الرباعية الدولية تساوي الجلاد بالضحية

طالبت اللجنة الدّبلوماسيّة الرّباعيّة في الشّرق الأوسط (والتي تضمّ الأمم المتّحدة، الاتّحاد الأوروبيّ، روسيا وأميركا)، الطّرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، بـ"الالتزام بالاتّفاقات القائمة بينهما، وخلق الظّروف الملائمة لاستئناف المفاوضات

الرباعية الدولية تساوي الجلاد بالضحية

في الخلفية، مستوطنة معاليه أدوميم

طالبت اللجنة الرّباعيّة في الشّرق الأوسط (والتي تضمّ الأمم المتّحدة، الاتّحاد الأوروبيّ، روسيا وأميركا)، الطّرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، بـ'الالتزام بالاتّفاقات القائمة بينهما، وخلق الظّروف الملائمة لاستئناف مفاوضات السّلام، وصولًا إلى تنفيذ 'حلّ الدّولتين'.

وأصدرت الّلجنة الدولية، اليوم الجمعة، تقريرًا حول الوضع في الشّرق الأوسط، تناولت فيه توصيات للدفع بـ'حلّ الدّولتين' إلى الأمام، داعية الطّرفين الفلسطينيّ والإسرائيليّ إلى 'الانخراط معها لتطبيق توصياتها، وخلق الظّروف الملائمة لاستئناف المفاوضات ذات المغزى، التي تحلّ جميع قضايا الوضع النّهائيّ'.

وأضافت الرّباعيّة، أنّ 'حلّ الدّولتين الفلسطينيّة والإسرائيليّة، عبر التّفاوض، هو السّبيل الوحيد لتحقيق السّلام الدّائم الذي يلبّي الاحتياجات الأمنيّة الإسرائيليّة والتّطلّعات الفلسطينيّة، وإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وحلّ جميع قضايا الوضع النّهائيّ'.

وأشارت، إلى بياناتها السّابقة وقرارات مجلس الأمن الدّوليّ ذات الصّلة، وتعهّدت بتقديم دعمها النّشط لإنهاء الصّراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، بناءً على القرارات الدّوليّة ذات الصّلة.

وأبدت قلقها بشأن عدد من الأمور التي 'تقوّض آمال السّلام'، من بينها 'مواصلة العنف والهجمات الإرهابيّة ضدّ المدنيّين، والتّحريض على العنف'، وقالت إنّ تلك الأمور 'تفاقم من انعدام الثّقة وتتعارض مع الحلّ السّلميّ'.

كما وأعربت عن 'القلق إزاء استمرار سياسة بناء المستوطنات وتوسيعها، وتخصيص أراض للاستخدام الإسرائيليّ الحصريّ ومنع التّنمية الفلسطينيّة'، مؤكّدة أنّ ذلك 'يقوّض إمكانيّة تحقيق حلّ الدّولتين'.

وذكرت في تقريرها، أنّ 'زيادة السّلاح غير المشروع ونشاط المتشدّدين، وغياب الوحدة الفلسطينيّة، والوضع الإنسانيّ الصّعب في غزّة، يغذّي انعدام الاستقرار ويعيق جهود التّوصّل إلى حلّ تفاوضيّ'.

ودعت الرّباعيّة، إلى اتّخاذ خطوات عاجلة لمعالجة الأمور التي تقوّض السّلام، لمنع ترسيخ واقع دولة الاحتلال والصّراع الدّائم الواحدة، والتي تتعارض مع تحقيق التّطلّعات الوطنيّة للشعبين.

وأكّدت على أنّ الأعمال الأحاديّة من أيّ من الجانبين، لا يمكن أن تحكم مسبقًا على نتائج مفاوضات الوضع النّهائيّ، ولن يعترف بها المجتمع الدّوليّ، مشددةً على أهميّة امتثال الطّرفين الفلسطينيّ والإسرائيليّ لالتزاماتهما الأساسيّة وفق الاتّفاقات القائمة، من أجل تعزيز واقع الدّولتين.

وجرى العمل على هذا التقرير المؤلف من ثماني صفحات طيلة أشهر عدة، وقد تمت مناقشته كلمة كلمة قبل اقراره، والهدف منه السعي لتحريك عملية السلام المتوقفة منذ نيسان/أبريل 2014.

وأعربت اللجنة الرباعية عن الأسف لأن القادة الفلسطينيين 'لا يدينون بشكل واضح ومنتظم الهجمات الإرهابية المحددة' في حين تم إطلاق اسماء فلسطينيين نفذوا على شوارع وساحات فلسطينية.

وتابع بيان الرباعية 'على السلطة الفلسطينية أن تتحرك بشكل حاسم وأن تتخذ كل الإجراءات الضرورية القادرة عليها لوقف التحريض على العنف وتعزيز الجهود القائمة لمحاربة الإرهاب، ومن ضمنها إدانة كل أعمال الإرهاب بشكل حازم'.

