البرازيل: الحكومة الجديدة تباشر عملها وتوقع إجراءات اقتصادية

بدأت الحكومة البرازيليّة الجديدة برئاسة ميشال تامر، العمل صباح الجمعة، لمحاولة إصلاح الوضع في البلاد التي تشهد أزمة اقتصاديّة عميقة، ويتوقّع أن تعلن إجراءاتها الطّارئة الأولى.

البرازيل: الحكومة الجديدة تباشر عملها وتوقع إجراءات اقتصادية

الرئيس الجديد (يسار)، ميشال تامر ووزير ماليّته، إنريكي ميرييس

بدأت الحكومة البرازيليّة الجديدة برئاسة ميشال تامر، العمل صباح الجمعة، لمحاولة إصلاح الوضع في البلاد التي تشهد أزمة اقتصاديّة عميقة، ويتوقّع أن تعلن إجراءاتها الطّارئة الأولى.

وفي مراسم تسلّم مهامّه الخميس، في قصر بلانالتو الرّئاسيّ، قال تامر الذي ينتمي إلى حزب الحركة البرازيليّة الدّيموقراطيّة الكبير 'الوقت ضيّق، لكنّنا سنجهد لإرساء إصلاحات تحتاج إليها البرازيل'.

وعقدت حكومة تامر صباح الجمعة أوّل اجتماع لها، كما أعلن بنفسه على موقع تويتر بنشر مجموعة من الصّور.

وفي الوقت نفسه، سيكشف وزير الماليّة الجديد أنريكي ميرييس بعد الظّهر سلسلة من الإجراءات لمحاولة إخراج الاقتصاد البرازيليّ من أسوأ انكماش يشهده منذ ثلاثينات القرن الماضي.

وأنهى تصويت تاريخيّ في مجلس الشّيوخ البرازيليّ، الخميس، مهامّ الرّئيسة ديلما روسيف، وبات نائبها ميشال تامر رئيسًا، في زلزال سياسيّ أنهى 13 عامًا من حكم اليسار في أكبر دولة في أميركا اللاتينيّة.

وصوّت أعضاء مجلس الشّيوخ بغالبيّة كبرى من 55 من أصل 81 لصالح بدء إجراء إقالة روسيف المتّهمة بالتّلاعب بأموال الدّولة.

واستبعدت روسيف (68 عامًا) تلقائيًّا من السّلطة لمدّة أقصاها 180 يومًا في انتظار صدور الحكم النّهائيّ لمجلس الشّيوخ الذي يفترض أن يصوّت بغالبيّة الثّلثين (54 صوتًا من أصل 81) من أجل إقالة نهائيّة.

الأنظار موجّهة إلى تامر

ووجّه تامر خطابًا إلى الأمّة وهو محاط بحكومته الليبراليّة للإصلاح الاقتصاديّ. وقال إنّ 'استعادة مصداقيّة البرازيل أمر ملحّ على السّاحة الوطنيّة والدّوليّة'.

وشكّل تامر (75 عامًا)، المحامي المتخصّص بالدّستور والسّياسيّ المحنّك والمتكتّم، حكومته منذ ظهر الخميس مع خطّة للنهوض الاقتصاديّ تشمل اقتطاعات في الميزانيّة وتحفيز الاستثمارات لوقف التّضخّم المرتفع وتزايد البطالة.

وعيّن تامر، الحاكم السّابق للمصرف المركزيّ، إنريكي ميرييس، وزيرًا للماليّة، والحاكم السّابق لولاية ساو باولو خوسيه سيرا وزيرًا للخارجيّة.

لكن بالكاد أعلنت تشكيلة الحكومة حتى انهالت عليها الانتقادات، لا سيّما أنّ الصّيغة المؤلّفة من 24 وزيرًا لا تشمل أيّ امرأة أو لا تتّسم بتنوّع عرقيّ.

غير أنّ الأسواق رحّبت بتعيين ميرييس الذي نجح على رأس البنك المركزيّ في أثناء حكم لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) في احتواء التّضخّم وتقويم الاقتصاد البرازيليّ.

وسيعلن وزير الماليّة الجديد الجمعة إجراءات قاسية من أجل إخراج البلاد من أسوأ كساد اقتصاديّ تشهده منذ الثّلاثينات.

