الاقتصاد الأكبر في العالم رهن ضبابيّة ترامب!

وفي موضوع الضرائب، يدافع ترامب منذ فترة طويلة عن تخفيض كبير للضرائب، يتركز على الطبقات الوسطى، التي تشمل 75 مليون عائلة أميركية، لكن تستفيد منه، أيضًا، مختلف فئات الأجور الأخرى.

الاقتصاد الأكبر في العالم رهن ضبابيّة ترامب!

ترامب خلال جمهرة انتخابيّة (رويترز)

يستعصي برنامج دونالد ترامب الاقتصادي على أي تصنيف، فهو يميل تارة إلى الخطاب المحافظ وأخرى إلى الشعبوية، دون أن يتردد في تقديم طروحات على طرفي نقيض في ما بينها، فيتبدل على هوى التطلعات المنسوبة إلى الرأي العام.

وتقلب الآراء الاقتصادية للمرشح الجمهوري المرجح للانتخابات الرئاسية، والتي يصفها أنصاره بالمرونة، كان ماثلًا عند الحديث عن موضوع الحد الأدنى للأجور على المستوى الفدرالي والمجمد عند 7,25 دولارًا في الساعة منذ 2009.

ففي نهاية 2015، استبعد ترامب أي تعديل، معتبرًا أن الأجور 'مرتفعة كثيرًا'، مقارنة مع السوق العالمية.

ولكنه غيّر رأيه، الأسبوع الماضي، عندما قال إنه يؤيد 'زيادة الأجور بقدر معيّن' مع ترك القرار للولايات.

وفي موضوع الضرائب، يدافع ترامب منذ فترة طويلة عن تخفيض كبير للضرائب، يتركز على الطبقات الوسطى، التي تشمل 75 مليون عائلة أميركية، لكن تستفيد منه، أيضًا، مختلف فئات الأجور الأخرى.

ولكن خلال إحدى مقابلاته التلفزيونية الكثيرة، قال ترامب إنه 'في ما يتعلق بالأثرياء، أعتقد صراحة أنها (الضرائب) ستكون أكثر ارتفاعًا'، في حين يندد المطالبون بزيادة الضرائب على الأثرياء بالفروقات الكبيرة في المداخيل في البلاد.

هنا، أيضًا، عاد الملياردير وغير رأيه، بعد أن ألمَحَ إلى أأن الولايات المتحدة قد تضطر، في المستقبل، إلى إعادة التفاوض على ديونها العامة حالَ قيام الأزمة، مثيرًا مخاوفَ من احتمال تعثر الدولة في السداد.

وقال، محاولًا توضيح موقفه، الإثنين 'الناس يعتقدون أنني أريد للدولة أن تتعثر في السداد، هؤلاء الناس مجانين'.

يقول الخبير في معهد 'اميركان انتربرايز انستيتيوت' للابحاث ستان فوجر ان 'ترامب يعالج المسائل الاقتصادية من وجهة نظر تجارية ويغير خطته تبعا لما يتصوره عما يريد الناس سماعه'.

لكن ترامب يرفض هذا التوصيف، متذرعًا بالحاجة إلى المرونة بقوله 'نشرت مشروعًا، ولكن ليست لدي أوهام، فأنا لا أعتقد أنها الخطة النهائية'.

ترامب (رويترز)
لطالما سار ترامب عكس تيّار المحافظين (رويترز)

عكس التيار

حتى بالنسبة للمسائل التي يبدو موقفه ثابتًا منها، يبقى من الصعب التكهن بما سيقوله، فهو لا يتردد في معارضة مواقف الحزب الذي سيمثله في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.

ففي حين يدافع الجمهوريون، تقليديًا، عن حرية التبادل التجاري، يريد ترامب إقامة حواجز جمركية مع الصين، ويعارض الاتفاقات التجارية التي تتفاوض عليها الولايات المتحدة، ويصفها بأنها 'فظيعة'، متبنيا بذلك موقفا، قريبًا، من الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي.

ويقول فوجر 'إذا كنت مقدم برامج تلفزيونية، فإن الوسيلة الوحيدة لزيادة جمهورك، هي في الاستحواذ على جمهور خصومك. من هذه الزاوية بالضبط ينظر ترامب إلى التجارة الدولية'.

ويسعى ترامب خصوصا إلى الحفاظ على الغطاء الحكومي للتقاعد والمرض والعودة للاستثمار في البنى التحتية. ولكن الجمهوريين الحاضنين له يسعون فقط إلى خفض دور الدولة في الاقتصاد واعتماد ميزانية متوازنة.

ويبدو أن الأمر الوحيد الذي يتفق فيه مع الجمهوريين، هو مشروعه لخفض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة من 35 إلى 15%.

ويقول المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون، وليام غالستون، إن 'ما فعله ترامب هو شطب العناصر الرئيسية في العقيدة الاقتصادية المحافظة'.

ومن خلال الحفاظ على ضبابية موقفه، يفسح في المجال لمعارضيه لمهاجمته، لكنه يحرم، في الوقت نفسه، منافسه الديموقراطي المقبل من إيجاد زاوية محددة للانقضاض عليه.

أمّا الخبير في مؤسسة 'تاكس فاونديشن' غير الحزبية، آلان كولفي فيقول 'عندما تفصحون عما تريدون فعله فإنكم تعطون المجال لخصومكم للتوجه إلى فئات الشعب التي تعارض مقترحاتكم'.

اقرأ/ي أيضًا| الانتخابات التمهيدية بأميركا: كلينتون تخسر فيرجينيا وترامب يفوز بسهولة

كيف يمكن للديموقراطيين التعامل مع مثل هذا المرشح المتقلب؟ يقول غالستون الخبير لدى 'بروكنغز انستيتيوت' إن محاولة القيام بذلك هي جهد ضائع؛ ويضيف 'عندما لا يعود للكلام معنى كل ما يمكنكم فعله هو السماح للأميركييّن بأن يقرروا إن كانوا يريدون رئيسًا متقلبًا'.

التعليقات