مؤتمر باريس محاولة أخرى لتعديل مسار ترامب

إذا كان قرار مجلس الأمن رقم 2334 هو رد أميركي فإن مؤتمر باريس هو رد أوروبي على ما يمكن تسميته بـ "الجنوح الترامبي" الذي يثير تخوفات المجتمع الدولي

مؤتمر باريس محاولة أخرى لتعديل مسار ترامب

إذا كان قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أدان النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وأكد حل الدولتين، هو رد أميركي فإن مؤتمر باريس، الذي انفض أمس الأحد، هو رد أوروبي على ما يمكن تسميته بـ 'الجنوح الترامبي' الذي يثير تخوفات المجتمع الدولي، ويهدد بتقويض الأسس التي تقوم عليها عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي مركزها حل الدولتين.

ترامب كان 'الفيل الذي بالقاعة'، بلسان صحيفة 'هآرتس'، والعصبية والخوف مما سيجلبه معه 20 كانون الثاني/يناير ظهر جليا في خطابات غالبية وزراء الخارجية المشاركين في المؤتمر، خاصة لدى المضيفين الفرنسيين، وبالرغم من أن عدم الوضوح الذي يشوب سياسة ترامب الخارجية يشمل كل بقعة في العالم، فإن الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي هو الأبرز بشكل خاص، حتى أن السؤال الذي لاح في فضاء القاعة هو هل مؤتمر باريس سيكون مؤتمر السلام الأخير، في السنوات الأربع الأخيرة على أقل تقدير، كما كتبت الصحيفة.

هذا الشعور تعززه تصريحات ترامب ومستشاريه المتعلقة بنقل السفارة الأميركية للقدس، وتعيين ديفيد فريدمان المؤيد للمستوطنات سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل، ورد فعل الرئيس المنتخب على قرار مجلس الأمن المتعلق بالاستيطان، وغبطة زعماء اليمين ولوبي المستوطنين في الكنيست بفوزترامب.

المؤتمر حاله حال قرار مجلس الأمن، الذي سهل له أوباما. ومبادئ كيري التي أكد عليها في خطابه الأخير هي بمثابة ردود استباقية، جاءت كمحاولات لتثبيت ترامب على سكة الإجماع الدولي المرتبط بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإلزامه بقواعد اللعبة الشرق أوسطية، التي أرساها وأجمع عليها المجتمع الدولي رغم تعاقب العديد من الإدارات الأميركية.

الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، ووزير خارجيته جان مارك إيرولت، أكدا بوضوح أن المؤتمر جاء ليبعث رسالة للإدارة الأميركية الجديدة، حول وجود إجماع عالمي حول ضرورة دفع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وهي رسالة حظيت بدعم الدول الأوروبية كلها وجميع الدول العربية والدول الأفريقية التي شاركت بالمؤتمر.

ترامب ومساعدوه أبدوا امتعاضهم من مؤتمر باريس وتوقيت انعقاده (خمسة أيام قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض)، وطلب في لقاءات أجرتها معه وسائل إعلام بريطانية، من بريطانيا اتخاذ حق النقض الفيتو على أي قرار يدين إسرائيل في مجلس الأمن. وكانت الحكومة اليمينية في بريطانيا قد تحفظت على انعقاد المؤتمر وعلى بيانه الختامي.

من جهته اعتبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن مؤتمر باريس قد يكون الفرصة الأخيرة لتطبيق حل الدولتين، حيث حذر، في مقابلة أجرتها معه 'لا فيغارو' الفرنسية، من أن قرارا أميركيا محتملا بنقل السفارة الأميركية إلى القدس سيؤدي إلى انهيار عملية السلام، وقد يقود إلى تغيير في موقف السلطة الفلسطينية المتعلق بالاعتراف بإسرائيل.

عباس الذي تعذرت مشاركته في المؤتمر، بسبب مقاطعة إسرائيل لأعماله، ورغبة الفرنسيين في عدم الإفراط في إغضاب إسرائيل الغاضبة من واقع انعقاد المؤتمر، آثر التواجد في أوروبا حيث قام بزيارة للفاتيكان اجتمع خلالها مع البابا فرنسيسكوس.

وفي تصريحات له عقب انتهاء أعمال المؤتمر، أعرب عباس عن استعداد الجانب الفلسطيني لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، على أساس القرارات الدولية، وبضمنها قرار مجلس الأمن الأخير وبيان مؤتمر باريس، إلا أن حسابات حكومة اليمين الاستيطاني التي يقودها نتنياهو والتي تمكنت من الإفلات من الاستحقاقات الدولية في عهد أوباما،لا تتطابق مع حساباته، وهي تستبشر المزيد من 'الخير' في فترة ترامب وتعد المخططات لزرع المزيد من المستوطنات فوق الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحويل الضم الزاحف للضفة الغربية، إلى ضم رسمي يحظى بمباركة الإدارة الأميركية الجديدة.

 

التعليقات