هجمات بروكسل: خلفية وتبعات

من التبعات المباشرة لهجمات بروكسل تصاعد العداء للأجانب وخاصة اللاجئين إضافة إلى تصاعد الأصوات المطالبة بالعودة إلى أوروبا القديمة

هجمات بروكسل: خلفية وتبعات

تشير الوقائع والمعطيات إلى أن هجمات بروكسل، التي نفذت اليوم الثلاثاء، كانت متوقعة، بل وكان هناك تحذيرات استخبارية من هجمات تخطط لها مجموعات أقامت بنى تحتية لها في أوروبا. وفي المقابل، سيكون لهذه الهجمات التي تنضاف إلى هجمات أخرى تبعات دولية، وخاصة على دول وشعوب الاتحاد الأوروبي، كما سيكون لها إسقاطات بوجه خاص على اللاجئين الذين يتدفقون على أوروبا.

بدايةً، من الصعب النظر إلى هجمات بروكسل بمعزل عن أحداث الأسبوع الماضي، حيث تم اعتقال ناشطين في بروكسل، الجمعة الماضي، بينهما أحد المخططين والمنفذين المركزيين لهجمات باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، والتي أودت بحياة 130 شخصًا.

وكانت الشرطة البلجيكية قد اعتقلت صلاح عبد السلام، الأسبوع الماضي، الذي كان يعتبر المطلوب الأول في أوروبا، وذلك بعد مطاردة استمرت أكثر من خمسة شهور، رصد خلالها موارد كثيرة للوصول إليه.

ويتضح أنه رغم عشرات الاقتحامات وحملات الاعتقال، فإن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يحتفظ ببنية تحتية جدية، كما أن عناصر مجموعاته غير معروفة للسلطات، وبالتالي فمن المرجح أن هذه المجموعات هي التي نفذت هجمات بروكسل اليوم، كما لا يستبعد أن يكون التوقيت مرتبطا باعتقال عبد السلام، نظرا للمخاوف من انكشاف أمر المجموعات بعد الاعتقال.

وكانت قد بدأت أنظار السلطات الأمنية تتجه نحو متهمين اثنين، متورطين بهجمات باريس العام الماضي، بصفتهما ضالعين في تنفيذ سلسلة الهجمات التي ضربت بروكسل اليوم، وخلفت عشرات القتلى والجرحى.

ولعل ما نشرته صحيفة 'ذي تلغراف' البريطانية يؤكد علاقة اعتقال عبد السلام، حيث كتبت أن المحققين يرجحون أن هجمات بروكسل جاءت نتيجة لإلقاء الشرطة البلجيكية، الجمعة الماضية، القبض على صلاح عبد السلام، المتهم بكونه العقل المدبر لهجمات باريس، واستمرار مطاردة نجيم لعشراوي ومحمد ابريني.

وترجح المصادر الأمنية أن استنطاق الشرطة لعبد السلام دفع كلا من لعشراوي وابريني إلى تنفيذ هجمات بروكسل اليوم، مخافة أن يبوح عبد السلام للشرطة بمعلومات قد تقود إلى اكتشاف المكان الذي يختبئان فيه.

ونقلت 'ذي تلغراف' أن لعشراوي مواطن سوري يبلغ من العمر 24 عاما، وتوجه إلى سورية، على ما يبدو، في شباط/ فبراير 2013، ليعود إلى أوروبا بهوية مزورة، استخدمها في التنقل إلى هنغاريا برفقة صلاح عبد السلام في أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتمكنت الشرطة من تحديد الحمض النووي لعشراوي على العديد من الأحزمة الناسفة التي استخدمت في هجمات باريس، وعثر عليها أثناء تحقيقات أمنية في بلجيكا.

أما المتهم الثاني المدعو، محمد ابريني، فيبلغ 30 عاما ويحمل الجنسية البلجيكية، فقد شوهد مع عبد السلام (صديق الطفولة) قبل هجمات باريس. كما التقطت له صور فيديو بمحطة للوقود بطريق مؤدية للعاصمة الفرنسية بينما كان يقود السيارة التي استخدمت في هجمات باريس، التي خلفت 130 قتيلا العام الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن أجهزة الأمن البلجيكية كانت قد تلقت تحذيرات من 'هجوم إرهابي وشيك'، يوم أمس الإثنين.

وبحسب موقع 'روسيا اليوم، فإن الاستخبارات البلجيكية كانت تعلم بوجود 'مخطط إرهابي' يستهدف بروكسل، ولكنها لم يكن لديها أية معلومات بشأن الزمان والمكان.

وأشار الموقع ذاته إلى أن الاستخبارات الروسية كانت قد سلمت نظيرتها البلجيكية معلومات عن مخطط إرهابي يخطط له ثلاثة عناصر من داعش.

كما تجدر الإشارة إلى أن الاستخبارات الأميركية كانت قد حذرت، قبل أسبوعين، من مخطط إرهابي يستهدف عواصم أوروبية،  لكنها لم تذكر أي العواصم المستهدفة أو توقيت الاستهداف.

وقبل نحو شهر، صرّح رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، في مؤتمر الأمن في ميونخ، أن العديد من العواصم الأوروبية مهددة بالإرهاب.

إلى ذلك، يتضح، نظرا إلى حجم الدمار في بروكسل، أن هناك أيدي مجربة تقف خلف صناعة المواد المتفجرة، علما أن التحقيقات الأولية في تفجيرات باريس كانت قد أشارت إلى أنه في ثلاثة مواقع تم استخدام أحزمة ناسفة تم تركيبها بنفس الشكل، وتمت صناعتها من قبل خبراء متفجرات ذوي تجربة.

وإلى جانب الضحايا والدمار الذي أحدثته هذه التفجيرات، فإن هجمات بروكسل سيكون لها تبعات بعيدة المدى على أوروبا، حيث أن هجمات بروكسل اليوم تشير إلى أن حركة السلاح والمواد المتفجرة بين دول الاتحاد الأوروبي لم تتوقف.

ومن المتوقع أيضا، ضمن تبعات هذه الهجمات، أن تتصاعد المعارضة الشعبية لحركة اللاجئين، وخاصة السوريين، الذين يتدفقون إلى دول الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تؤدي الهجمات، التي وقعت في مكان غير بعيد عن مكاتب الاتحاد الأوروبي ومقر حلف شمال الأطلسي، إلى تصاعد كراهية الأجانب، وإلى تصاعد الأصوات التي تطالب بالعودة إلى أوروبا القديمة حيث كانت كل دولة تهتم بنفسها بأمنها وحدودها.

اقرأ/ي أيضًا| داعش يتبنى تفجيرات بروكسل

 

التعليقات