اليونان: "ساعة الصفر" في منتصف الليل

قال بيان نشر بموقع وزارة الخارجية الصينية أن وزير خارجية اليونان، نيكوس كوتزياس، أبلغ سفير الصين لدى بلاده، زو شياو لي، أن أثينا لن تخرج من منطقة اليورو

اليونان:

يسمح لليوناني سحب ستين يورو فقط(أ ف ب)

تواجه اليونان اليوم الثلاثاء تعثرا محتوما عن سداد قسط من دينها المستحق لصندوق النقد الدولي، لكنها لن تكون الجهة الوحيدة المتضررة جراء ذلك، إذ قد ينعكس الأمر سلبا على مصداقية المؤسسة المالية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها.

وتسري تكهنات متزايدة منذ عدة أسابيع حول ما سيحل بالاستحقاق بقيمة 1,5 مليار دولار الذي يترتب على أثينا تسديده اليوم الثلاثاء قبل الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش لصندوق النقد الدولي.

وظل الصندوق حتى الفترة الأخيرة يستبعد سيناريو التعثر. وفي مطلع حزيران/يونيو تمسكت مديرته العامة، كريستين لاغارد، بتأكيدات رئيس الوزراء اليوناني إلكسيس تسيبراس الذي دعا إلى 'عدم التخوف' بهذا الشأن.

وقال ناطق باسم المؤسسة المالية الأسبوع الماضي إنه يتوقع من اليونان أن تفي بهذا الاستحقاق الذي يشكل قسطا من خطط المساعدة المالية الضخمة، التي منحها الصندوق والاتحاد الاوروبي لليونان.

غير أن انقطاع المفاوضات بين اليونان ودائنيها بدد هذه الآمال، وقال تسيبراس أمس الاثنين إنه 'هل يعقل أن يكون الدائنون ينتظرون أن نسدد صندوق النقد الدولي في حين أنهم يخنقون المصارف؟'.

ولا شك أن صندوق النقد الدولي سينتظر حتى اللحظة الأخيرة قبل أن يؤكدا رسميا الخبر الذي سيكون له مفعول فوري، إذ ستصبح اليونان أول دولة صناعية تتعثر عن السداد للصندوق وستحرم تلقائيا بالتالي من الوصول إلى موارده.

وإن كانت المخاطر التي يواجهها الصندوق أقل حدة، إلا أنه لن يخرج من المسألة سالما تماما، برأي خبراء.

وأكد وزير خارجية اليونان، اليوم الثلاثاء، أن بلاده لن تخرج من مجموعة اليورو. وقال بيان نشر بموقع وزارة الخارجية الصينية أن وزير خارجية اليونان، نيكوس كوتزياس، أبلغ سفير الصين لدى بلاده، زو شياو لي، أن أثينا لن تخرج من منطقة اليورو.

ونقل البيان عن كوتزياس قوله إن 'اليونان لن تغادر منطقة اليورو، وهي ترغب في العمل مع الصين لتطوير العلاقات الثنائية والتعاون العملي في كل المجالات'.

جاءت تعليقات كوتزياس خلال اجتماع مع زو أمس الاثنين.

من ناحية أخرى قام رئيس المفوضية الأوروبية بمحاولة في اللحظات الأخيرة لإقناع رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، بقبول اتفاق الإنقاذ الذي رفضه قبل استفتاء يجرى يوم الأحد، اعتبره أعضاء بالاتحاد الأوروبي إتصويتا على البقاء في منطقة اليورو.  وقالت مصادر في الحكومة اليونانية إن رئيس الوزراء اليساري تمسك برفضه لشروط الدائنين، وإن اليونان ستتخلف عن سداد قسط مهم يستحق لصندوق النقد الدولي، اليوم الثلاثاء، وهو ما سيعمق أزمتها المالية.

وقالت مصادر في الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية إن جان كلود يونكر اقترح عقد اجتماع طارئ لوزراء مالية منطقة اليورو اليوم للموافقة على تقديم مساعدة للحيلولة دون تخلف اليونان عن السداد إذا أرسل تسيبراس موافقة مكتوبة على الشروط.

ولوح أيضا بإمكانية التفاوض على إعادة جدولة الديون في وقت لاحق هذا العام إذا قالت أثينا 'نعم'.

وتأتي تلك المحاولة الأخيرة من بروكسل بعد أن تظاهر عشرات الآلاف من اليونانيين الذين حشدهم حزب سيريزا الذي يتزعمه تسيبراس في أثينا احتجاجا على فرض أي إجراءات تقشف جديدة.

