عامان من الانتهاكات الجنسية في أفريقيا (إنفوجراف)

استنادا إلى معطيات أممية، فقد وقع في المجموع تسجيل 171 حالة اغتصاب أو استغلال أو انتهاكات جنسية، في الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2016، في أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية، بينها نحو 100 حالة كشف عنها مؤخرا.

عامان من الانتهاكات الجنسية في أفريقيا (إنفوجراف)

محاكمة 21 من جنود حفظ السلام الكونغوليين، والتابعين للبعثة الأممية في أفريقيا الوسطى على خلفية تورّطهم المحتمل في ارتكاب 'انتهاكات جنسية' في البلد الأخير عام 2015، والتي جرت اليوم بالمحكمة العسكرية في كنشاسا، قد تشكّل منعطفا حاسما في سبل التعامل مع فضائح الاعتداءات من هذا النوع، في حال انتهت بإدانة هؤلاء الجنود.

وبحسب تعداد خاص بالأناضول، استنادا إلى معطيات أممية، فقد وقع في المجموع تسجيل 171 حالة اغتصاب أو استغلال أو انتهاكات جنسية، في الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2016، في أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية، بينها نحو 100 حالة كشف عنها مؤخرا.

لكن، ومنذ الكشف المدوّي، في أبريل/ نيسان الماضي، عن مزاعم تعرّض 6 أطفال قصّر في أفريقيا الوسطى، في 2014، للاغتصاب من قبل جنود فرنسيين، لم يفض سوى تحقيق واحد من جملة التحقيقات التي فتحت في الغرض، إلى محاكمة.

وتعبيرا منها عن حسن النوايا، وعدت جينين مابوندا، المستشارة الخاصة للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا، المكلّفة بمكافحة العنف الجنسي، خلال الجلسة الأولى لمحاكمة 21 من قوات حفظ السلام من الكونغو الديمقراطية، المنعقدة في الرابع من شهر أبريل/ نيسان الجاري، بـ'إجراءات مثالية تأكيدا لانخراط الكونغو الديمقراطية في التصدّي للعنف الجنسي'.

أما بالنسبة لهيئة الدفاع عن المتّهمين، فإنّ معظم الاتهامات تهمّ ضحايا مفترضين لا وجود لهم من الأساس.

وبالتزامن مع هذه المحاكمة الوحيدة ضمن هذا الملف الشائك، والتي يمكن أن تتواصل لأشهر عديدة، فتحت تحقيقات أخرى حول مزاعم اعتداءات من النوع نفسه. ففي 5 نيسان/أبريل الجاري، أعلن المدّعي العام بباريس فتح تحقيق (هو الثالث من نوعه في العامين الماضيين، غير أنه لم يفض حتى الآن إلى محاكمات) بشأن مزاعم جديدة بالانتهاكات الجنسية، طالت جنود عملية 'سانغاريس' الفرنسية، بين عامي 2013 و2015، بمنطقة 'ديكوا' بمحافظة 'كيمو' شرقي أفريقيا الوسطى، بحسب مذكّرة تلقتها وزارة الدفاع الفرنسية من الأمم المتحدة.

 وبحسب نصّ الوثيقة الذي تضمّنت أيضا أنّ مزاعم الاعتداءات الجنسية تهمّ أيضا قوات حفظ السلام البوروندية والغابونية التابعين للبعثة الأممية في أفريقيا الوسطى (مينوسكا)، فإنّ جنودا فرنسيين متّهمين بـ 'إجبار فتيات صغيرات على القيام بأعمال جنسية مع كلب مقابل المال'.

من جانبه، أشار المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، إلى وجود 108 حالة اغتصاب مفترضة في المجموع، ومعظم الضحايا قاصرات، وقد وقع استجوابهن، غير أن 'العدد الدقيق وطبيعة هذه الادّعاءات المثيرة للقلق لا يزالان قيد التحديد'.

الاتهامات بالاعتداءات الجنسية الأخيرة والتي طالت عددا من الجنود لم تقتصر على قوات بعينها، وإنما شملت أيضا الوحدات البوروندية والغابونية. أما في الكونغو الديمقراطية، فتستمع الأمم المتحدة حاليا إلى 10 من الضحايا المفترضين، واللواتي بينهن قاصرات يرجح أن يكن حملن 'مباشرة' عقب تعرّضهن للاغتصاب من قبل جنود تنزانيين شمال شرقي البلاد، وفق المتحدث باسم البعثة الأممية في هذا البلد، تشارلز أنطوان بامبارا في اتصال هاتفي مع الأناضول.