لكن بالنّسبة إلى تامر تبدو الصّعوبات جمّة. فعليه التّعامل مع معارضة يساريّة شرسة إلى جانب المشاكل التي أضرّت بروسيف ومنها التّدهور الاقتصاديّ (تراجع إجماليّ الناتج الدّاخليّ بنسبة 3.8% في 2015).

بالإضافة إلى ذلك، يخضع عدد من وزرائه وحلفائه لمراقبة القضاء في قضايا فساد، ما يضعف مصداقيّة الرّئيس الجديد.

وسيخضع لمراقبة دقيقة بسبب طريقة وصوله إلى سدّة الرّئاسة، أي بلا صناديق الاقتراع، لا سيّما أنّه لا يتمتّع بشعبيّة واسعة. وأشار استطلاع للرأي أخيرًا إلى حصوله في حال تنظيم الانتخابات على أصوات 1% إلى 2% من النّاخبين.

وفي إطار مهامّه الجديدة، سيفتتح تامر دورة الألعاب الأولمبيّة التي تستضيفها ريو دي جانيرو من 05 إلى 21 آب/أغسطس وتعدّ حدثًا كبيرًا وبالغ الأهميّة بالنّسبة إلى البرازيل.

ووعد وزير الرّياضة، ليوناردو باتشياني، الذي عيّنه تامر الخميس 'بنجاح باهر' لدورة الألعاب الأولمبيّة المرتقبة هذا الصّيف. وقال إنّ الأشغال 'للألعاب الأولمبية تتقدّم بشكل جيّد وتحترم البرنامج المحدّد وأنا على قناعة بأنّنا لن نواجه أيّ مشكلة'.

وأضاف باتشياني (36 عامًا) أنّ 'الألعاب الأولمبيّة في البرازيل ستكون نجاحًا باهرًا وستعزّز بالتّأكيد صورة البلاد داخل الأسرة الدّوليّة وتترك إرثًا كبيرًا يستفيد منه السّكّان'.

روسيف متأهّبة للمعركة

ودعت روسيف الخميس، شعب بلادها إلى 'التّعبئة ضدّ الانقلاب'، وذلك في أوّل كلمة لها بعد التّصويت على بدء إجراءات إقالتها.

وقالت 'أدعو كلّ البرازيليّين المعارضين للانقلاب، من أيّ حزب كانوا، إلى البقاء في تعبئة وموحّدين ومسالمين'، مضيفة أنّ 'الخطر لا يحدق فقط بولايتي بل أيضًا باحترام أصوات النّاخبين وسيادة الشّعب البرازيليّ والدّستور'.

وكرّرت روسيف القول إنّها ضحيّة 'انقلاب' و'مهزلة قضائيّة وسياسيّة'.

وتتّهم المعارضة اليمينيّة روسيف بارتكاب 'جريمة مسؤوليّة' من خلال التّلاعب عمدًا بماليّة الدّولة لإخفاء حجم العجز في 2014، عندما أعيد انتخابها في اقتراع موضع جدل.

وتقول روسيف، المناضلة السّابقة التي تعرّضت للتعذيب أثناء الحكم الدّيكتاتوريّ (1964-1985)، أنّ جميع أسلافها لجأوا إلى هذه الأساليب من دون أن يتعرّض أحد لهم.

كما تؤكّد أنّها ضحيّة 'انقلاب دستوريّ' أعدّه 'الخائن' ميشال تامر، الذي سرّع سقوطها من خلال سحب حزبه في أواخر آذار/مارس من الأكثريّة الحكوميّة.

وعلّقت مهام روسيف التي لا تتجاوز شعبيّتها 10%، في خضمّ فضيحة فساد متعلّقة بمجموعة 'بتروبراس' النّفطيّة الحكوميّة. وتطال الفضيحة جزءًا لا باس به من النّخبة السّياسيّة البرازيليّة. وقد ورد اسم تامر فيها.

وكشف تحقيق شبكة ضخمة من الرّشاوى دفعتها مجموعات بناء إلى 'بتروبراس' وسياسيّين لانتزاع استدراجات عروض.

وسمح لروسيف المكوث في مقرّ إقامتها الرّسميّ في الفورادا مع والدتها خلال فترة محاكمتها، وستحتفظ براتبها وبحرّاسها الشّخصيّين.

وصرّحت روسيف 'أشعر بألم الظّلم' قبل الاعتكاف في منزلها حيث تبدأ إعداد دفاعها.

التعليقات