أزمة كورونا تزيد من ضبابية مستقبل العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي

فيما تلقي أزمة جائحة كورونا بظلالها على القارة العجوز، تستأنف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد بريكست، اليوم الإثنين، عبر الفيديو، بعد توقف طويل.

أزمة كورونا تزيد من ضبابية مستقبل العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي

مفاوضات في ظل الجائحة (أ ب)

فيما تلقي أزمة جائحة كورونا بظلالها على القارة العجوز، تستأنف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد بريكست، اليوم الإثنين، عبر الفيديو، بعد توقف طويل.

وباتت آفاق التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر محدودة بسبب الأزمة الراهنة، علما بأن المفاوضات كانت قد تجمدت على مدى ستة أسابيع بعد جولة محادثات أولى في مطلع آذار/ مارس، فيما يقترب استحقاق حزيران/ يونيو الذي حددته لندن لتقييم فرص التوصل إلى اتفاق، بسرعة كبيرة.

وألقى فيروس كورونا المستجد بثقله على مجريات المحادثات؛ فأصاب أولا كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، ما أرغم الفريق الأوروبي المؤلف من حوالي مئة شخص، على الخضوع للحجر الصحي.

ثم أصاب "كوفيد 19" كبير المفاوضين البريطاني ديفيد فروست. كما أن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أصيب بدوره بالفيروس ويتعافى حاليا بعد دخول العناية المركزة لأيام.

ورغم هذه الظروف التي تسبب بها الوباء، فإن بريطانيا، التي خرجت من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير، ترفض أي تمديد للفترة الانتقالية إلى ما بعد نهاية كانون الأول/ ديسمبر، ما يزيد مخاطر عدم التوصل إلى اتفاق حول العلاقة المستقبلية بين الطرفين.

في هذه الحال، تطبق قوانين منظمة التجارة العالمية مع حقوق جمركية مختلفة وحواجز جمركية بين أوروبا وبريطانيا.

ودعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، إلى تمديد المهلة، قائلة إنه يجب الامتناع عن "زيادة عدم اليقين" الذي أحدثته الأزمة الصحية.

ورغم أن بريطانيا تواجه تهديدا بركود تاريخي، بحسب الهيئة العامة "أو بي آر" مع احتمال تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 13% في 2020، إلا أن لندن لم تستجب لهذه الدعوة.

وفي حديث لـ"فرانس برس"، يؤكد فابيان زوليغ من مركز السياسة الأوروبية، أن القيود "الفنية" للمفاوضات التي تتم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة و"الانعكاسات الاقتصادية المحتملة" لعدم التوصل إلى اتفاق "ترجح الكفة بقوة إلى التمديد"، ولا سيما أن الفشل سيؤدي كما يبدو "إلى الأمر الأقسى، أي البقاء بدون اتفاق".

وأضاف الخبير في الشأن الأوروبي أنه "في الوقت نفسه، حتى الآن، لم يُعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الخيار الاقتصادي الأفضل على الإطلاق. وسيكون ذلك رهنا إلى حد كبير بالثمن الذي سيكون بوريس جونسون مستعدا لدفعه مقابل ما يعتبر في بريطانيا سيادة واستقلالية" البلاد.

وعبر مصدر أوروبي قريب من المحادثات عن قلقه قائلا إن "بريكست على طريقة جونسون، هو بريكست بدون اتفاق يهز الاقتصاد. ومع كورونا سيشكل ذلك صدمة مزدوجة للشركات".

ويضاف عبء أزمة كورونا إلى عملية المفاوضات المتعثرة والصعبة أساسا، إذ لم يتمكن خلالها الطرفان من تبديد خلافاتهما حول العلاقات المستقبلية في ختام جولة أولى من المحادثات.

ويبدأ ذلك بالشكل الذي ستتخذه، إذ يرغب البريطانيون في عدة اتفاقات (العلاقات التجارية، الصيد ...)، في حين يريد الاتحاد الأوروبي اتفاقا شاملا لكي يتم التقدم في كل المواضيع في الوقت نفسه.

وبالنسبة لبروكسل، لن تكون هناك شراكة في حال لم تتم تسوية موضوع صيد الأسماك المتفجر في شكل "متوازن"، علما أنه يعتبر أساسيا لعدة دول أعضاء في مقدمها فرنسا والدنمارك خصوصا.

والمسألة الثانية موضع الخلاف، هي شروط المنافسة التي يريدها الاتحاد الأوروبي "شفافة وعادلة" لمنع ظهور اقتصاد غير منظم على أبوابه. ومثل هذه الشروط تتطلب احترام المعايير المشتركة في مجالات الاقتصاد والعمل والبيئة والضرائب خصوصا، وهو ما ترفضه لندن معتبرة أنه يشكل "سيطرة على قوانينها الخاصة".

لكن هل يمكن أن يغير الوباء المعطيات؟

من جانبه، يقول أريك موريس من مؤسسة شومان "لا نعلم بعد أي اتجاه سيسلكه الأوروبيون أو البريطانيون. كل الأمور تغيرت ولا نعلم ما إذا كان سيتم التزام مهلة نهاية حزيران/ يونيو، وأي طريق تسوية محتملة يبدو الطرفان على استعداد للقيام بها".

ستمتد المحادثات التي تنطلق في وقت لاحق اليوم، على مدار الأسبوع. وسيعرض بارنييه وفروست وضع المحادثات قبل أن يبدأ الفريقان ببحث صلب الموضوع، يوم غد الثلاثاء، على أن تختتم الجمعة كما قال مصدر أوروبي.

التعليقات