جنوب السودان تحتفل باستقلالها في ظل المجاعة والحرب الأهلية

أبدى رئيس جنوب السودان، سالفا كير، وزعيم المتمردين، رياك مشار، استعدادهما لاستئناف محادثات السلام وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة لاستقلال هذا البلد الذي تمزقه حرب أهلية والمهدد بمجاعة خطيرة.

جنوب السودان تحتفل باستقلالها في ظل المجاعة والحرب الأهلية

أبدى رئيس جنوب السودان، سالفا كير، وزعيم المتمردين، رياك مشار، استعدادهما لاستئناف محادثات السلام وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة لاستقلال هذا البلد الذي تمزقه حرب أهلية والمهدد بمجاعة خطيرة.

وقال كير في احتفال في العاصمة جوبا‫: "رغم أن قوات رياك مشار تواصل مهاجمة قواتنا، فإنني أدعو من جديد إلى منطق الحل السلمي".

ومفاوضات السلام متوقفة حاليا في حين أن الحرب مستمرة منذ نحو سبعة أشهر والمجاعة تهدد البلاد.

وبعد استعراض غنائي راقص شعبي، شاهد الآلاف من أبناء جنوب السودان وهم يلوحون بعلم بلادهم العروض العسكرية في وسط المدينة التي وضعت تحت إجراءات أمنية مشددة ‫"من القوات الحكومية وامتلات بملصقات تحمل عبارة "شعب واحد أمة واحدة".

وفي كلمته، أكد مشار متوجهًا إلى المتمردين‫: "ألقوا السلاح وعودوا إلى دياركم". وحذّر من إذا لم نوقف الحرب سيموت المزيد من مواطنينا، مؤكدًا أنه ما زال ملتزما في مباحثات السلام.

لكنه رفض واحدًا من المطالب الرئيسية للمتمردين، وهي أن تسحب أوغندا قواتها التي أرسلتها إلى جنوب السودان لدعم قوات جوبا.

والرئيس الأوغندي، يويري موسيفيني، من رؤساء المنطقة القلة الذين شاركوا في الاحتفالات فيما أرسل السودان عدو الجنوب اللدود لعقود، النائب الثاني لرئيسه عمر البشير.

ومن أديس أبابا أكد رياك مشار استعداده لاستئناف المفاوضات. وقال أمام الصحافيين‫: "نحن هنا للبحث عن تسوية سلمية لهذه المشكلة نحن هنا على استعداد للنقاش". لكنه ندد بـ"طغيان" حكومة كير ودعا إلى توقيع عقوبات على زعماء جوبا. وأكد أنه تحت حكم كير "لم يعرف بلدنا سوى الديكتاتورية والفوضى والفساد والنزعة القبلية والتخلف".

يأتي هذا الاحتفال بالذكرى الثالثة لاستقلال هذه الدولة الأحدث في العالم، وسط حرب أهلية تتخللها مذابح قبلية دامية ومجاعة خطيرة تهدد سكانها.

وملصقات "شعب واحد، أمة واحدة" لم تعد تخدع أحد بعد أن أصبحت البلاد منذ نحو سبعة أشهر أكثر تمزقا من أي وقت مضى.

فالنزاع الذي اندلع في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2013 بسبب الصراع على السلطة بين الرئيس كير ونائبه السابق مشار، أحدث انقسامات عميقة بين العديد من قبائل الجنوب، خصوصًا بين قبائل الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس كير، وقبائل النوير التي ينتمي إليها منافسه، تجلت في سلسلة طويلة من التجاوزات والمذابح التي كان المدنيون أولى ضحاياها.

وعشية هذه الاحتفالات، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المتحاربين إلى إالقاء السلاح والعودة فوراً إلى طاولة المفاوضات".

من جانبها، قالت ممثلة الأمم المتحدة في جنوب السودان، هيلدا جونسون‫: "لم يسبق أن شاهدنا مثل هذه المجازر والفظاعات بين أبناء جنوب السودان أنفسهم".

ومع انتهاء مهمتها في رئاسة بعثة الأمم المتحدة شنت هجوما قاسيا على قادة الطرفين الذين يهتمون فقط بـ"تحقيق مصالحهم الخاصة" وينخرهم "سرطان الفساد" ويعيدون هذا البلد الغني بالنفط "عقودا إلى الوراء" ليصبح على حافة كارثة إنسانية.

وقالت جونسون‫: "قد نواجه أسوأ مجاعة في تاريخ البلاد ولن يكون سببها عدم هطول الأمطار".

وبعد أن أوقعت عشرات الآلاف من القتلى وأرغمت نحو 1,5 مليون شخص (أكثر من 10% من السكان) على ترك ديارهم ومحت بلدات بأكملها من الخريطة باتت الحرب تهدد بمصيبة جديدة: المجاعة.

وحذرت الأمم المتحدة من جانبها من أن "الأزمة الإنسانية تفلت الآن من أي سيطرة مع تفشي سوء التغذية والأمراض وإضطرار المزيد من السكان إلى الفرار من ديارهم".

في بنتيو، العاصمة المدمرة والمهجورة لولاية الوحدة النفطية، بات معسكر الأمم المتحدة ياوي 40 ألف شخص "ويوشك أن يصبح سريعا من اكبر الكوارث الإنسانية في هذا البلد" كما انذرت إيمي الأنصاري مديرة منظمة كير غير الحكومية في جنوب السودان.

وقالت الأنصاري‫: "في هذا المخيم، الوحل يصل إلى الركب والمياه شحيحة للغاية وحالات سوء التغذية تتزايد وأولى الإصابات بالكوليرا بدأت تظهر".

وفي حين تعيش أعداد لا تحصى من أبناء جنوب السودان معاناة لا تحتمل تمخضت مفاوضات السلام، التي تعقد في فنادق فخمة في أديس أبابا عن العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار، بل وعن تعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

لكن كل هذه الوعود تبخرت في الهواء والأدهى أن الفريقين يقاطعان منذ أيام هذه المباحثات.

بالنسبة لغاتلواك، نهيال الشاب الذي لجا مثل أكثر من 15 ألف آخرين إلى واحدة من قاعدتي الأمم المتحدة في جوبا، الأمر أصبح محسوماً: جنوب السودان "لم يعد أمة"، في المقابل أعرب الشاب أندرو كول في إحتفالات عن الأمل‫ "في أن نكون العام المقبل سعداء كلنا ونحتفل معا كمواطني أمة واحدة".

التعليقات