العفو الدولية: عام على هجوم "داعش"؛ "عنف طائفي مميت"

​بعد عام على هجوم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على العراق، نشرت منظمة العفو الدولية بيانًا أشارت فبه إلى أن التنظيم وميليشيات الحشد الشعبي استخدموا العنف الطائفي المميت، وأرفق خريطة تفاعلية حول مناطق النزاع والمذابح التي قامت بها هذه الأطراف.

العفو الدولية: عام على هجوم

الحشد الشعبي يخط شعاراته على علم داعش بعد طرده من تكريت (أ.ف.ب)

بعد عام على هجوم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على العراق، نشرت منظمة العفو الدولية بيانًا أشارت فبه إلى أن التنظيم وميليشيات الحشد الشعبي استخدموا العنف الطائفي المميت، وأرفق خريطة تفاعلية حول مناطق النزاع والمذابح التي قامت بها هذه الأطراف.

وتضمنت خريطة الأحداث تفاصيل المحنة التي تعرَّض لها المدنيون العراقيون الذين علقوا في براثن الجرائم الرهيبة المتصاعدة على نحو مميت التي ارتُكبت على أيدي الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم "الدولة الإسلامية" والهجمات الانتقامية الوحشية من جانب الحكومة العراقية ومليشيات الحشد الشعبي المهيمنة المدعومة حالياً من قِبلها.

وضمن خريطة الأحداث هذه تنشر المنظمة تقريريْن موجزيْن يحتويان على النتائج التي توصلت إليها بشأن مجزرتيْن نُفذتا في كانون الثاني (يناير) 2015 انتقاماً من تنظيم داعش على الجرائم التي ارتكبها على ما يبدو، وهما: المجزرة التي ذهب ضحيتها أكثر من 46 شخصاً من العرب السنة في بروانة، وهي قرية في محافظة ديالى، على أيدي مليشيات الحشد الشعبي والقوات الحكومية، ومقتل 21 قروياً من العرب السنة في منطقة سنجار على أيدي الأيزيديين.

لرؤية الخريطة التفاعلية

وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري منظمة العفو الدولية لشؤون الأزمات، التي أمضت ردحاً كبيراً من العام المنصرم في العراق، حيث قامت بتوثيق جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان: "لقد ظل العراق غارقاً في حالة من العنف المتصاعد منذ أن اجتاحت قوات تنظيم الدولة الإسلامية أجزاء واسعة من البلاد قبل عام. وقوبلت الجرائم البشعة التي اقترفها التنظيم بهجمات طائفية متنامية من قبل مليشيات الحشد الشعبي، التي تنتقم من التنظيم على جرائمه باستهداف العرب السنة". وأضافت: "ونظراً لأن الجناة ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية والمليشيات الشيعية القوية، ممن لا تطال يد القانون معظمهم، فإن المدنيين لا يجدون من يلجأون إليه لحمايتهم، ولا يستطيع الضحايا الوصول إلى العدالة".

ومنذ استيلاء تنظيم داعش على الموصل، ثاني كبريات المدن العراقية، في 10 حزيران (يونيو) 2014، أطلق التنظيم العنان لموجة من الرعب، حيث نفذ عمليات قتل جماعي ميداني وعنف جنسي واختطاف وتعذيب – مستهدفًا الشيعة والأقليات الدينية والعرقية وعشائر سنية كثيرة.

مذبحة بروانة:  جثث ملقاة على الطريق 

وصفت عشرات النساء والفتيات لمنظمة العفو الدولية في إحدى الهجمات في قرية بروانة كيف قُبض على أقربائهن وجيرانهن الذكور من منازلهم وقُتلوا بالرصاص بدم بارد في 26 كانون الثاني (يناير) 2015 على أيدي أفراد من مليشيات الحشد الشعبي والقوات الحكومية. وقد عُثر على جثثهم ملقاة على قارعة الطرق حول القرية، وهم مقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين، الأمر الذي يشي بأنهم ذهبوا ضحايا لعمليات إعدام ميداني تصل إلى حد جرائم الحرب.

قالت ناديا، التي كان زوجها ونجلها وصهرها من بين القتلى في ذلك الهجوم: "انتشرت الجثث في كل مكان. كانت هناك عشرات وعشرات منها، بعضها قرب مقلب النفايات، وبعضها الآخر في أحد الحقول. لا يمكن أن أنسى ذلك المشهد، رؤوس فُجرت وأجساد كُوِّرت وبرك من الدماء سالت".

