مقتل خاشقجي: دول ومنظمات تشكك برواية السعودية وتطالب بتحقيق دولي

أعلنت العديد من الدول والمنظمات العالمية والجمعيات الحقوقية عن تشكيكها في التحقيق السعودي وحياديته ورواية الرياض حول ملابسات مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، وطالبت بإجراء تحقيق دولي وتقديم الضالعين في القضية إلى المحاكمة.

مقتل خاشقجي: دول ومنظمات تشكك برواية السعودية وتطالب بتحقيق دولي

قنصلية السعودية بإسطنبول حيث قتل خاشقجي (أ.ب)

أعلنت العديد من الدول والمنظمات العالمية والجمعيات الحقوقية عن تشكيكها في التحقيق السعودي وحياديته ورواية الرياض حول ملابسات مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، وطالبت بإجراء تحقيق دولي وتقديم الضالعين في القضية إلى المحاكمة.

وفيما بدا أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مقتنعا بالرواية الرسمية للرياض حول مقتل خاشقجي، إثر "شجار" داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، حيث قال إن الإعلان السعودي "خطوة أولى، جيدة وكبيرة" وأن الإعلان "له مصداقية"، أتت ردود الأفعال الدولية المشككة في هذه الرواية، حيث نددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بمقتل خاشقجي في القنصلية، وقالت إن التفسيرات المعلنة حتى الآن فيما يتعلق بملابسات موته ليست كافية.

وقالت في بيان مشترك مع وزير خارجيتها هايكو ماس: "نندد بهذا العمل بأقوى العبارات.. نتوقع الشفافية من السعودية بشأن ملابسات موته.. المعلومات المتاحة بشأن الأحداث في القنصلية بإسطنبول ليست كافية". وعبرت ميركل ووزير الخارجية الألماني عن التعاطف مع أصدقاء وأقارب خاشقجي، وقالا إنه يجب محاسبة المسؤولين عن موته.

من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، إن بلاده تدين مقتل الصحافي خاشقجي، وتريد إجراء تحقيق واف في هذه القضية. وقال لو دريان في بيان: "فرنسا تدين عملية القتل هذه بأشد العبارات". وأضاف: "تأكيد وفاة السيد جمال خاشقجي خطوة أولى نحو ترسيخ الحقيقة، لكن كثيرا من الأسئلة لا تزال دون إجابة". وقدم لو دريان تعازيه لأسرة خاشقجي، مؤكدا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن وفاته.

بدوره، دعا رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تيغاني، إلى الشروع "بشكل عاجل" بتحقيق دولي، لفحص الأدلة المتعلقة بوفاة خاشقجي.

فيما طالب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى تركيا، السفير كريستيان برغر، في تصريح صحفي، بإجراء "تحقيق جنائي شامل" بشأن جمال خاشقجي.

كما طالبت الحكومة الإسبانية، في بيان، بإجراء "تحقيق شفاف ومفصل" في مقتل خاشقجي، وتقديم المسؤولين عن الحادثة للعدالة.

بينما قال رئيس الوزراء الدنماركي، لارس لوكا راسموسن، في تصريحات، إنه "غير مقتنع" بما أعلنته السعودية حول واقعة مقتل خاشقجي، "ويصر على معرفة الحقيقة كاملة".

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى الحاجة "لإجراء تحقيق عاجل وشامل وشفاف حول ملابسات مصرعه".

وعلى النهج ذاته، دعا رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، إلى إجراء تحقيق "واسع النطاق ومقنع" من أجل كشف الحقائق حول مقتل خاشقجي.

كما أعلنت بريطانيا بدورها، أنها مازالت تبحث "خطواتها التالية" بعد إعلان السعودية مقتل خاشقجي داخل القنصلية.

وفيما لم تحدد لندن طبيعة الخطوات قيد الدراسة، وصف وزير خارجيتها، جيريمي هنت، الحادث الذي أقرت به الرياض بأنه "مروع، ويستدعى محاسبة المسؤول عنه".

وفي أول قرار فعلي بعد إقرار الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها بإسطنبول، أعلنت الخارجية الأسترالية عدم مشاركة أي مسؤول في مؤتمر مبادرة الاستثمار "دافوس الصحراء"، المقرر انعقاده الثلاثاء المقبل، ولثلاثة أيام، في السعودية.

وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، إن "الحكومة قررت أنه لم يعد مناسبا حضور قمة في السعودية في ضوء مقتل خاشقجي".

