هل يحول ترامب شعار "أميركا أولًا" لاميركا وحيدة؟

بدا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارة صعبة إلى أوروبا مغردا خارج سرب الحلفاء التقليديين وبذل جهودا كبيرة لإظهار أن الاستراتيجيات غير التقليدية حيال روسيا والصين قادرة على تحقيق نتائج.

هل يحول ترامب شعار

ترامب وزوجته ميلانيا (أ.ف.ب)

بدا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارة صعبة إلى أوروبا مغردا خارج سرب الحلفاء التقليديين وبذل جهودا كبيرة لإظهار أن الاستراتيجيات غير التقليدية حيال روسيا والصين قادرة على تحقيق نتائج.

ففي تصريحات كان يفترض أن تتمحور حول سيدات الأعمال، تحول خطاب ترامب إلى "مونولوج" حول مزايا ابنته إيفانكا وإخفاقاته كوالد. وقال ترامب "لو لم تكن ابنتي لكان الأمر أسهل بالنسبة لها. ولعل ذلك هو الأمر السيء الوحيد الذي أصابها".

وتبادل رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، والمستشارة الألمانية، آنجيلا ميركل، ضحكات أشبه ما تكون بالإقرار بأن نظراء ترامب ليسوا واثقين من كيفية التعاطي مع الرئيس السبعيني.

وطغى خلال الاجتماع شعور بأن الرئيس الأميركي، قائد "الأمة التي لا يمكن الاستغناء عنها"، قد بدل موقعه، تاركا للآخرين مهمة اللحاق به.

البدء مع الأصدقاء

في وارسو، المحطة الأولى من رحلة استمرت أربعة أيام، سعى ترامب إلى إعادة تأكيد موقعه كقائد للعالم الحر.

وكملك يتقدم فرسانه على الجبهة، أطلق ترامب جرس الإنذار ضد الإرهاب والبيروقراطية واصفا إياهما بعدوتي الحضارة المسيحية.

وأكد ترامب وقوفه إلى جانب الحلفاء بتأكيد التزامه بمعاهدة حلف شمال الأطلسي حول الدفاع المشترك في ما يشبه الرد على مطالبات بموقف واضح من التحالف.

ولكن بالنسبة لكثر، فإن رؤية ترامب للغرب هو مجموعة أمم ما زالت متمسكة بإيمانها بالله، أي غرب بحدود بجدران مرتفعة وتشدد قومي، تتعارض مع الزمن الحالي.

ويقول توماس رايت من معهد بروكينغز "ليس من قبيل الصدفة أن يدلي ترامب بخطابه هذا في بلد حكومته محافظة ومشككة في الاتحاد الأوروبي".

وأضاف رايت أن "الخطر الأكبر لخطاب ترامب هو في أنه يبدأ بتقسيم أوروبا إلى أوروبا قديمة وأخرى جديدة، أو إلى فريقين: من يروق لهم ترامب وخطابه ومن لا يروق لهم".

ويقوض ترامب نفسه ادعاءه بأنه حامي القيم الغربية بهجماته ضد حرية الصحافة وتقليله من أهمية التدخل الروسي في الانتخابات.

حان وقت التقدم

ولاحقا في قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، ظهر ترامب مجددا خارج الإطار السياسي.

ففي البيان المشترك بدت الولايات المتحدة خارج تجمع القادة العالميين: ففي المعركة ضد التغير المناخي أيدت 19 دولة الاتفاق ووحده ترامب عارضه.

وقال المستشار الاقتصادي لترامب، غاري كون، إنه "من الصعب أن يتفق عشرون صديقا على مكان لتناول العشاء معا".

كذلك تعرضت جهود ترامب لإعادة العلاقات مع المنافسين إلى نكسة.

ففي اجتماع تاريخي استغرق ساعتين وربع الساعة مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وافق ترامب عمليا على وضع قضية التدخل الروسي في الانتخابات في 2016 خلفه، في تنازل لمصلحة موسكو.

وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إنه "بعد حديث مطول في هذا الشأن اتفقا على المضي قدما لبحث قضايا أخرى".

إلا أن ذلك لم يؤت نتائج ملموسة أخرى باستثناء التوصل إلى اتفاق حول منطقة خفض التصعيد في سورية.

ويأمل مسؤولون في أن يسهم الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الأحد في حقن الدماء وفتح الباب نحو تخفيف حدة الحرب الأهلية المستمرة منذ ست سنوات، إلا أن اتفاقات سابقة لوقف إطلاق نار لم تدم طويلا.

وسعى المفاوضون في عمان لأشهر للتوصل إلى اتفاق أكثر ثباتا: منطقة آمنة تتولاها قوات تحمي الحدود الأردنية وتسمح لمعارضي النظام بالاحتفاظ بأراض سيطروا عليها.

ويبدو أن ذلك لا يزال بعيد المنال.

ويقول الخبير كليف كابتشان من مجموعة يور-إيجا "أفضل نتيجة يمكن التوصل إليها هي تحول هذا الاتفاق إلى حجر أساس لتنسيق أكبر بين الولايات المتحدة وروسيا في سورية".

ويتابع كابتشان "إلا أن الهدنة التي تم التوصل إليها تواجه معوقات، ومصيرها في أفضل الاحتمالات لا يزال مجهولا".

ترامب وكوريا الشمالية

وعلى الصعيد الكوري الشمالي، بدا ترامب غير قادر على ترجمة أسابيع من الضغط والتغريدات الغاضبة ضد الصين بتقدم دبلوماسي ملموس.

وفي الجهة المقابلة من المائدة جلس شي جينبينغ بدون أي مؤشر لفرض عقوبات على كوريا الشمالية من شأنها دفع بيونغ يانغ إلى التفكير مليا بتطوير صواريخ بعيدة المدى وأكثر فاعلية.

وبدا ترامب مضطرا إلى التخلي عن مفهومه للأمور الملحة.

وقال ترامب "قد يتطلب الأمر وقتا أطول مما أريد أو تريدون (...) لكن سيتحقق النجاح في النهاية بطريقة أو بأخرى".

وبأيديولوجيته المتشددة وفشل دبلوماسيته في أن تكون على مستوى خطابه "المنتصر"، عرضت رحلة ترامب الخارجية الثانية شعار "أميركا أولا" لخطر أن يصبح "أميركا وحيدة".

 

التعليقات