وذكر آخرون من السكان كيف تنقَّل رجال مسلحون يُعتقد أنهم من مليشيا بدر- وهي واحدة من أقوى المليشيات في العراق- من بيت إلى بيت، واقتادوا الرجال. وكان معظم القتلى شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً، بينهم أطفال وشيوخ.

ووصفت والدة إحدى الضحايا مقتل ابنها البالغ من العمر 17 عاما: "سمعتُ أصوات إطلاق نار وصراخ. وعندما توقفتْ الأصوات خرجتُ من المنزل لأرى جثة ابني ملقاة بجانب مقلب النفايات...رأيتُ ثقباً كبيراً في رأسه، وكان دماغه يسيل...لقد كان مجرد طفل، لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر بعد".

إقرأ أيضًا: واشنطن تدرس إرسال 500 عنصر لتدريب الجيش العراقي

وحدثت المذبحة عقب مقتل أفراد من مليشيات الحشد الشعبي والقوات الحكومية الذين كانوا يقاتلون مجموعات من تنظيم داعش في المناطق المحيطة على مدى أسابيع، وهي تحمل بصمات هجوم انتقامي.

كما نفذت مليشيات الحشد الشعبي، بدعم وتسليح من قبل الحكومة العراقية، هجمات مشابهة في شتى أنحاء العراق، حيث اختطفت وقتلت عشرات المدنيين السنة، مع الإفلات التام من العقاب، وفي بعض الحالات قامت بالتهجير القسري لمجتمعات سنية كاملة.

سنجار: حملة تطهير عرقي للأقلية الأيزيدية

ويوضح هجوم ثأري آخر وقع في منطقة سنجار العواقب المدمرة لحملة التطهير العرقي التي شنها تنظيم داعش ضد الأقلية الأيزيدية، التي اختُطف أفرادها بصورة جماعية العام الماضي، حيث قُتل الرجال ميدانياً بالآلاف واغتُصبت النساء والفتيات وأُرغمن على الخضوع للاسترقاق الجنسي.

وفي هجوم انتقامي وقع في 25 كانون الثاني (يناير) 2015، هاجم أيزيديون مسلحون قريتين عربيتين، هما الجري والسيباية، وقتلوا 21 شخصاً من سكانهما ونهبوا المنازل وأحرقوها. وكان أكثر من نصف عدد القتلى من المسنين أو الرجال العجزة أو النساء أو الأطفال. واختُطف 40 آخرون ولا يزال 17 شخصاً منهم في عداد المفقودين. وذكر السكان أن بعض أفراد البشمركة وقوات الأمن "أسايش" التابعة لحكومة كردستان العراق كانوا حاضرين في المكان في وقت الهجوم، ولكنهم لم يحاولوا منعهم.

وقال والد ضحيتين، وهما صبي عمره 15 عاماً، وشقيقه البالغ من العمر 20 عاماً من قرية الجري، لمنظمة العفو الدولية إن ولديه أُرديا بالرصاص وأُلقي بجثتيهما بالقرب من قرية أيزيدية. كما أُطلقت أربع رصاصات على شقيقهما الأصغر، البالغ من العمر 12 عاماً، أصابته في ظهره وصدره ويده ورجله، ولكنه نجا بأعجوبة.

إقرأ أيضًا: نشطاء يطالبون بإنقاذ "عبيد الجنس" المحتجزات لدى "داعش"

ووصفت نهلة، البالغة من العمر 34 عاماً، وهي أم لخمسة أطفال من قرية الجري، كيف أُردي زوجها ونجلها بالرصاص بدم بارد، وكيف نجا طفلها بأعجوبة عندما اخترقت رصاصة البطانية التي كانت تلفه بها وهي تحمله بين ذراعيها.

وفي قرية السيباية المجاورة، كان معظم الذين قُتلوا من المسنين أو الرجال والنساء ذوي الإعاقات وغير القادرين على الهرب. كما قُتل طفلان في ذلك الهجوم.

وفي الوقت لذي حاولت فيه سلطات إقليم كردستان العراق وقوات البشمركة إبقاء المجتمعيْن الأيزيدي والعربي منفصليْن عن بعضهما بعضاً بهدف منع وقوع المزيد من الهجمات، يبدو أنه لم يجر أي تحقيق في الهجمات التي استهدفت قريتي الجري والسيباية.

التعليقات