وعلى صلة، تراجعت الأسهم الأوروبية في بداية التعاملات، اليوم الثلاثاء، للجلسة الثانية على التوالي مع احتدام الخلاف بين اليونان ومقرضيها في حين يبدو أن اليونان تتجه للتخلف عن سداد قرض مستحق لصندوق النقد الدولي.

وتقدم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بعرض في اللحظة الأخيرة سعيا للتوصل لاتفاق قبل حلول أجل استحقاق القرض اليوم الثلاثاء ولكن لم تظهر بوادر تذكر على استعداد رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس للعدول عن رفضه المتكرر لمقترحات حزمة الإنقاذ.

وقال أسوار براساد، المسؤول السابق في المؤسسة المالية، إن 'تعثر اليونان ولو لفترة قصيرة سيشكل وصمة لسمعة صندوق النقد الدولي وسيضعف الفرص في أن تثير خططه المستقبلية للمساعدة تدفق أموال خاصة إلى دول تواجه أزمة'.

والصندوق الذي تلجأ إليه عادة البلدان عند افتقارها إلى السيولة، سبق أن واجه صعوبات مع اليونان. فقد اضطر من قبل إلى الإقرار بارتكابه خطأ، إذ فرض على اليونان نظام تقشف للخروج من أزمتها غير أنه أدى في نهاية المطاف إلى خنق النمو الاقتصادي.

كما تعرضت المؤسسة لانتقادات من الداخل أيضا، إذ أخذت عليها بعض دولها الأعضاء أنها تخص اليونان بمعاملة تفضيلية بما يخالف قواعد الصندوق التي تنص على عدم منح بلد أي قروض ما لم يكن قادرا على تحمل عبء دينه.

وبالتالي فإن تعثر اليونان عن السداد سيعيد فتح جرح لا يزال أليما.

وقال بيتر دويل، الذي عمل حتى 2012 في قسم أوروبا في الصندوق، إن 'عدم التسديد سيظهر بشكل جلي بنظر أي كان في العالم أن التزام صندوق النقد الدولي حيال أوروبا واليونان اتخذ منحى سيئا جدا'.

كما لفت دويل إلى أن المشكلة اليونانية قد تحرك أيضا الانتقادات التي سبق أن تناولت بعض قرارات الصندوق 'المثيرة للجدل' وعلى الاخص في أوكرانيا التي حصلت في آذار/مارس الماضي على خط ائتمان عال من المؤسسة المالية في حين كانت قدرتها على تحمل عبء الدين غير مؤكدة اطلاقا.

ورغم ذلك، فإن الصندوق حريص بشدة على صورته كحارس متشدد للموارد التي تعهد إليه بها الدول الأعضاء الـ188.

وسبق أن قبل عبر تاريخه بتكبد خسائر في بعض الديون التي منحها، فألغى ديون دول فقيرة مثلما حصل مع هايتي بعد الزلزال العنيف عام 2010 (238 مليون يورو) أو مؤخرا أيضا حين شطب 90 مليون يورو من ديون الدول التي ينتشر فيها مرض إيبولا.

غير أن الأزمة اليونانية مختلفة. فقيمة القروض التي حصل عليها هذا البلد وصلت إلى 32 مليار يورو منذ 2010 وأي خسائر بهذا المستوى ستهدد سلامة صندوق النقد الدولي المالية.

ولتفادي مثل هذا السيناريو، يرى براساد أن الصندوق لم يعد 'يمسك بكثير من الأوراق”، غير أنه من مصلحته أن تصل اليونان في نهاية الأمر إلى توافق مع الدائنين الآخرين.

ويترتب على الصندوق في الوقت الحاضر الامتناع عن صب الزيت على النار في مسالة تعثر اليونان عن السداد.وقال دومينيكو لومباردي، العضو السابق في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، 'إنهم سيخففون من أهمية تبعات حادث السداد هذا حتى لا يشكل الأمر خطرا على إطلاق مفاوضات مستقبلية”، مضيفا أنه 'ليس من مصلحة أحد الدخول في مزايدات'.

وهذا ما تدركه جيدا كريستين لاغارد التي عادت  أول من أمس الأحد بعد تصريحات أولى شديدة اللهجة، وسعت لتهدئة الأجواء مؤكدة عزمها على 'مواصلة الالتزام' إلى جانب اليونانيين.

التعليقات