بريطانيا نحو بريكست بلا معارضة

تبدو الساحة خالية أمام الحزب البريطاني المحافظ لتنفيذ الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) بالطريقة التي تناسبه بعد أن بات مهيمنا وحده على المشهد السياسي أمام معارضة متخبطة، وإن كان الخطر يأتي من داخل صفوفه

بريطانيا نحو بريكست بلا معارضة

"سأشتاق للاتحاد الأوروبي" (أ.ف.ب)

تبدو الساحة خالية أمام الحزب البريطاني المحافظ لتنفيذ الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) بالطريقة التي تناسبه بعد أن بات مهيمنا وحده على المشهد السياسي أمام معارضة متخبطة، وإن كان الخطر يأتي من داخل صفوفه، وفق محللين.

وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة مانشستر، جين غرين، لفرانس برس، إن رئيسة الوزراء 'تيريزا ماي عززت مكانتها إلى حد كبير في غياب معارضة قوية وثابتة. لو كان حزب العمال قادرا على محاسبة الحكومة لحصلنا على معلومات أكثر عما تنوي فعله' لتفعيل خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ولكن حزب العمال يتخبط في مشاكله الداخلية التي لم تحسمها إعادة انتخاب جيريمي كوربن الأسبوع الماضي رئيسا نظرا للعداء بينه وبين نواب الحزب. والحزب منقسم كذلك بشأن مسألة الهجرة المهمة المتصلة ببريكست بدءًا من القيود التي ستفرض على المهاجرين والتي كانت حاسمة في التأثير على خيار الناخبين خلال استفتاء 23 حزيران/ يونيو.

ويقول توم بلدوين، مستشار الزعيم العمالي السابق، إد مليباند، في صحيفة 'إيفننغ ستاندرد' إن 'التركيز على المشكلات الداخلية خلال مؤتمر حزب العمال مثال واضح على غياب أي نقاش حول بريكست رغم أنها المسألة السياسية المحورية راهنا ولسنوات قادمة'.

مهمة تدمير حزب العمال

ويقول جيمس فراين من مجموعة 'بوليسي اكستشانج' الاستشارية على مدونة 'كونسرفاتيف هوم' المحافظة، إن على تيريزا ماي ان تبدأ اعتبارًا من الأحد في برمنغهام 'باعتلاء المنبر مع فكرة واحدة في راسها: تدمير حزب العمال'.

ويضيف أن 'خطابها يجب أن يشكل بداية عملية تقود إلى الهيمنة التامة على المشهد السياسي عبر دفع حزب العمال إلى الهامش إلى جانب الليبراليين الديموقراطيين. لم يعد لهم أي تأثير على حياة الناس العاديين'.

وباتت ماي، التي احتفلت بعيد ميلادها الستين السبت، ثاني امرأة تترأس حكومة بريطانيا بعد استقالة ديفيد كاميرون إثر هزيمة حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي.

ووعدت ماي بأنها ستلتزم بشعار 'أمة واحدة'، الذي يعني إشراك اكافة الطبقات الاجتماعية في مشروع واحد، التزاما بالمفهوم الذي رسخه رئيس الوزراء بنجامين ديسرايلي في القرن التاسع عشر.

وهذا يعني بلغة اليوم الهيمنة على الساحة التي أخلاها العماليون الذين يبدون أكثر بعدا عن السلطة من أي وقت مضى.

ويبدو حزب العمال عاجزا عن مواجهة صعود شعبية تيريزا ماي التي يمنحها الناخبون ثقة أكبر من كوربن في تحسين الخدمات الصحية وخفض تدفق المهاجرين ورسم العلاقات التجارية بعد بريكست، وفق استطلاع أجراه معهد 'بريتين ثنكس' في 22 أيلول/ سبتمبر.

في حين تفيد كافة استطلاعات الرأي أن المحافظين سيتقدمون كثيرا على العماليين في حال تنظيم انتخابات.

حكومة منقسمة

هل يعني هذا أن الأمور تسير على أحسن ما يرام بالنسبة لتيريزا ماي؟

ليس تماما، وفق ماثيو غودوين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كنت، الذي يقول إن 'الحزب المحافظ بلا شك قوي جدا في استطلاعات الرأي في الوقت الحاضر، ولكنه لا يحظى سوى بأغلبية بسيطة في مجلس العموم وهذا سيجعل من الصعب جدا على ماي تمرير تشريعات مثيرة للجدل على صلة ببريكست'.

هذا عدا عن التحدي الرئيسي أمامها وهو قيادة حكومة منقسمة علنا بين مؤيدي القطيعة مع بروكسل ويمثلهم بوريس جونسون وديفيد ديفيس وليام فوكس (وزراء الخارجية وبريكست والتجارة الدولية) وبين مؤيدي نهج أكثر مرونة تحبذه ماي ووزير المالية فيليب هاموند ممن أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء.

ويشير جورج فريمان مستشار ماي إلى 'فرصة رائعة لأن يثبت الحزب المحافظ تحت شعار أمة واحدة أن اهتمامنا ينصب على أبعد من قاعدتنا الانتخابية، بأولئك الذين يشعرون بالتهميش في مختلف أنحاء البلاد'.

ويضيف في تصريح لمجلة 'نيو ستيتسمان' اليسارية، أن ذلك 'يطرح كذلك سؤالا على الحزب المحافظ: هل سنرتد على أنفسنا ونختلق الخلافات أم أننا سنتحد ونشغل المساحة التي أخلاها كوربن؟'

وأيًا كانت رغبات مؤيدي بريكست وشعاراتهم سواء في الحكومة أو في البرلمان، تبدو ماي وأعضاء حكومتها مقبلين على مهمة مفتوحة تتوقف نتيجتها إلى حد كبير على الاتحاد الأوروبي على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات.

إقرأ/ي أيضًا | رئيسة وزراء بريطانيا تكشف عن خططها للخروج من الاتحاد الأوروبي

التعليقات