المصالح الاقتصادية منعت دولًا إسلامية من التدخل بأزمة الروهينغا

منعت المصالح الاقتصادية التي تملكها دول إسلامية، وعلى رأسها السعودية، من التدخل لحل أزمة الروهينغا في بورما (ميانمار)، حيث اكتفت هذه الدول بتقديم مساعدات مالية وغذائية.

المصالح الاقتصادية منعت دولًا إسلامية من التدخل بأزمة الروهينغا

لاجئون من الروهينغا في بنغلاديش (أ.ف.ب)

منعت المصالح الاقتصادية التي تملكها دول إسلامية، وعلى رأسها السعودية، من التدخل لحل أزمة الروهينغا في بورما (ميانمار)، حيث اكتفت هذه الدول بتقديم مساعدات مالية وغذائية.

ويأتي هذا الرد النتواضع خلافًا لما حدث في ستينيات القرن الماضي عندما اندلعت ذات الأزمة، حيث استقبلت السعودية في حينه نصف مليون لاجئ من ميانمار هربوا من الاضطهاد والذبح، وخصص لهم الملك فيصل مساكن ومصادر دخل.

وأرجعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أسباب ذلك إلى المصالح التجارية لهذه الدول الإسلامية في جنوب شرقي آسيا.

السعودية أكبر مورِّد للنفط في الصين عبر ميانمار

وتعهدت السعودية، التي يسكنها نحو نصف مليون من البورميين الذين لجأوا إليها في عهد الملك فيصل، بتقديم مساعدات قدرها 15 مليون دولار للروهينغا هذا الأسبوع.

وباعتبارها أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، تنافس السعودية روسيا كي تصير أكبرَ مورِّدٍ للنفط الخام في الصين، ومدُّ نطاق عملها هناك يتطلّب مساعدة ميانمار.

إذ يحمل خط أنابيب افتُتح مؤخرًا يمر عبر ميانمار، ويُعرف باسم خط بورما، النفط من البلدان العربية والقوقاز إلى مقاطعة يوننان الصينية غير الساحلية. ويبدأ خط الأنابيب، الذي يمتد 771 كيلومترًا، من خليج البنغال بولاية راخين الواقعة غرب ميانمار، والتي أُجبِر مُغطم سكانها من الروهينغا على الخروج منها.

ويقول المسؤول البارز لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقرّه واشنطن، بو كونغ، والذي كتب بشأن السياسة النفطية للصين، إن "المرء بإمكانه القول إن السعودية، على الأرجح، أقل وضوحًا فيما يتعلّق بقضية الروهينغا، لأنها في الواقع تعتمد على حكومة ميانمار لحماية أمن خط الأنابيب".

وقد بدأ تشغيل خط الأنابيب في نيسان/ أبريل من العام الجاري، بعد سنوات من التأجيل، ويسمح بأن تعبر ناقلات النفط عبر مضيق ملقا، وهو ما يقلل من مدة الرحلة التي تقطعها الناقلات عادةً بنحو 7 أيام. ويشار إلى أن خط أنابيب الغاز الطبيعي المُستخرج من حقل شوي بميانمار يمر إلى جانب خط أنابيب النفط.

ويرى دانيال وانغر، مؤسس شركة Country Risk Solutions للاستشارات الدولية، أن السعودية تمضي قدما وفقا لأجندتها الاقتصادية والسياسية في ميانمار وجنوب شرقي آسيا، ولكن لا يزال بإمكانها "ادّعاء أنها تستند إلى القيم الأخلاقية العليا" عبر تقبّلها للاجئين وتقديم مساعدات مالية.

وقال إن "النقطة الهامة بالنسبة لها هي أن الغاز الطبيعي والنفط يتدفقان عبر ولاية راخين".

وقد فرَّ أكثر من 500.000 شخص، وهو عدد يعادل تقريباً نصف سكان الروهينغا المسلمين في ميانمار، إلى بنغلاديش المجاورة خلال هذا العام، كان أغلبهم خلال الشهر الماضي.

ووصف رئيس منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحملات العسكرية التي يقوم بها جيش ميانمار وحلفاؤه البوذيون، بأنها "تطهيرٌ عرقيٌ نموذجي".

المصالح المشتركة مع ميانمار

وقدمت بلدان ذات أغلبية مسلمة دعما مُباشِرا وبشكلٍ متزايد بالتزامن مع تزايد عدد اللاجئين في بنغلاديش.

فقد أمرت أذربيجان، التي يبدو أنها تصدّر النفط الخام إلى الصين عبر خط الأنابيب، بإرسال 100 طن من المساعدات الإنسانية.

وتركيا شأنها في ذلك شأن إيران، قد جمعت ملايين الوجبات لللاجئين في بنغلاديش، وتعهّدت بصيانة مخيمٍ للاجئين هناك، وأمدّت كذلك المتضررين بالملابس كجزء من أكثر من إجمالي 150 طناً من المساعدات الإسلامية.

وأرسلت إيران، الخِصم الإقليمي للمملكة العربية السعودية، ما لا يقل عن 40 طنّاً من المساعدات. وانتقد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الدول الإسلامية الأخرى ذات المصالح المشتركة مع ميانمار، وحثّها على زيادة الضغط على الحكومة هناك.

وقال: "هناك العشرات من الدول الإسلامية والحكومات ممن لديها معاملات تجارية واقتصادية مع ميانمار"، وأضاف: "ما نفْع جلوسنا في مكاننا ومشاركتنا في الإدانات؟!".

وقال تقرير صادر عن شركة IHS Jane البريطانية المتخصصة في الشؤون العسكرية، في شباط/ فبراير 2017، إن ميانمار قد اشترت قبل عامين 16 طائرة من طراز JF-17 Thunder، شاركت باكستان والصين في تطويرها. وذكرت مجلّة الدفاع الأسبوعية إن ميانمار تجري حالياً مفاوضات متقدّمة مع باكستان لترخيص إنتاج جيل ثالث متطوّر من الطائرات المقاتلة.

أما منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، فقد عقدت جلسة طارئة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع؛ لبحث الأزمة.

وأصدرت المنظمة، التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرّا رسميا لها، بياناً مطوّلاً مطلع الشهر الجاري، يعرب عن "قلقها العميق" حيال نزوح الروهينغا. ومع ذلك، دون أن يتخذ أعضاؤها إجراءً أكثر صرامة كُل على حدة، فليس لدى منظمة التعاون الإسلامي شيءٌ يمكنها فعله للضغط على حكومة ميانمار.

 

التعليقات