وفي 29 كانون الثاني/يناير الماضي، وقع الكشف عن 6 حالات للاستغلال الجنسي يشتبه تورّط قوات عسكرية أجنبية لا تنتمي إلى الأمم المتحدة فيها، وقد حدثت في محيط أو داخل مخيّم النازحين بـ'مبوكو' قرب مطار بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى، بحسب الأمم المتحدة.

 ومع أن هوية بعض هؤلاء الجنود لم تحدّد بشكل دقيق حتى الآن، إلا أنّ الضحايا ممن يدّعون تعرضهم للاغتصاب يعتقدون بأنّ المعتدين يتبعون القوات الجورجية التابعة لبعثة 'يوفور' للاتحاد الأوروبي، وعملية 'سانغاريس' الفرنسية، غير أنه لم يقع حتى الآن تقديم أي مستجدّات بهذا الشأن.

وفي المجموع، فقد كشفت الأمم المتحدة عن وقوع أكثر من 25 حالة اعتداء أو استغلال جنسي، بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس الماضيين (الحالات الأخيرة تهمّ القوات البوروندية والمغربية)، تضاف إليها نحو 100 حالة كشف عنها في نيسان/أبريل الجاري.

وعلاوة على ما تقدّم، شهد العام 2015 أيضا مزاعم اعتداءات واستغلال جنسي شملت 38 حالة، سجّلت 22 منها في أفريقيا الوسطى، و16 في الكونغو الديمقراطية، من إجمالي 69 حالة سجلتها البعثات الأممية البالغ عددها 16 في مختلف أرجاء العالم، بحسب تقرير سنوي للأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، ما يبرز 'ارتفاعا ملحوظا' في عدد الحالات مقارنة بـ 2014 (52 حالة في كافة أنحاء العالم)، بحسب نصّ التقرير.

وفي مواجهة هذه الآفة، قررت الأمم المتحدة والتي لطالما اتّهمت بافتقارها للاستجابة لمثل هذه الملفات، اتخاذ سلسلة من التدابير، بينها إقالة قائد بعثتها في أفريقيا الوسطى، باباكار غاي. كما قرّرت في كانون الثاني/يناير الماضي، إعادة القوات الكونغولية التابعة لنفس البعثة، والمتمركزة في مدينة بمباري شرقي البلد المذكور، على خلفية الاتهامات التي طالت هذه الوحدات في علاقة بحالات اغتصاب، إلى بلادها الأصلية. ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ هذه القوات تعدّ 925 رجلا، أي حوالي 10 في المئة من البعثة الأممية التي تعدّ قرابة 12 ألف رجل.

وعلاوة على ذلك، أعادت الأمم المتحدة 120 جنديا من بعثتها في أفريقيا الوسطى إلى بلدهم الأصلي، وتحديدا إلى الكونغو برازافيل، عقب اتهامات جديدة بارتكاب انتهاكات جنسية ضدّ 7 ضحايا مفترضين، كشف عنها من قبل منظمة 'هيومن رايتس ووتش' في 21 كانون الثاني/يناير الماضي.

إثر ذلك، وتحديدا في 11 مارس/آذار الماضي، اعتمدت الأمم المتحدة قرارا يقضي بترحيل جميع قوات حفظ السلام في حال الاشتباه في حدوث اعتداء أو استغلال جنسيين، مع أنّ منظومة الأمم المتحدة تقضي بأن البلدان المساهمة بتلك القوات هي المخوّلة الوحيدة بتسليط عقوبات ضدّ جنودها، وهذا أيضا ما لم يلمس حتى الآن، بما أنّ لا أحد من البلدان المعنية بالاتهامات أدانت جنودها في ما يتعلّق بمزاعم الاغتصاب والانتهاكات الجنسية، بحسب مصادر متطابقة أوضحت أنّ 'معظم الحالات أغلقت دون متابعة'.

حيثيات جعلت جميع الأنظار تنصبّ على الكونغو الديمقراطية، باعتبارها أول بلد يحاكم جنوده بهذا الشأن، في خطوة قال مراقبون إنها قد تكون مثالا يحتذى به بالنسبة لغيرها من البلدان المعنية بهذا الملف مثل فرنسا.

أما في ما يتعلّق بالقوات الفرنسية، فإن التحقيقات التي فتحت العام الماضي في أعقاب حالات اغتصاب أطفال قصّر بأفريقيا الوسطى بين عامي 2013 و2014 لم تتمخّض عن أي نتيجة تذكر. ووفق وسائل الإعلام الفرنسية، فقد وقع الاستماع لـ 5 جنود تابعين لعملية 'سانغاريس' العسكرية، في إطار التعليمات دون حتى أن توجّه إليهم أي تهمة.

التعليقات