وبين توصياتها العشر تطلب الرباعية من إسرائيل رفع الحصار عن قطاع غزة، وتدعو إلى إعادة السلطة في القطاع إلى السلطة الفلسطينية.

وجاء في التقرير أيضًا 'أن اللجنة الرباعية تكرر القول إن حل الدولتين المتفاوض عليه هو الطريقة الوحيدة للتوصل إلى سلام دائم، يلبي حاجات إسرائيل في مجال الأمن وتطلعات الفلسطينيين بدولة مستقلة وذات سيادة'.

في واشنطن، قال مسؤول أميركي رفيع، اليوم الجمعة، إنه إذا لم يغير قادة إسرائيل والفلسطينيون سياساتهم، فسيقضون على آخر أمل بالسلام القائم على حل الدولتين.

وأضاف المسؤول في وزارة الخارجية رافضا ذكر اسمه أنه 'رغم أن قادة الطرفين يؤكدون دعمهم لحل الدولتين، فإن هذا الاحتمال سيصبح بعيد المنال أكثر فأكثر في حال مضوا قدما بما يقومون به حاليا'. وتابع ان نشر تقرير اللجنة الرباعية يشكل فرصة لإعادة اطلاقها.

وقال المسؤول الأميركي 'نحن قلقون جدًا لأنه بدون تغييرات مهمة، فإن حلا بدولة واحدة قد يصبح حقيقة، وهذا لا يفيد أيًا من الجانبين'.

وأضاف أن 'ما نركز عليه الآن هو إلى أين نمضي من هنا. هدفنا الرئيسي ليس القاء اللوم على أي كان. إنما إيجاد وسائل للتحرك نحو الهدف الذي يضعه الجميع نصب أعينهم (...) حل الدولتين عن طريق التفاوض.

وفي تعقيبها على تقرير الرّباعيّة الدّوليّة، قالت الممثّلة العليا للأمن والسّياسة الخارجيّة للاتّحاد الأوروبيّ، فيديريكا موغيريني 'نحن بحاجة إلى إحياء عمليّة السّلام مرّة أخرى وبشكل عاجل، نظرًا لارتفاع نسق العنف يومًا بعد يوم، ولتواصل سقوط ضحايا من الجانبين'.

وأشارت موغريني في بيان صحافيّ، إلى أنّ الكثير من الإسرائيليّين والفلسطينيّين قد بدأوا يفقدون الأمل في سلام حقيقيّ، الأمر الذي سيؤدّي إلى مزيد من العنف.

و ذكرت أنّ 'تقرير الرّباعيّة الدّوليّة، حدّد للمرّة الأولى منذ أكثر من عقد من الزّمان، الأسباب الحقيقيّة التي تعيق فرص السّلام، وما يجب القيام به لإعادة مفاوضات الوضع النّهائيّ'.

نتنياهو يصف بـ'الخرافة' تقرير اللجنة الرباعية بشأن الاستيطان وتأثيره

 وعن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو صدر البيان التّالي، تعقيبًا على تقرير الرّباعيّة 'خلال الـ 24 ساعة قبل نشر التّقرير، قام إرهابيّون فلسطينيّون بطعن وبإطلاق النّار على مواطنين إسرائيليّين أبرياء في 3 حوادث مختلفة. هذه العمليّات الإرهابيّة أودت بحياة مواطنيْن وأصابت آخرين بجروح. اليوم، قتل أب شابّ، وأصيبت زوجته وأطفاله بجروح، حين تمّ رشّ مركبتهم بالرّصاص. وأمس، قتلت فتاة إسرائيليّة بلغت 13 عامًا طعنًا وهي نائمة في سريرها. السّلطة الفلسطينيّة لم تمتنع عن إدانة القتل المروّع فحسب، بل هي مجّدت الإرهابيّ وسمّته 'شهيدًا' في وسائل إعلامها الرّسميّة.

وأضاف البيان 'التّصريحات المشيدة بالقتلة التي يدلي بها الفلسطينيّون اليوم تشكّل وحيًا لأولئك الذين سينفّذون عمليّات إرهابيّة غدًا. هذا الرّدّ يعكس الإفلاس الأخلاقيّ للسلطة الفلسطينيّة، ولا يعطي أيّ مجال للتشكّك في نواياها الحقيقيّة'.

وواصل 'وعليه، ترحّب إسرائيل باعتراف الرّباعية الدّوليّة بالدّور الرّئيس الذي يلعبه التّحريض والعنف الفلسطينيّين في تخليد الصّراع. ثقافة الكراهيّة تلك تسمّم العقول وتكلّف حياة الأبرياء وتشكّل أكبر عائق أمام التّقدّم نحو السّلام'.

زجاء فيه أيضًا 'للأسف الشّديد، التّقرير لم يشر إلى الأموال التي تدفعها السّلطة الفلسطينيّة للإرهابيّين المدانين ولعائلاتهم. كلّما كان العنف أخطر،  كانت الأموال المدفوعة أكبر. يجب على هذه الممارسات الفلسطينيّة أن تتوقّف. إسرائيل تشاطر التزام الرّباعيّة الدّوليّة التاريخيّ بدفع السّلام بينها وبين الفلسطينيّين من خلال التّفاوض المباشر والثّنائي دون الشّروط المسبقة'.