وفي رد فعل مماثل أعلنت الخارجية النمساوية عدم المشاركة الرسمية في مؤتمر "دافوس الصحراء" على خلفية الإعلان السعودي.

من جهتهم، شكك عدد من الأعضاء البارزين في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين بمصداقية بيان السعودية حول مقتل خاشقجي.

وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيكتيكت، ريتشارد بلومنثال، في برنامج بقناة "سي إن إن" الأميركية، إن "التفسيرات التي قدمتها السعودية حول مقتل خاشقجي تتحدى أية مصداقية، العالم يستحق أن يقدم إليه تفسيرا، وألا يكون التفسير من طرف السعوديين".

من ناحيته، قال النائب عن نيويورك، إليوت أنجل، إن البيان الأخير للسعودية "غير موثوق"، لأنه سبق لها أن نشرت بيانات متضاربة مع بعضها البعض منذ اليوم الأول للحادثة.

كما أوضح عضو مجلس النواب عن ولاية فيرجينيا، جيري كونولي، في برنامج بقناة "سي إن إن"، أن البيان السعودي حول مقتل خاشقجي، "أشبه بعملية كلاسيكية للمافيا".

وفي ظل عدم ترحيب السياسيين الأميركيين بالإعلان السعودي وموقف رئيسهم منه، دعا النائب عن ولاية كولورادو، مايك كوفمان، إدارة ترامب، إلى "اتخاذ موقف أقوى" بخصوص مقتل خاشقجي.

كما طالب كوفمان، ترامب باستدعاء القائم بالأعمال الأميركي في السعودية إلى واشنطن بسرعة من أجل المزيد من المباحثات في الكونغرس.

من جهته، دعا راند بول، السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي، إلى تعليق جميع الصفقات العسكرية والمساعدات والتعاون مع الرياض، مضيفًا: "يجب أن تدفع السعودية ثمنًا باهظًا لما ارتكبته".

وتعليقا على ما أعلنته الرياض، قالت منظمة العفو الدولية، إنها تشكك في "حيادية" التحقيق السعودي، بشأن مقتل الصحافي خاشقجي.

وفي تغريدة عبر "تويتر"، طالبت مسؤولة المنظمة عن التحقيق بجرائم الحرب وحقوق الإنسان، راوية راجح، بأن يكون هناك "تحقيق محايد ومستقل من قبل الأمم المتحدة".

وأرجعت موقفها بالقول إنه "يستوجب أن تكون جهة التحقيق بعيدة عن ذات السلطة المحتمل تورطها في قتله، لاسيما بعد إنكار هذه السلطة حقائق جلية لأكثر من أسبوعين، كما أن التصريحات الرسمية لا تجيب على تساؤلات عديدة وهي بعيدة كل البعد عن الشفافية".

كما دعا المدير التنفيذي لمنظمة "العفو الدولية" في إندونيسيا، عثمان حامد، في تصريح للأناضول، السبت، المجتمع الدولي لإجراء "تحقيق مستقل" في مقتل في الواقعة.

وعلى الصعيد ذاته، أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود"، رفضها لـ"أي تسوية" مع السعودية في واقعة الصحافي خاشقجي.

وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار، إن "أية محاولة لرفع الضغط عن السعودية والموافقة على سياسة تسوية من شأنها منح رخصة القتل لمملكة تسجن وتجلد وتخطف وتقتل الصحفيين، الذين يجرؤون على إجراء التحقيقات وإطلاق النقاشات".

بدورها، قالت ، مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، أودريه أزولاي، إن هناك "نقاط مظلمة تحيط بمقتل خاشقجي".

وطالبت أزولاي بتوضيح تلك النقاط في أسرع وقت، كما دعت باسم المنظمة إلى "إنزال أقسى العقوبات على قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي".

وفجر السبت، أقرت الرّياض، بمقتل الصحافي خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول إثر "شجار" مع مسؤولين، وأعلنت توقيف 18 سعوديا على خلفية الواقعة. ولم توضح السعودية مكان جثمان خاشقجي، كما لم تحدد كيفية مقتله.

وعلى خلفية الواقعة، أعفى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي سعود بن عبد الله القحطاني، وأمر بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.

لكن وسائل إعلام غربية شككت في الرواية الرسمية السعودية، واعتبرت أنها "تثير الشكوك الفورية"، خاصة أنه أول إقرار للرياض بمقتل خاشقجي بعد صمت استمر 18 يوما.

 

التعليقات