"ليبيا، بضغط سوري، تمتنع عن إدانة إطلاق الصواريخ من قطاع غزة في مجلس الأمن"..

مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة يتهم الولايات المتحدة بعرقلة التوصل إلى بيان رئاسي بسبب إصرارها على تضمينه إدانة صريحة للصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل

وافقت 14 دولة من 15 دولة، الأعضاء في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة، يوم أمس الجمعة، على نص متفق عليه لقرار رئاسي بشأن الأوضاع في قطاع غزة، والذي يشتمل، للمرة الأولى، على إدانة واضحة لإطلاق صواريخ القسام باتجاه إسرائيل. إلا أن مندوب ليبيا، جاد الله الطلحي الذي يشغل منصب الرئيس المناوب للمجلس، امتنع في اللحظة الأخيرة عن الانضمام إلى ما اتفقت عليه جميع الدول الأعضاء، ومنع بذلك صدور القرار.

ونقلت "هآرتس" عن مصادر وصفتها بـ"الموثوقة" في مقر هيئة الأمم المتحدة أن المندوب الليبي قد امتنع عن الموافقة على القرار في أعقاب ضغط مارسته سورية، وهي إحدى الدول المركزية في مجموعة الدول العربية التي بادرت إلى مناقشة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة في مجلس الأمن.

وقال رئيس مجلس الأمن أنه سيقوم بنقل نص القرار إلى عدد من عواصم الدول العربية لإجراء جولة أخرى من المشاورات. ومن المتوقع أن تتجدد مناقشة التصريح الإثنين القادم.

وأضافت "هآرتس" نقلا عن المصادر ذاتها أن النص الذي تمت مناقشته أثناء المشاورات، التي استمرت طوال يوم أمس، الجمعة، تستند إلى اقتراحات أمريكية، حيث ابتدأت بإدانة واضحة ومباشرة لإطلاق الصواريخ، كما أدانت الفصائل الفلسطينية التي تنفذ عمليات ضد إسرائيل.

كما يتطرق القرار إلى الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ويطلب من إسرائيل العمل على تخفيف معاناة سكان القطاع، مع الإشارة إلى أن البيان لا يتضمن أية إدانة لإسرائيل. وفي حال تمت المصادقة في مجلس الأمن على النص الذي تمت صياغته يوم أمس، فسوف تكون المرة الأولى التي يدين فيها مجلس الأمن عملية إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل.

في المقابل، كانت قد أفادت وكالات الأنباء أن مجلس الأمن الدولي وبعد مداولات استمرت أربعة أيام أخفق في التوصل لقرار رئاسي بشأن الأوضاع في قطاع غزة، على خلفية إصرار واشنطن على تضمين البيان إدانة واضحة للصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية من غزة، فيما ألقى المندوب الأميركي باللوم على المجموعة العربية في فشل المجلس بالتوصل لاتفاق حول المسألة.

وكان المجلس عقد في وقت متأخر من ليلة أمس الجمعة جلسة جديدة على مستوى المندوبين الدائمين لمناقشة التعديلات التي أدخلت على مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية بشأن الأوضاع المستجدة في قطاع غزة على خلفية الحصار الإسرائيلي.

بيد أن الجلسة انتهت دون التوصل إلى أي قرار، حيث اتهم مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الولايات المتحدة بعرقلة التوصل إلى بيان رئاسي بسبب إصرارها على تضمينه إدانة صريحة للصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل.
بيد أن نائب المندوب الأميركي لدى مجلس الأمن إليخاندرو دي وولف ألقى باللوم على المجموعة العربية في فشل المجلس، مشيرا إلى أن بلاده تسعى للتوصل إلى بيان متوازن متوقعا أن تتم المصادقة على النص المعدل لمشروع المجموعة العربية في وقت لاحق.

وخص دي وولف في تصريح لوسائل الإعلام في نهاية الجلسة ليبيا بأنها وراء تعطيل صدور بيان رئاسي غير ملزم.

يشار إلى أن الولايات المتحدة كانت الجهة الوحيدة التي اعترضت على النص الأصلي لمشروع القرار الذي تقدمت به ليبيا (باسم المجموعة العربية)، وعللت ذلك بأن الصيغة التي طرح بها المشروع أولا لم تكن "متوازنة" لانها لم تتضمن إشارة واضحة للصواريخ الفلسطينية.

من جهته قال المندوب البريطاني جون سوريز إن البيان -وبعد جلسة مضنية من المناقشات- حظي بموافقة جميع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستثناء مندوب ليبيا الذي طلب التريث إلى حين إجراء مشاوراته مع طرابلس وبقية العواصم العربية.

واعتبر سوريز أن المجلس كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى موقف موحد حول البيان المعدل لولا اعتراض دولتين الولايات المتحدة وليبيا.

من جانبه رد المندوب الليبي جاد الله الطلحي -الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية لمجلس الأمن الدولي- على هذه الانتقادات بالقول إنه ليس لديه أي مشكلة محددة مع مشروع البيان، معربا عن أمله بأن يتلقى التوجيهات المناسبة من طرابلس الاثنين المقبل تمهيدا لعقد جلسة جديدة للمجلس.

وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالمصالح يتعين على المرء أن يحرص على موقفه لا على ردود الآخرين، حسب تعبيره.

ويدعو النص المعدل للبيان الرئاسي -غير الملزم- الذي تقدمت به المجموعة العربية إسرائيل "للتقليل من آثار إجراءاتها على المدنيين في غزة، وتسهيل الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين".

ويشير النص إلى أن المجلس أخذ علما بقرار إسرائيل تعليق قرار إغلاق المعابر ودعا تل أبيب إلى تطبيقه كاملا.

وفي عبارة أخرى أصرت الولايات المتحدة على إدخالها في التعديلات، يدين البيان المقترح "عمليات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون الإرهابية على المدنيين الإسرائيليين من غزة، خاصة بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005" و"يدعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات".

يذكر أن النص يجب أن يحظى بموافقة جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن والبالغ عددهم 15، شريطة ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية حق النقض.

التعليقات