الاستبداد وإسرائيل يجعلان علاقة ترامب بالسيسي استراتيجية

وصف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ"الرئيس العظيم"، دون توضيح ماهية هذه "العظمة"، متجاهلا الانتقادات التي توجهها المنظمات الحقوقية للنظام المصري على القمع الممنهج لحقوق الإنسان، والتي صدرت أيضا عن شخصيات سياسية أميركية وأعضاء كونغرس

الاستبداد وإسرائيل يجعلان علاقة ترامب بالسيسي استراتيجية

(أ ب)

وصف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ"الرئيس العظيم"، دون توضيح ماهية هذه "العظمة"، متجاهلا الانتقادات التي توجهها المنظمات الحقوقية للنظام المصري على القمع الممنهج لحقوق الإنسان، والتي صدرت أيضا عن شخصيات سياسية أميركية وأعضاء كونغرس.

وتأتي إشادة ترامب بالسيسي، في إطار استقباله الأخير في البيت الأبيض أمس، ولدى سؤاله عما إذا كان يدعم جهود السماح للسيسي بالبقاء المحتمل في السلطة لـ 15 سنة أخرى، أبلغ ترامب الصحفيين "أعتقد أنه يؤدي مهمة عظيمة. لا أعرف شيئا عن هذه الجهود. يمكنني أن أبلغكم بأنه يؤدي مهمة عظيمة... رئيس عظيم".

وتنتظر مصر خلال الأسبوعين القادمين، استفتاء عاما على التعديلات الدستورية التي اقترحها البرلمان المصري، وتهدف إلى السماح للسيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2034 في خطوة انتقدها مشرعون أميركيون بارزون وجماعات حقوقية، خصوصا أنه معظم هذه الجهات تشكك بمصداقية أي استفتاء في المناخ القمعي السائد في مصر.

ولم يتطرق ترامب، الذي أشار إلى السيسي بأنه "صديقي"، إلى مسألة حقوق الإنسان أثناء حديثهما مع الصحفيين.

وكتب السياسي الأميركي السابق، ميشيل ديون، في صحيفة "بوليتكو" الأميركية اليسارية، يوم أول من أمس الإثنين، أن السيسي سوف يستخدم تأييد ترامب، لزيادة قبضته الحديدية على البلاد، حيث أن هذا الدعم سوف يساعده بشكل أساسي على إحباط أي محاولة نقد أو معارضة داخل الجيش أو خارجه.

واستعرض ديون خلال المقال، فشل السيسي في الملفات الرئيسية في بلاده، حيث شدد على أنه رغم الحملة الشرسة التي يشنها ضد "الإرهاب"، فإنه لم ينجح في حل مشكلة المجموعات المسلحة في شمالي سيناء، مشيرا إلى أن سياسة القتل الجماعي التي يتبعها (مثل مجزرة ميدان رابعة العدوية)، وانتهاكاته الوحشية لحقوق الإنسان، تشجع انضمام أشخاص أكثر إلى الحركات المسلحة.

وذكر أيضا ملف الاقتصاد، الذي يدعي السيسي أنه يصب كل طاقته من أجل تطويره، موضحا أنه رغم "رضا" البنك الدولي عن تدابيره الاقتصادية، إلى أن هناك عائقا كبيرا أمام أي نمو، وهو الهيمنة الاقتصادية المتزايدة للجيش الجشع، على حد تعبيره. إضافة إلى أن بطالة الشباب لا تزال مرتفعة للغاية.

وقال ديون في مقاله "لماذا يدعم ترامب ديكتاتور مصر في زيادة قوته؟"، إن هذا الدعم الأميركي "غير المشروط" للسيسي، سوف يؤدي إلى تعزيز الفساد وتقليل المساءلة والتغيير العنيف بدلا من التغيير السياسي.

واعتبر ديون أن "دعم السيسي في هذا الاستيلاء الوقح على السلطة سوف يضائل من النفوذ الأميركي عليه بدل زيادته.

وكتبت مجلة "سليت" اليسارية أيضا، أنه لا يبدو أن ترامب متأثر بالقمع المتزايد في مصر، فهو يعتقد أن سلفه باراك أوباما، أخطأ عندما "تخلى" عن الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، أثناء الاحتجاجات التي أطاحت به عام 2011، خصوصا لأن مبارك كان استبداديا والأهم من ذلك مؤيدا لإسرائيل، مشيرة إلى أن السيسي أثبت جدارته على الصعيدين (الاستبداد وتأييد إسرائيل).

وذكرت وكالة "رويترز" البريطانية أن لمصر، أكبر دولة عربية سكانا، أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة بسبب معاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل وسيطرتها على قناة السويس وهي ممر مائي حيوي للتجارة العالمية والجيش الأميركي.

وأشارت إلى أن الكونغرس الأميركي خصص 1.4 مليار دولار كمساعدات لمصر خلال العام المالي الجاري وهو نفس المبلغ الذي قدمه للقاهرة العام الماضي، بحسب تقرير لمؤسسة الأبحاث التابعة للكونغرس.

وبينما لا يزال هناك دعم مستمر للمساعدات لمصر، أبدى أعضاء بالكونغرس مخاوف بالغة بشأن ما ورد عن توقيع مصر صفقة بملياري دولار مع روسيا لشراء أكثر من عشرين مقاتلة سوخوي "إس يو 35" وأسلحة لهذه الطائرات.

ولم يرد ترامب خلال لقائه بالسيسي على سؤال بشأن عزم مصر شراء الأسلحة الروسية وهو ما قد يعرض البلاد لعقوبات أميركية. وقال"تم إحراز تقدم كبير فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وأمور أخرى مع مصر".

وأضاف للصحفيين بينما كان السيسي يقف إلى جانبه قبل الاجتماع في المكتب البيضاوي "لم تكن لدينا علاقات أفضل بين مصر والولايات المتحدة مما نحن عليه الآن".

وفي رسالة نشرت الإثنين الماضي، قال أعضاء بارزون بمجلس الشيوخ أيضا إن مصر "اعتقلت ظلما أكثر من 12 أميركيا" ودعوا للإفراج عنهم. كما أثاروا "مخاوف بالغة بشأن تقلص الحقوق السياسية وحقوق الإنسان".

ووقع على الرسالة الموجهة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، جيم ريش الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وكبير الأعضاء الديمقراطيين في اللجنة السناتور بوب مينيديز إلى جانب 15 عضوا آخر بالمجلس.

وخلال جلسة بالكونغرس، طلب باتريك ليهي، أكبر عضو ديمقراطي في لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، من بومبيو تفسير سبب المديح الذي يكيله ترامب لزعماء شموليين، قائلا : "ربما بوسعك أن تفسر لماذا يلقي ديكتاتور مثل الرئيس المصري السيسي الترحيب في البيت الأبيض. ولماذا يكال المديح للرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون والرئيس التركي (رجب طيب) أردوغان باعتبارهم زعماء أقوياء ويُعامل ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) على أنه صديق وحليف لا يمكن الاستغناء عنه".

التعليقات