فنزويلا تعلن رسميا عن وفاة هوغو تشافيز

أعلنت السلطات الفنزويلية، مساء الثلاثاء، وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، عن عمر ناهز 58 عاما، بعد صراع مع طويل مع المرض، وحكم لفنزويلا استمر 14 عامًا. وجاء الإعلان رسميا على لسان نيكولاس مادورو، نائب الرئيس الفنزويلي، وهو في حالة حزن شديد وحوله عدد من القادة العسكريين.

فنزويلا تعلن رسميا عن وفاة هوغو تشافيز

أعلنت السلطات الفنزويلية، مساء الثلاثاء، وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، عن عمر ناهز 58 عاما، بعد صراع مع طويل مع المرض، وحكم لفنزويلا استمر 14 عامًا.

وجاء الإعلان رسميا على لسان نيكولاس مادورو، نائب الرئيس الفنزويلي، وهو في حالة حزن شديد وحوله عدد من القادة العسكريين.

وكان مادورو قد عقد اجتماعا مع القيادات السياسية والعسكرية في فنزويلا لدراسة حالة الرئيس هوغو شافيز الصحية.

يذكر أن تشافيز كان يتلقى العلاج من مرض السرطان، وصارعه مدة عامين، وتدهورت حالته الصحية في الآونة الأخيرة، وتجمع المئات خلال الثلاثاء في العاصمة كاراكاس، من أجل الدعاء للرئيس الذي قال الأطباء إنه يمر "بأصعب فترة" في مرضه منذ 11 ديسمبر/كانون الأول.

ويعتبر تشافيز واحدا من أكثر زعماء أمريكا اللاتينية إثارة للجدل، فمؤيدوه كانوا يلقبونه ببطل الفقراء، في حين اعتبره خصومه مستبدا، أما هو فقد كان يفضل تسمية الجندي الثائر، بطل حركات الاستقلال في أمريكا الجنوبية.

العلوم العسكرية والسياسية

ولد هوغو تشافيز في 28 يوليو/تموز 1954، وعاش طفولته في سابانيتا، وهي قرية تقع في جنوب فنزويلا. كان والداه مدرسين وعاش مع أشقائه وجدته، وقد اهتم تشافيز طيلة فترة المراهقة بفنون الرسم قبل أن يغرم برياضة كرة القدم الأمريكية.

لم يستطع تشافيز مواصلة دراسته في العاصمة الفنزويلية كاراكاس لأسباب مادية، فاختار في السابعة عشر من عمره الالتحاق بالأكاديمية العسكرية، ليتخرج منها بعد أربع سنوات برتبة ملازم، متأبطا بندقية وكتابا لتشي غيفارا كما يقول تشافيز نفسه.

ثم التحق تشافيز بجامعة سيمون بوليفار في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، لنيل إجازة في العلوم السياسية، إلا أنه لم يحصل على هذه الشهادة.

الحركة البوليفارية الثورية 200

نضج وعي هوغو تشافيز السياسي خلال فترة المراهقة بفضل لقاءاته السياسية – شقيقه أسس في 1972 الحركة البوليفارية الثورية - وبفضل قراءاته لكارل ماركس وسيمون بوليفار، وخلال أدائه للخدمة العسكرية، كون تشافيز في 1982 الحركة البوليفارية الثورية 200، ذات التوجه الاشتراكي.

شهدت فنزويلا في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي أزمة اقتصادية خانقة، وأدت سياسة التقشف في فبراير/شباط 1989 إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل حاد، وإلى خروج مظاهرات في كاراكاس، وامتناع عدد كبير من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات المحلية.

وحاول هوغو تشافيز في هذا السياق، وعلى رأس حزبه، القيام بانقلاب في 4 فبراير/شباط 1992، وكان على رئيس فنزويلا آنذاك كارلوس أندريس بيريز، إلا أن محاولته باءت بالفشل، وسجن على إثرها لمدة سنتين، ودعا من زنزانته إلى انتفاضة جديدة لقيت المصير نفسه.

16 عاما من الحكم

عام 1994، حصل هوغو تشافيز على عفو رئاسي منحه له الرئيس رافايل كالديرا فور وصوله إلى السلطة، وبعد ثلاث سنوات أسس تشافيز نسخة سياسية من حزبه "الحركة البوليفارية الثورية"، سماه حركة الجمهورية الخامسة"، ما أعطى هذا الحزب طابعا سياسيا بعد أن كان عسكريا.

وفي 1998، فاز تشافيز في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية بـ 56 بالمئة من الأصوات، ورفع خلال حملته الرئاسية شعارا يساريا: "عدو الأغنياء بطل الفقراء"، وكان انتخاب تشافيز بداية لصعود الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية.