وأضاف البيان 'في الاتّفاقيات السّابقة، تعهّدت إسرائيل والسّلطة الفلسطينيّة ببحث جميع القضايا الصّعبة للحلّ فقط من خلال التّفاوض المباشر والثّنائيّ. ومع ذلك، التّاريخ يثبت أنّ الفلسطينيّين رفضوا مرارًا وتكرارًا المقترحات التي قدّمتها الحكومات الإسرائيليّة من اليمين واليسار حول إجراء مفاوضات بهدف التّوصّل إلى تسوية. إسرائيل لا تستطيع إجراء مفاوضات سلميّة مع نفسها'.

وتطرّق البيان الصّادر عن مكتب نتنياهو إلى تسلّح حماس 'إسرائيل تشير بشكل إيجابيّ إلى القلق الذي تعبر عنه الرّباعيّة الدّوليّة حول تعزيز القدرات العسكريّة في قطاع غزّة والتّهديد الذي تمثّله حماس، تنظيم إرهابيّ يطمح لارتكاب الإبادة الجماعيّة، على حياة الإسرائيليّين والفلسطينيّين على حدّ سواء'.

وعبّر البيان عن خيبته، إذ قال 'نأسف لإخفاق الرّباعيّة الدوليّة في التّعامل مع الجذور الحقيقيّة للصراع وهي رفض الفلسطينيّين العنيد بالاعتراف بإسرائيل كالدّولة القوميّة للشعب اليهوديّ مهما كانت حدودها'.

وعن الاستيطان في الضّفّة الغربيّة المحتلّة 'التّقرير حتّى يخلّد الأسطورة كأنّ الإعمار الإسرائيليّ في يهودا والسّامرة يشكّل عقبة أمام السّلام. عندما جمّدت إسرائيل البناء في المستوطنات، هي لم تحصل على السّلام. عندما قامت إسرائيل باقتلاع جميع المستوطنات من قطاع غزّة، هي لم تحصل على السّلام. إنها حصلت على الحر'.

وفي السّياق ذاته، جاء في البيان 'مزعج أنه يبدو بأنّ الرّباعيّة الدّوليّة تبنّت الموقف الذي يزعم بأنّ وجود يهود في يهودا والسّامرة يمنع تحقيق حلّ الدّولتين. وجود ما يقرب من 1.8 مليون عربيّ في إسرائيل لا يشكّل عقبة أمام السّلام، بل هذا هو دليل على التّعدديّة في إسرائيل وعلى التزامها بالمساواة'.

وتابع البيان 'إسرائيل ترفض أيّ محاولة للقيام بمقارنة أخلاقيّة بين البناء والإرهاب. إنّنا نرفض أيضًا المقارنة الضّمنيّة بين حملة الإرهاب الفلسطينيّة والعنف الذي تمارسه جماعات هامشيّة في المجتمع الإسرائيليّ. الأولى تحظى بالتّمجيد من قبل القيادة الفلسطينيّة والثّانية تدان بشكل لا لبس فيه من قبل المجتمع الإسرائيليّ بأكمله'.

وخلص بيان مكتب نتنياهو إلى أنّ 'إسرائيل ستواصل سعيها إلى اتّفاق سلام حقيقيّ يتحقّق من خلال المفاوضات المباشرة على أساس رؤية رئيس الحكومة نتنياهو حول دولتين للشعبين. رغم أنّ التّقرير يحتوي على عدد من النّقاط الخاطئة التي نختلف عليها، إسرائيل ستبحث مع مبعوثي الرّباعيّة الطّرق لتحقيق التّقدّم من أجل تحقيق هذا الهدف'.

السّلطة الفلسطينيّة تعقّب على بيان الرّباعيّة

قال النّاطق الرّسميّ باسم الرّئاسة، نبيل أبو ردينة، اليوم الجمعة، إنّ أيّ تقرير لا يتضمّن انسحابًا كاملًا من حدود العام 1967، بما يشمل مدينة القدس المحتلّة، ولا يتضمّن إقرارًا بعدم شرعيّة الاستيطان، لن يؤدّي لسلام حقيقيّ ودائم بل سيؤدّي لمزيد من التّوتّر، وعدم الاستقرار في المنطقة.

وأضاف أبو ردينة، تعقيبًا على التّقرير الصّادر عن الّلجنة الرّباعية الدّوليّة، أنّ الحلّ الوحيد هو إقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة وعاصمتها القدس الشّرقيّة، وإطلاق سراح جميع الأسرى، الأمر الذي يمكن أن يسهم في إحلال الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.

وقال أبو ردينة إنّ 'شعبنا الفلسطينيّ كان ينتظر تقريرًا يؤدّي لتطبيق الشّرعيّة الدّوليّة والمبادرة العربيّة، وفق ما أجمع عليه العالم بأسره في الأمم المتّحدة عند التّصويت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين'.

التعليقات