ارتدادات زلزال ترامب تضرب أوروبا

تشهد أوروبا الكثير من المواقف التي تتطابق مع خطاب ترامب، مثل حزب الجبهة الوطنية بفرنسا، وحزب "يوكيب" ببريطانيا، وحزب "البديل لألمانيا"، وخطابات رئيس الوزراء المجري والرئيس التشيكي، وصعود اليمين المتطرف بالنمسا وهولندا واسكندينافيا

ارتدادات زلزال ترامب تضرب أوروبا

نايجل فاراج، مارين لوبان، خيرت فيلدرز

صُدم العالم صباح اليوم، الأربعاء، بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وراح الجميع يبحث عن أسباب هذا الفوز المفاجئ، والمناقض للغالبية الساحقة من استطلاعات الرأي، التي تنبأت بفوز المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون.  

إثر هذه النتيجة، يبدو أن نخبا سياسية واقتصادية في أوروبا باتت تخشى على مصيرها ومكانتها. إذ تشهد أوروبا الكثير من المواقف التي تتطابق مع خطاب ترامب، وهي مواقف قومية معادية للأجانب وللنخب ومعارضة للعولمة، تعكس صعودا للتيارات الشعبوية في الديمقراطيات الغربية.

في فرنسا، تزداد شعبية حزب الجبهة الوطنية في أقصى يمين المشهد السياسي، وتتوقع استطلاعات الرأي ارتقاء رئيسته، مارين لوبان، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 أيار/مايو 2017، وهي كانت من أوائل الذين هنأوا الرئيس الأميركي المنتخب.

وتساءلت صحيفة '20 مينوت' (20 دقيقة) المجانية الفرنسية، اليوم، على صفحتها الأولى: 'فرنسا على الطريقة الأميركية؟'.

وفي بريطانيا، تجاوب العديد من المواطنين مع دعوة حزب 'يوكيب' المعادي لأوروبا إلى 'استعادة بلادنا'، وصوتوا في حزيران/يونيو الماضي من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وفي ألمانيا، يحقق حزب 'البديل لألمانيا' اليميني الشعبوي سلسلة من الانتصارات الانتخابية في الأشهر الأخيرة، مستغلا الاستياء الشعبي من تدفق المهاجرين إلى البلاد. كما يسجل الوضع نفسه في دول مثل النمسا وهولندا واسكندينافيا حيث يتصاعد اليمين المتطرف. وكتب زعيم الحزب اليميني المتطرف في هولندا، غيرت فيلدرز، على 'تويتر'، اليوم، إنه 'انتصار تاريخي لنا جميعا'.

كذلك أعرب رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، والرئيس التشيكي، ميلوس زيمان، اللذان يتعرضان للانتقاد بسبب خطابهما الشعبوي والمعادي للهجرة، عن تأييدهما للملياردير الأميركي.

ومع بدء صدور نتائج الانتخابات الأميركية وتقدم ترامب نحو البيت الأبيض، صباح اليوم، بدا أقطاب اليمين في أوروبا مبتهجون بالنتيجة.

وكتب القيادي اليميني المتطرف الهولندي، خيرت فيلدرز، في تغريدة في 'تويتر': 'لقد استعاد الأمريكيون أرضهم'.

وقال القائم بأعمال زعيم حزب الاستقلال البريطاني اليميني، نايجل فاراج، مخاطبا ترامب: 'لقد خضت حملة شجاعة'.

وكتبت لوبان في تغريدة في 'تويتر': 'أطيب التهاني للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وللشعب الأمريكي الحر'.

*قلق اجتماعي

وقال مدير الأبحاث في 'المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية'، جيريمي شابيرو، لوكالة فرانس برس إنه 'تاريخ الخوف من التغيير، الخوف من الآخر، الخوف من العدوى الثقافية'.

والقاسم المشترك بين جميع هذه الأحزاب والحركات المصنفة في خانة الشعبوية هو: انتقاد 'اللياقة السياسية'، كره 'النخب' السياسية والمالية، العداء لعدو مشترك هو العولمة التي يرون فيها لعبة ابتكرها أثرياء العالم لخداع الشعوب.

ويرى مؤلف كتاب 'الفورة الشعبوية'، جون جوديس، أن الوضع الاقتصادي منذ الأزمة المالية العالمية كان تربة خصبة للانكفاء على الذات والانعزالية. وقال إن 'التباطؤ الاقتصادي المتزامن مع تزايد التباينات يولد الكثير من النقمة' ضد الذين يحكمون.

وتقترن هذه النقمة بمخاوف لدى المواطنين حيال تدفق المهاجرين والخطر الإرهابي. ويقول شابيرو إن 'الهجرة هي العامل الأول'، لا سيما بسبب 'المخاطر التي تشكلها على الأنظمة الصحية والتربوية'.

إلا أن تزايد الانعزالية قد يهدد الأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي وكذلك المؤسسات الدولية. وكان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أعرب عن قلقه حين حذر من أن قرار بريكست لن يؤدي إلى 'تدمير الاتحاد الأوروبي فحسب، إنما كذلك الحضارة السياسية الغربية'.

وما يعزز هذه المخاوف أن ترامب استهدف بانتقاداته منذ حملته الانتخابية الحلف الأطلسي ومنظمة التجارة العالمية، في وقت انسحبت دول أفريقية عدة، بدءا بجنوب أفريقيا، من المحكمة الجنائية الدولية.

ويبقى السؤال مطروحا عن مدى التأثير الفعلي للشعبويين، سواء كانوا من أقصى اليمين أو من أقصى اليسار. وقال جوديس بهذا الصدد، إن الشعبوية هي 'بصورة عامة إنذار، معناه أن الأحزاب والمؤسسات تدرك أنه ينبغي القيام بشيء ما'.

 

التعليقات