"وول ستريت جورنال": شعبية السيسي في تراجع بسبب المشاريع العملاقة

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقريرا يُشير إلى أن شعبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بدأت تتآكل، منذ أواخر عام 2016، بسبب المشاريع الكبرى، مصحوبة بمؤشرات ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والدواء وغيرها من السلع الحيوية والمهمة لحياة المصريين.

(أ ب)

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقريرا يُشير إلى أن شعبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بدأت تتآكل، منذ أواخر عام 2016، بسبب المشاريع الكبرى، مصحوبة بمؤشرات ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والدواء وغيرها من السلع الحيوية والمهمة لحياة المصريين.

وأشار كاتب التقرير، جاريد مالسين، إلى خضوع حكومة السيسي بالكامل لإملاءات صندوق النقد الدولي، من خلال اتخاذها قرارات تتعلق بتعويم الجنيه، وخفض الدعم الحكومي، من أجل نيل موافقة الصندوق على قرض بقيمة 12 مليار دولار عام 2016.

ويؤكد تقرير الصحيفة الأميركية أن نمو الاقتصاد الكلي لم ينعكس إلا قليلا على مستوى معيشة غالبية المصريين، حيث لا تزال معدلات البطالة فوق 33% بين الشباب، كما أن التضخم لا يزال بحدود 17.1%.

أشارت الصحيفة في بداية تقريرها إلى أن رؤساء مصر منذ عشرات السنين، دأبوا على استغلال مشروعات البنية التحتية الضخمة لإشاعة شعور عام بإنجاز وطني وإرادة اقتصادية، على نسق ما كان يفعله أسلافهم الفراعنة. لكن لم يحدث يوما أن أطلق أي منهم عددا هائلا من المشروعات، خلال مدة قصيرة، مثلما فعل الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، مع أن تأثير هذه المشروعات في الواقع محدود جدا.

وبيّنت الصحيفة أن السيسي، ومنذ وصوله إلى كرسي الرئاسة عقب انقلاب عسكري عام 2013، أصدر مرسوما بتوسعة قناة السويس المصرية، وأمر ببناء عاصمة ثانية بالقرب من القاهرة، وشرع بخطة استصلاح أكثر من مليون فدان من الأراضي الصحراوية. وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صادق الرئيس السيسي على اتفاق مع شركة روسية حكومية لبناء محطة طاقة نووية بتكلفة 21 مليار دولار.

أما فيما يخصّ الانتخابات الرئاسية المصرية المزمع إجراؤها في آذار/ مارس المقبل، فإن الصحيفة تلاحظ أن الرئيس السيسي يتباهى مجددا بدوره في إطلاق مشروعات عملاقة تديرها المؤسسة العسكرية، وعندما أطلق الشهر الماضي حملة لإعادة انتخابه رئيسا، زعم السيسي أن حكومته أنجزت 11 ألف "مشروع وطني" خلال ولايته الوجيزة.

وتنقل الصحيفة الأميركية عن خبير الشؤون المصرية في كلية "كينغز كوليدج" اللندنية، روبرت سبرينغبورغ، قوله إن "هذا ليس مالا استثماريا، بل مال سياسي، وتداعياته على المدى الطويل سلبية جدا على الصعيد الاقتصادي. فالتفكير قائم على إهدار الموارد في الوقت الذي يعيش البلد حالة من العوَز الشديد"، ومع ذلك، تعتقد الصحيفة أن دعم السيسي مشروعات كبيرة مثيرة للشكوك لن يكلفه خسارة الانتخابات، لأن السلطات الأمنية إما همّشت منافسيه الوحيدين الموثوق فيهم، أو زجّت بهم في السجون.

وقالت: "حتى إن مسؤولين مرتبطين بتلك المشروعات يقولون إن هدفها إحداث حالة ظاهرية من الانتعاش الاقتصادي، أكثر من كونها حالة حقيقية، في أعقاب أزمة انتفاضة عام 2011 التي أنهت 3 عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك".

وأشارت الصحيفة إلى أن حكومة السيسي افتتحت عام 2015 مشروع "قناة السويس الجديدة"، بيد أن "أرباح المشروع لا توازي الصخب الذي صاحب افتتاحه. ففي عام 2015، أعلن رئيس مجلس إدارة هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، أن التوسعة ستدرّ إيرادات أكثر من السابق بما يتجاوز الضعف، من 5 مليارات دولار سنويا إلى أكثر من 13 ملياراً بحلول عام 2023"، لكن لغاية الآن، لم يتغير دخل القناة كثيرا عن المستويات المسجلة عام 2015، بحسب الصحيفة.

وترى الصحيفة أن "انجذاب السيسي إلى مشروعات كبيرة، يحاكي الأنموذج الفرعوني لقادة مصر، والرامي إلى بناء معالم طموحة أثناء وجودهم في سدّة السلطة"، وأضافت: "همّش الرئيس السيسي نصائح مستشارين اقتصاديين مدنيين، لمصلحة مقاربة عمودية تعطي الأفضلية للشركات المرتبطة بالجيش المصري".

وبيّنت أن القوات المسلحة المصرية سيطرت على جزء كبير من الاقتصاد على مدى عشرات الأعوام، من خلال تملكها كل شيء، من مصانع المعكرونة والإسمنت إلى الفنادق ومتاجر السوبرماركت.

واعتبرت الصحيفة أن حكومة السيسي، تمادت إلى ما هو أبعد من ذلك، بسماحها للجيش بإنتاج المستحضرات الصيدلانية، مع منحه مجالاً أكبر للاستثمار في القطاع العقاري.

 

التعليقات