تقرير الوكالة "سوريا لم تتعاون مع الوكالة منذ يونيو 2008 فيما يتصل بالمسائل التي لم يتم تسويتها المرتبطة بموقع دير الزور والمواقع الثلاثة الاخرى التي يزعم انها متصلة بها وظيفيا."
"ونتيجة لذلك فان الوكالة لم يكن بمقدورها تحقيق تقدم نحو تسوية المسائل العالقة."
وستكون المسألة -بالاضافة الى تزايد قلق الوكالة بشان برنامج ايراني سري محتمل للاسلحة النووية- ضمن جدول الاجتماع القادم لمجلس حكام الوكالة المؤلف من 35 دولة والذي سيبدأ في الاول من مارس اذار.


التعليقات