السويد: مسؤولية الجمهور وثقته بالسلطات هو نهج مكافحة كورونا

اتخذت السويد نهجا مختلفا بالتعامل مع أزمة تفشي وباء كورونا عالميا، عن معظم دول العالم رغم الإجراءات الشديد التي اتخذتاها جارتاها النرويج والدنمارك، في رهان لم يتوضح بعد مدى نجاعته

السويد: مسؤولية الجمهور وثقته بالسلطات هو نهج مكافحة كورونا

(أ ب)

اتخذت السويد نهجا مختلفا بالتعامل مع أزمة تفشي وباء كورونا عالميا، عن معظم دول العالم رغم الإجراءات الشديد التي اتخذتاها جارتاها النرويج والدنمارك، في رهان لم يتوضح بعد مدى نجاعته.

وأعدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تقريرا استعرضت من خلاله الطريقة المتفردة التي تدير السويد بها أزمة فيروس كوفيد-19، إذ أنها لم تقيّد الحركة على حدودها، ولم تغلق المطاعم ولا منحدرات التزلج كما فعلت كل من الدنمارك والنرويج.

وخلافا لنهج جارتيها ودول أخرى كثيرة حول العالم، لم تغلق السويد سوى المدارس الثانوية والكليات والجامعات، وأبقت على المدارس التمهيدية والابتدائية والحانات والمطاعم والحدود مفتوحة.

وأثار نهج السويد تساؤلات حول ما إذا أخطأت بالتعامل مع كوفيد-19 الذي لم يصدر له علاج أو لقاح حتى الآن، أم أن تكتيكها سيُنظر إليه على أنه استراتيجية ذكية لمحاربة آفة تسببت في هدر الملايين من الوظائف ودفعت إلى عمليات إغلاق متطرفة وغير مسبوقة.

(أ ب)

وبحلول أمس السبت، بلغ عدد المصابين بكوفيد-19 من سكان النرويج البالغ عددهم 5.3 مليون نسمة، أكثر من 3770 شخص، توفي 19 منهم. وسجلت الدنمارك البالغ عدد سكانها 5.6 مليون، 2200 حالة إصابة و 52 حالة وفاة؛ بينما سجلت السويد، التي يبلغ عدد سكانها 10.12 مليون نسمة، أكثر من 3060 حالة إصابة و 105 حالة وفاة.

وقالت الصحيفة إنه ما من دليل حتى الآن على أن السويد تقلل من شأن خطورة المرض المنتشر في جميع أنحاء العالم، فقد شدد رئيس وزراء البلاد، ستيفان لوفن، ومسؤولو الصحة على غسل اليدين، والحفاظ على البعد الاجتماعي، وحماية الناس فوق سن السبعين من خلال الحد من الاتصال بهم، ولكن الحياة مستمرة كالمعتاد تقريبا في البلاد.

وقال عالم الأوبئة الحكومي، أندرس تيجنيل، في مقابلة إن استراتيجية السويد مبنية على منطق علمي، ولخصها بالآتي: "نحن نحاول إبطاء الانتشار بشكل كافٍ حتى نتمكن من التعامل مع المرضى القادمين".

مسؤولية الجمهور هي مفتاح الحل

أشار تيجنيل إلى أن نهج السويد يناشد ضبط النفس وإحساس الجمهور بالمسؤولية، مضيفا أن "هذه هي الطريقة التي نعمل بها في السويد. يعتمد نظامنا لمكافحة الأمراض المعدية على العمل التطوعي. وأوضح أن نظام التحصين طوعي تماما وتغطيته 98 في المائة".

وأضاف: "نحن نمنحهم (المواطنين) خيار القيام بما يصب في مصلحتهم. وهذا يعمل بشكل جيد للغاية وفقًا لتجربتنا".

ومع ذلك، نبّهت الصحيفة إلى أن المرض لا يزال في بداية تفشيه في السويد، ومن المحتمل أن تتخذ السلطات إجراءات أكثر شدّة مع ارتفاع حالات دخول المصابين بكوفيد-19، للمستشفيات.

وبحسب آراء خبراء قابلتهم "نيويورك تايمز"، تتميز السويد تاريخيا بدرجات عالية من ثقة المواطنين بالسلطات، كما أن الدستور يحتوي على مادة تمنع الحكومة من التدخل بشئون السلطات الإدارية مثل وكالة الصحة العامة.

ولهذا السبب، اعتبر المؤرخ لارس تراغارد، أن الدولة ليست مضطرة لـ"إدارة السلوكيات جزئيا أو التحكم بها على مستوى تفصيلي من خلال الحظر أو التهديد بفرض عقوبات أو غرامات أو السجن".

(أ ب)

وقال تارجارد إن مستوى ثقة السويديين يتجلى بطرق أخرى، إذ أن الأمر لا يتوقف عند ثقة المواطنين بالمؤسسات العامة والوكالات الحكومية (والعكس صحيح) فحسب، بل توجد ثقة اجتماعية عالية بين المواطنين أيضًا.

وكانت السلطات السويدية قد حظرت التجمعات لأكثر من 500 شخص في البداية، ليحاول بعض منظمي الحفلات والتجمعات العامة، تجاوز القرار عبر استقبال 499 شخص، لكن ذلك توقف بعد انتشار كورونا في البلاد.

وعن ذلك، قال عالم الأوبئة في الدولة إن هذا السبب الذي يجعل الحظر غير فعّال، إذ أن "الناس دائما يجدون طرقا للتحايل على القوانين".

وشدد على أنه لا يفهم قرارات إغلاق الحدود، وغيرها من إجراءات الحظر التي تتخذها معظم الدول، موضحا أن "هذا المرض لن يختفي على المدى القصير أو الطوي. نحن لسنا في مرحلة الاحتواء، نحن في مرحلة التخفيف".

ووفقا لمسح أجرته صحيفة "سفينسكا داجبلاديت" ونشر الثلاثاء الماضي، فإن 52% من السويديين قالوا إنهم يؤيدون إجراءات احتواء الفيروس. لكن 14% منهم قالوا إن السلطات لا تولي اهتماما كبيرا للصحة العامة مقابل المصلحة الاقتصادية.

وتدخل السويد حاليا في حالة الارتفاع الهائل بعدد الإصابات، وضيقت الحكومة يوم الجمعة الحد المفروض على الحشود إلى ما لا يزيد عن 50 شخصًا.

التعليقات