ومنذ وصول تشافيز إلى سدة الحكم في بلده، لم يغادرها أبدا، حيث أعيد انتخابه بنسبة تفوق 60 بالمئة من الأصوات عامي  2000 و2006.

انقلاب لمدة 48 ساعة

واجه تشافيز خطر الإزاحة من الحكم بفعل انقلاب كاد يقصيه من رئاسة البلاد، حين قام رئيس غرفة التجارة، بيدرو كارمونا، باستغلال الأوضاع الاقتصادية المأساوية في البلاد بعد انهيار أسعار البترول، مدفوعا بدعم من خصوم تشافيز للانقلاب على الرئيس.

ففي 11 أبريل/نيسان 2002، وخلال مظاهرة للمعارضة تم قمعها وقتل خلالها 15 شخصا، تم اعتقال هوغو تشافيز من عسكريين، كما تم تعيين حكومة جديدة واستلم بيدرو كارمونا مقاليد الحكم لمدة 48 ساعة فقط، قام خلالها أنصار تشافيز، وبمساعدة الحرس الجمهوري بالانقلاب عليه وإعادة تشافيز إلى الحكم. وتمكن هوغو تشافيز من النجاة من سيناريو الانقلاب وثبت نفسه في منصب رئيس الجمهورية خلال استفتاء في 15 أغسطس/آب 2004.

تغييرات رفضها الفنزويليون وتضييق شديد على الإعلام

منذ بداية حكمه، قام تشافيز بثورة تغيير ذات توجه اشتراكي، وحقق إصلاحات مؤسساتية، وقام بتمرير استفتاء لتغيير الدستور، قبل إعادة انتخابه في يوليو/تموز 2000، وبعد ذلك بست سنوات، أعلن تشافيز عن تنظيم استفتاء دستوري لرفع عدد الولايات الرئاسية والنص على الاشتراكية في الدستور، وبتعليق حرية الصحافة في حالة الطوارئ، إلا أن هذه القرارات رفضها الفنزويليون بنسبة 50.7 بالمئة.

وفي 2007، كوّن تشافيز حزبا اشتراكيا موحدا يضم كل الهياكل السياسية التي تساند الثورة البوليفارية، أطلق عليه "الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا".

وخلال صيف 2009، قام تشافيز بإغلاق 34 إذاعة وتلفزيون في البلاد، في حملة قاسية على الإعلام، واجهت الكثير من الانتقادات الداخلية والخارجية,

تأميم وإصلاحات اقتصادية

خلال 16 عاما من الحكم، قام تشافيز بانتهاج سياسة التأميم لمؤسسات الكهرباء، والاتصالات، وحقول النفط، وإعادة توزيع الأراضي على المزارعين، ووضع برامج اجتماعية خاصة في التعليم، حيث اندثرت الأمية في فنزويلا بحسب اليونسكو، واهتم بالصحة، إذ عقد صفقة مع جارته كوبا بمنحهم النفط مقابل 20000 طبيب كوبي.

استغل تشافيز كل الفرص للتوجه بخطابات إلى الشعب الفنزويلي، وكل أسبوع كان يخاطب الشعب خلال برنامج اسمه "ألو يا رئيس"، وأحيانا كان يقوم خلال هذا البرنامج بالرقص والغناء.

العداوة للولايات المتحدة الأمريكية وإحلفائها

وصمم تشافيز على الترويج لرؤيته الثورية التي كان يتقاسمها مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، الذي اعتبره "الأب الروحي"، كما كان يحرص على ذم السياسية الليبرالية الجديدة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان صرح خلال حكم جورج بوش الابن قائلا: "دعوا كلاب الإمبراطورية تنبح، فهذه مهمتهم، أما نحن فنقاوم لتحرير شعبنا."

واستغل قائد اليسار في أمريكا اللاتينية، والمناهض للولايات المتحدة، كل فرصة للتعبير عن معاداته لحلفاء الولايات المتحدة.

وصف الحرب على غزة بـ "المحرقة"

وكان قد صرح في 2009، غداة الحرب الإسرائيلية على غزة، بأن إسرائيل قامت بـ"محرقة" في غزة، وطالب "بمحاكمة الرئيس الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، وكذلك الرئيس الأمريكي".

كما أعلن تشافيز صراحة تقاربه مع أعداء الأعداء، كالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي كان يصفه بأنه بمثابة "الأخ"، وفي أغسطس/آب 2011 أدان عمليات الناتو في ليبيا، ودعم القائد الليبي السابق معمر القذافي، كما وقف موقفا داعما للنظام السوري.

ومنذ يونيو/حزيران الماضي، بدأ تشافيز بمصراعة مرض السرطان، وخضع لسلسلة من العلاج الكيمياوي في كوبا، وتدهورت صحته مؤخرا بعد عودته إلى بلاده حتى وافته المنية الثلاثاء 5 مارس/آذار 2013.

التعليقات