تركيا تنتظر "قرارات هامة" اليوم: رسائل الداخل والخارج

حل يوم الأربعاء إذًا، وهو في تقويم ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، موعد اتخاذ "قرارات هامّة"، كان الرئيس التركي، رجب طيّب إردوغان، قد أعلن أنه بصدد اتخاذها، في خطاب جماهيري له أمام منزله في إسطنبول، أمس الأول، الإثنين.

تركيا تنتظر "قرارات هامة" اليوم: رسائل الداخل والخارج

(رويترز)

حل يوم الأربعاء إذًا، وهو في تقويم ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، موعد اتخاذ 'قرارات هامّة'، كان الرئيس التركي، رجب طيّب إردوغان، قد أعلن أنه بصدد اتخاذها، في خطاب جماهيري له أمام منزله في إسطنبول، أمس الأول، الإثنين.

ولم تخفِ الصحف التركيّة اهتمامها بالقرارات التي من الممكن اتخاذها، فجميع ما تم إعلانه من قرارات، منذ اللحظة الأولى للانقلاب، حتّى اليوم، لم يسبق له مثيل في الحياة السياسيّة التركيّة ما بعد الجمهوريّة، فلم يسبق، مثلًا، أن أصدر رئيس الجمهوريّة قرارًا بإسقاط كل المروحيّات التي تحلق فوق إسطنبول من قبل، أو أن يُقال هذا العدد الكبير من عمداء الجامعات دفعة واحدة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى 'جريئة'، ما كان لأحد أن يتصوّر أن يتمّ اتخاذها خلال فترة زمنيّة وجيزة جدًا.

وذهبت غالبية الصحف التركيّة إلى حصر القرارات بإجراء تغييرات جذريّة في بنية الجيش التركي، تتجاوز إقالة جندي هنا أو ألفٍ هناك، فالأزمة الأخيرة أظهرت أن الجيش التركي لم يتخلّص بعد من استقلاليّته عن القرار السياسي التركي، رغم 'الترويض' الذي عمل إردوغان على إجرائه، على أن تتركّز التغييرات الجديدة داخل هيئة الأركان تحديدًا، حيث خمّن محللّون أتراك أن يتم الإعلان عن ربط هذه الهيئة بوزارة الدفاع مباشرة، فمنصب وزير الدفاع في تركيا شرفيّ بحت، في حين تصدر القرارات المصيريّة عن 'مجلس الشورى العسكري'، الذي يتحكّم في مفاصل الجيش التركي، فرغم أن رئيس الوزراء هو من يعيّن قائد الأركان، رسميًا، إلا أن التعيين، بروتوكوليًا، يأتي بعد توصيات من قبل 'مجلس الشورى'، وهو ما يفسّر أسباب الظهور القليل لوزير الدفاع التركي خلال الفترة الماضية، رغم أنه من المفروض أن يكون الأكثر ظهورًا، في مثل هذه الأحداث.

وفي حين خرجت هذه القرارات إلى حيّز التنفيذ، فإن هذا سيعتبر القرار الأجرأ لإردوغان منذ اعتلائه سدّة الحكم في تركيا، بالإضافة إلى أنه سيشكّل ضربةً قاضية لسلطة الجيش التركي الذي يعتبر قراره بيده، لا بيد القيادة السياسيّة، وما يعنيه ذلك من تعزيز لسلطة الحكومة والبرلمان.

هذا داخليًا، أمّا خارجيًا، فقد تكهّن عدد من المراقبين الأتراك بأن القرارت الهامة التي ستُعلن اليوم، عقب اجتماع إردوغان بمجلس الأمن القومي التركي وأعضاء الحكومة، ستتضمنّ شقًا سياسيًا خارجيًا، وما يعزّز هذه التكهنات هو الاتصال الهاتفي الأول من نوعه الذي جرى بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وإردوغان، حيث دبّت خلافات عميقة بين الجانبين ظهرت جليّة في عدم استقبال أوباما لإردوغان في البيت الأبيض رغم زيارة الأخير للولايات المتحدة عدّة مرّات، ووصفه إردوغان لمجلة أتلانتك الأميركية بأنه 'فاشل ودكتاتوري، يرفض استخدام جيشه الضخم في جلب الاستقرار في إلى سورية'.

وقد ذهب عدد من المحللين الأتراك إلى أن القرار قد يكون إعلان إغلاق قاعدة إنجرليك الجويّة بوجه القوات الأجنبية (الأميركيّة والألمانيّة بالأساس)، خصوصًا أن طائرات تعبئة وقود انطلقت من القاعدة وساعدت في استمرار تحليق طائرات الانقلابيين في الأجواء التركيّة، رغم الإعلان عن حظر الطيران في الأجواء التركيّة.

المظاهرات مستمرّة في تركيا رفضًا للانقلاب (أ.ف.ب)

ولطالما اعتبرت قاعدة إنجرليك القاعدة الجويّة الأهم في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية – داعش، حيث أنها لا تبعد عن مناطق نفوذها وسيطرتها بأكثر من 110 كيلومترات، بالإضافة إلى أنها تتسع لكميات كبيرة من الطائرات، فهي تحوي طائرات سعوديّة وقطريّة وألمانيّة وأميركيّة بالإضافة إلى الطائرات التركية الرابضة في المنطقة.

بينما ذهب عدد آخر من الصحف التركية إلى الاعتقاد بأن هذه القرارات قد تتضمّن انسحاب تركيا من مفاوضات انضمامها للاتحاد الأوروبي أو إلغاء اتفاق الهجرة، ما قد يشكّل ضربة للاتحاد الأوروبي حاليًا، خصوصًا بعد الانسحاب البريطاني الذي أحدث هزّة كبيرة لا زالت ارتداداتها ماثلة حتّى الآن، وهو ما يعد استباقًا لقرار أوروبي برفض استمرار تركيا في مفاوضات انضمامها إذا ما سنّت قانون الإعدام، الذي تندفع الحكومة وحزب الحركة القومية المعارض نحو سنّه.

اقرأ/ي أيضًا | تركيا: 50 ألف معتقل ومعزول جراء 'التطهير'

تيقى هذه كلّها توقّعات، أما القرارات الحقيقيّة فهي بيد الرئيس التركي ومجلس أمنه القومي وأعضاء حكومته، في الانطلاق نحو 'الجمهوريّة الثانية' التركية.

التعليقات