الصين في انتظار الكارثة... والتلوث في أعلى مستوياته

بعد أن احتلت الصين المركز الثاني كأكبر اقتصاد عالمي، وبينما تواصل زخمها في النمو خلال الأربعين عامًا الأخيرة، تدفع الصين ضريبة كلّ ذلك بنسبة تلوث الهواء الكارثي الذي أصابها خلال الشهر الماضي.

الصين في انتظار الكارثة... والتلوث في أعلى مستوياته

بعد أن احتلت الصين المركز الثاني كأكبر اقتصاد عالمي، وبينما تواصل زخمها في النمو خلال الأربعين عامًا الأخيرة، تدفع الصين ضريبة كلّ ذلك بنسبة تلوث الهواء الكارثي الذي أصابها خلال الشهر الماضي، والتي بلغت مستويات خطيرة أصبحت تهدد صحة مواطنيها إلى حدّ كبير.

ومنذ شهرين، تشهد عدة مناطق بالصين عاصفة من الضباب الدخاني الكثيف مما يظهر ارتفاع معدلات التلوث بصورة غير طبيعية، ما دفع الحكومة إلى تشديد تدابيرها المتعلقة بالحدّ من هذه الظاهرة التي باتت تتكرر كل عام.

ومع ازدياد كثافة هذا الضباب الدخاني، أصدرت السلطات الصينية، الأسبوع الماضي، تحذيرا باللون الأحمر استمر ليوم الجمعة، شمل 31 مدينة، وهو ما يعني رفع حالة التأهب القصوى.

وتطبق الصين نظام تحذير لتلوث الهواء يتكون من أربعة مستويات يبدأ بالأزرق ثم الأصفر ويليه البرتقالي وأخيرًا الأحمر الذي يعد الدرجة القصوى من مستوى التحذير.

وفي المناطق الشمالية والشرقية للبلاد، التي تشهد تلوثًا كثيفًا في الهواء خلال الشهرين الأخيرين، أصدرت السلطات الصينية التحذير الأحمر لأكثر من مرة.

ووفق هذا المستوي من التحذير، فإنه يتم تعليق العمل في بعض المصانع الملوثة للبيئة وخفض نسبة الإنتاج ووقف أعمال البناء، وإلغاء حصص التربية البدنية والتمارين الصباحية والمباريات الرياضية في المؤسسات التعليمية.

'لو يويفين'، طالبة في مقاطعة هينان جنوبي الصين، قالت للأناضول إنها تزور بكين للمرة الأولى هذا العام، وكان تلوث الهواء أول أمر يلفت انتباهها هناك.

وأوضحت أن 'الحكومة تبذل جهودًا لحماية البيئة، وباتت التدابير في هذا الإطار أفضل مما سبق، لأن البيئة ليست عائدة لشخص واحد بل للجميع'.

وفي مواجهة هذه الظاهرة المتكررة في الصين والتي باتت تهدد حياة مواطنيها، أعلنت الإدارة الوطنية للطاقة في البلاد، مؤخرًا، اعتزامها الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بقيمة 361 مليار دولار لغاية العام 2020 لحماية البيئة من التلوث وزيادة حجم الطاقة.

وتخطط الصين خلال السنوات القليلة القادمة إلى خفض استهلاك الفحم في البلاد وزيادة قدرتها من الطاقة المتجددة بما فيها الشمسية والمائية والنووية والرياح.

وتشير الإحصاءات، إلى أن تلوث الهواء في الصين، يؤدي إلى مقتل نحو 1.4 مليون شخص سنويًا، وأن 16 مدينة صينية من بين المدن العشرين الأكثر تلوثا حول العالم، وأنَّ أكثر من 20 مليون صيني يعانون من أمراض التنفس جراء ذلك.

كما كشف بحث أجرته أكاديمية العلوم الوطنية في الصين، بالتعاون مع علماء أجانب، أنَّ معدل أعمار الصينيين خاصة جنوبي البلاد منخفض بنسبة 5.5 % عن المعدل الطبيعي، بسبب استخدامهم الفحم.

وتضطر الشركات والمصانع الصينية إلى تعليق أعمالها في بعض المناطق للحد من تلوث الهواء عند ارتفاعه إلى مستويات خطيرة.
وأعلنت الحكومة الصينية مؤخرا أنها ستلزم الشركات التي تسبب بتلوث الهواء بدفع ضرائب جديدة اعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2018.

وتجاوز مؤشر الجسيمات الناعمة الضارة 'بي إم 2.5' الذي تعتمده الصين لقياس درجة التلوث، لعدة مرات وبمستويات متفاوتة الحد الآمن لسلامة الإنسان الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية وهو 25 ميكروجراما.

وتستقر هذه الجسيمات الناعمة في الرئتين عن طريق الاستنشاق وتمتزج بالدم لتتسبب بالتهاب الشعب الهوائية وتخثر الدم والإصابة بأمراض قلبية.

وقد تؤدي تلك الجيسمات الضارة إلى وفاة الأشخاص المصابين بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن وغيرها.
يشار إلى أن الصين تأتي في المرتبة الأولى عالميًا من ناحية انبعاث غازات الاحتباس الحراري.

وترجع دراسات أسباب ارتفاع نسبة التلوث في الصين إلى اهتمامها بتحقيق النمو الاقتصادي الذي كان له الأثر السلبي على البيئة حيث تضاعفت أعداد المصانع التي تعمل بالطاقة التقليدية، علاوة على الاعتماد على محطات تعمل بالفحم لتزويد ملايين المواطنين بالتدفئة.

التعليقات