ترامب يقرر الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ

طاقم أميركي يدرس الانسحاب بشكل كامل الأمر الذي يستغرق نحو ثلاث سنوات، أو الانسحاب من ميثاق الأمم المتحدة الذي كان أساسا للاتفاقية، الأمر الذي يعني أن الانسحاب سيكون سريعا وحادا

ترامب يقرر الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ

قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، الانسحاب من اتفاقية المناخ الموقعة في باريس.

ونقل الموقع الإخباري "AXIOS" عن مصدرين في الإدارة الأميركية أن طاقما صغيرا يقوده رئيس الوكالة لحماية البيئة، سكوت برويت، يدرس الآن كيفية الانسحاب.

وبحسب المصادر فإن هذا الطاقم يدرس الانسحاب بشكل كامل الأمر الذي يستغرق نحو ثلاث سنوات، أو الانسحاب من ميثاق الأمم المتحدة الذي كان أساسا للاتفاقية، الأمر الذي يعني أن الانسحاب سيكون سريعا وحادا.

تجدر الإشارة إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ سوف يضعف بشكل كبير محاولات تقليص الاحتباس الحراري (الاحترار)، ومن الممكن أن يمهد الطريق أمام دول أخرى للانسحاب، أو إضعاف التزامات هذه الدول بالاتفاقية.

يذكر أنه خلال قمة مجموعة السبع (G7)، حاولت الدول الأعضاء، كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، إقناع ترامب بالبقاء في إطار الاتفاقية، إلا أن المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي، غاري كوهين، أعلن أنه "في حال تصادمت الأمور، فإننا سنختار ازدهارنا الاقتصادي". على حد تعبيره.

وكانت قضية اتفاقية المناخ عاملا مركزيا في التوتر بين الولايات المتحدة وبين الدول المشاركة في لقاء القمة. وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في نهاية القمة إن محادثات المناخ كانت "جدا غير مرضية".

وفي الغداة قالت ميركل، استنادا إلى تجربتها في القمة، إن أوروبا لا تستطيع الاعتماد مطلقا على حليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا، كما كان الأمر في السابق. ورغم أنها تراجعت عن أقوالها لاحقا، إلا أنها ما لبثت أن كررتها ثانية بعد وقت قصير.

من جهته لم يلتزم ترامب الصبر، وكتب، يوم أمس، على حسابه في تويتر "هناك عجز تجاري ضخم جدا مع ألمانيا، فهي تدفع أقل بكثير مما يجب أن تدفعه لحلف لشمال الأطلسي والجيش، وهذا أمر سيئ للولايات المتحدة، وسوف يتغير".

اتفاقية باريس للمناخ

إلى ذلك، تمثل أبرز نقاط الاتفاق الذي أقر في باريس في اختتام قمة المناخ، في الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، في الحد من ارتفاع الحرارة "أدنى بكثير من درجتين مئويتين"، ومراجعة التعهدات الإلزامية "كل خمس سنوات"، وزيادة المساعدة المالية لدول الجنوب.

وتعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائه "دون درجتين مئويتين"، و"بمتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية".

وتم تحديد هدف الدرجتين المئويتين قياسا بعصر ما قبل الصناعة في كوبنهاغن عام 2009، مما يفرض تقليصا شديدا لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.

وتؤكد دول عديدة -خصوصا الواقعة على جزر والمهددة بارتفاع مستوى البحر- أنها ستصبح في خطر إذا تجاوز ارتفاع حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.

وأعلنت 186 دولة من 195 عن إجراءات للحد من تقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة في أفق الفترة 2025-2030. لكن حتى في حال احترام هذه التعهدات، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيكون بنحو ثلاث درجات مئوية.

والهدف هو التوصل إلى "ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة بأسرع ما يمكن"، و"القيام بعمليات خفض سريع إثر ذلك بهدف التوصل إلى توازن بين الانبعاثات" التي تسببها أنشطة بشرية والانبعاثات "التي تمتصها آبار الكربون خلال النصف الثاني من القرن"، في إشارة محتملة إلى الغابات وأيضا تقنية الالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث في الفضاء.

وتعين أن تكون الدول المتقدمة "في الطليعة في مستوى اعتماد أهداف خفض الانبعاثات"، في حين يتعين على الدول النامية "مواصلة تحسين جهودها" في التصدي للاحتباس الحراري "في ضوء أوضاعها الوطنية".

وبينما كانت الدول النامية حتى الآن خاضعة لقواعد أكثر تشددا في مجال التقييم والتثبت في المبادرات التي تقوم بها، نص اتفاق باريس على أن النظام ذاته ينطبق على الجميع.

وكانت هذه النقطة شديدة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، غير أنه تم إقرار "مرونة" تأخذ في الاعتبار "القدرات المختلفة" لكل بلد.

وكانت قد وعدت الدول الغنية عام 2009 بتقديم مئة مليار دولار سنويا بداية من 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، ولتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها.

كما طلبت الدول النامية أن ينص الاتفاق على أن مبلغ المئة مليار دولار ليس سوى "حد أدنى"، وسيتم اقتراح هدف مرقم جديد عام 2025.

من جهة أخرى ترفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة، وتطالب دولا مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية أن تساهم.

ونص الاتفاق على "وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية"، ويضيف "نشجع باقي الأطراف (دول أو مجموعة دول) على تقديم الدعم على أساس طوعي".

ويعني ذلك مساعدة الدول التي تتأثر بالاحتباس الحراري حين تصبح المواءمة غير ممكنة، وتشمل الخسائر التي لا يمكن تعويضها والمرتبطة بذوبان كتل الجليد أو ارتفاع مستوى المياه مثلا.

وبدون أن يسوّي كافة المشاكل، فإن اتفاق باريس يخصص فصلا كاملا لهذه المسألة، وهو ما يشكل نصرا بحد ذاته للدول الأشد هشاشة مثل الدول الواقعة على جزر.

فهو يعزز الآلية الدولية المعروفة بآلية وارسو المكلفة بهذه المسألة، والتي لا يزال يتعين تحديد إجراءاتها العملية.

وهذه المسألة حساسة بالنسبة للدول المتقدمة، خصوصا الولايات المتحدة التي تخشى الوقوع في مساءلات قضائية بسبب "مسؤوليتها التاريخية" عن الاحتباس الحراري.

وتوصلت هذه الدول إلى إدراج بند يوضح أن الاتفاق "لن يشكل قاعدة" لتحميل "المسؤوليات أو المطالبة بتعويضات".

التعليقات