هل تكون قاعدة إنجرليك سببا لتوتر تركي أميركي؟

قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن بلاده ستلجأ إلى إعادة النظر في صداقتها مع واشنطن، في حال عدم تسليم الأخيرة الداعية الإسلامي، فتح الله غولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، التي وقعت الجمعة الماضية.

هل تكون قاعدة إنجرليك سببا لتوتر تركي أميركي؟

طائرة بعد إقلاعها من القاعدة (رويترز)

قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن بلاده ستلجأ إلى إعادة النظر في صداقتها مع واشنطن، في حال عدم تسليم الأخيرة الداعية الإسلامي، فتح الله غولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، التي وقعت الجمعة الماضية.

وأضاف يلدريم، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة، أنقرة، اليوم الإثنين 'إذا كان أصدقاؤنا يطالبوننا بأدلة وبراهين تثبت ضلوع ذاك القابع في الولايات المتحدة بمحاولة الانقلاب (في إشارة إلى فتح الله غولن)، رغم كل هذا التنظيم والإدارة من قبله، فإننا سنصاب بخيبة أمل وربما نلجأ إلى إعادة النظر في صداقتنا معهم'.

وأشار إلى أن بلاده ستتخذ كافة التدابير التي من شأنها إنهاء كافة الممارسات غير القانونية، وستستمر في تحري تفاصيل هذه المحاولة الانقلابية، وما إذا كانت قد جرت بالتنسيق مع جهات خارجية.

وردًا على سؤال حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي قال إنّ بلاده مستعدة لتسليم غولن إلى تركيا، في حال توافقت الأدلة المقدمة من أنقرة مع معايير اتفاق إعادة المطلوبين بين البلدين، تساءل يلدريم في هذا الشأن، عن نوعية الأدلة والوثائق التي تطلبها الولايات المتحدة، مع وجود كل هذه الأحداث في تركيا.

تستضيف قاعدة إنجرليك 1500 جندي أميركي، وأسطولًا ضخمًا من الطائرة، بالإضافة إلى الاعتقاد أنها تحوي قنابل نووية

وفي وقت سابق اليوم، صرح كيري أنّ بلاده ملتزمة ببنود اتفاقية إعادة المطلوبين المبرمة مع تركيا، مبديًا استعدادها لإعادة زعيم منظمة 'الكيان الموازي' المصنف إرهابيًا في تركيا في حال 'توافق الأدلة المقدمة ضده مع المعايير المحددة'.

ولا يقتصر 'الخلاف' بين تركيا والولايات المتحدة على تسليم فتح الله غولن، إنما يتجاوز ذلك إلى قاعدة إنجرليك الجوية الإستراتيجيّة، حيث يرى خبراء أن تركيا قد تلجأ إلى استخدام القاعدة، التي يتم فيها تنسيق الغارات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية – داعش، كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة على خلفية التوتر المستجد بين الطرفين، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.

وتستخدم الولايات المتحدة منذ عام 2015 القاعدة الواقعة جنوبيّ محافظة أضنة كمنصة لانطلاق مقاتلاتها، التي تشن غارات جوية ضد داعش في سورية، وقبل حصولها على إذن من تركيا لاستخدامها، إثر مفاوضات صعبة، كانت المقاتلات الأميركية تستخدم قواعد بعيدة في الأردن والكويت.

لكن الانقلاب الفاشل، الذي نُفِذَّ، الجمعة، وحمل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، المسؤولية عنه إلى الداعية الإسلامي، فتح الله غولن، الذي يعيش في منفاه في الولايات المتحدة، أجَّج مشاعر العداء لواشنطن في أنقرة.

وما يثير غضب المسؤولين الأتراك هو أن الولايات المتحدة أدارت، حتى الآن، أذنها الصماء للمطالب التركية بتسليم غولن إلى أنقرة، في وقت اعتبر وزير العمل التركي، سليمان صويلو، أن واشنطن 'تقف وراء الانقلاب'.

وأثار ذلك مخاوف من أن تستخدم أنقرة قاعدة إنجرليك ورقةً للضغط على واشنطن لتسليم غولن ومحاكمته في تركيا.

وقال مدير مكتب صندوق مارشال الألماني في أنقرة، أوزغور أونلوهيسارغيكلي، إن التوترات بين تركيا والولايات المتحدة مرتفعة أصلًا بسبب دعم واشنطن الميليشيات الكردية في سورية.

وأضاف لوكالة فرانس برس أن 'الوضع سيزداد سوءًا إذا لم ترد واشنطن على طلب تسليم غولن'.

نتائج عكسية

وغولن داعية إسلامي يبلغ 75 عامًا ويعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة منذ عام 1999، لكن تأثيره كبير جدًا في المجتمع التركي، ولديه مؤيدون في وسائل الإعلام والشرطة والقضاء.

ولم تظهر الولايات المتحدة، حتى الآن، اهتمامًا كبيرًا بمطالب تركيا المتكررة لتسليمه منذ فضيحة فساد كبيرة هزت حكومة إردوغان في عام 2013، واتهمت أنقرة غولن والموالين له في الشرطة والقضاء، أيضًا، بالوقوف وراءها.

وحول ذلك، قال مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونر جاغبتاي، إن تركيا سترتكب خطأ إذا استخدمت قاعدة إنجرليك لتسريع تسليم غولن، مضيفًا 'برأيي إن إقدام تركيا على ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية'، موضحًا أن 'الوصول إلى قاعدة إنجرليك مهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكنه ليس ضروريًا'.

وأردف 'واشنطن تمكنت من استخدام القاعدة فقط في العام 2015، وقبل ذلك، كان يتم تنفيذ العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب من دون استخدام إنجرليك أو سواها من القواعد التركية'، مشدّدًا على أن 'واشنطن قادرة على اللجوء إلى هذا الخيار مجددًا إذا أجبرتها تركيا' على ذلك.

وتضم قاعدة إنجرليك 1500 جندي أميركي وتبعد 70 ميلًا فقط (110 كيلومترات) عن الحدود السورية. وتنتشر فيها خصوصا طائرات بلا طيار ومقاتلات براولر المخصصة للحرب الإلكترونية، وأخرى من طراز أ-10 تستخدم في الحرب ضد داعش، ويعتقد أنها تحوي قنابل نووية من طراز B61.

اقرأ/ي أيضًا | إغلاق قاعدة إنجرليك التركية وقطع الكهرباء عنها

وأشار أونلوهيسارغيكلي إلى أن استخدام قاعدة إنجرليك كورقة ضغط قد يقيد اعتماد واشنطن على تركيا كشريك في عملية مكافحة داعش، ويدفع الأميركيين إلى البحث عن بديل لأنقرة. حيث أضاف لفرانس برس إن 'هذا لن يكون (خيارًا) ذكيًا'.

التعليقات