توتّر في موسكو: اعتقال المعارض العائد إلى بلاده نافالني وبعض مناصريه

اعتقلت السلطات الروسيّة، اليوم الأحد، المعارض الروسيّ، أليكسي نافالني، عند نقطة الحدود بمطار شيرميتيوفا في موسكو، عقب وصوله للبلاد آتيا من ألمانيا، فيما طالب الاتحاد الأوروبي، موسكو بالإفراج "الفوري" عنه.

توتّر في موسكو: اعتقال المعارض العائد إلى بلاده نافالني وبعض مناصريه

أثناء اعتقال أحد مناصري نافالني في موسكو (أ ب)

اعتقلت السلطات الروسيّة، اليوم الأحد، المعارض الروسيّ، أليكسي نافالني، عند نقطة الحدود بمطار شيرميتيوفا في موسكو، عقب وصوله للبلاد آتيا من ألمانيا، فيما طالب الاتحاد الأوروبي، موسكو بالإفراج "الفوري" عنه.

وأفادت تقارير إعلاميّة، بأن السلطات اعتقلت نفالني فور وصوله للمطار، فيما سمحت لزوجته بالعبور.

وبالإضافة إلى اعتقال نافالني، اعتقلت السلطات عددا من حلفائه ومناصريه، من الذين تواجدوا في مطار فنوكوفو بموسكو، لاستقباله.

بدورها، أكدت سلطات السجون الروسية أنها اعتقلت نافالني لدى وصوله إلى موسكو بحجة انتهاكه شروط عقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ صدرت بحقه العام 2014.

وأورد بيان لسلطات السجون أن نافالني الذي وصل الأحد إلى روسيا بعدما أمضى أشهرا عدة من النقاهة في ألمانيا إثر تسميمه، "سيبقى معتقلا إلى أن تتخذ المحكمة قرارا" في شأنه.

وقالت محامية نافالني، أولغا ميخايلوفا: "أُوقف أليكسي من دون توضيح السبب (...) لم يسمحوا لي بلقائه".

من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، مساء الأحد، في تغريدة أن اعتقال نافالني بعيد عودته إلى موسكو هو أمر "مرفوض"، داعيا إلى "الإفراج الفوري" عنه.

وغيّرت الطائرة التي كان على نافالني على متنها، وجهتها إلى مطار شيرميتيوفا الذي يقع في العاصمة كذلك.

وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء، أن تغيير وجهة الطائرة، جاء عقب اعتقال بعض أنصار نافالني في مطار فنوكوفو الذي كان من المقرر أن تحطّ الطائرة فيه.

فيما قالت وكالة "فرانس برس" للأنباء، إن "الطائرة التي تقل المعارض الروسي نافالني تحط في موسكو"، لافتة إلى أن الطائرة حطت في مطار شيريميتييفو في موسكو بعدما تم تحويل مسارها.

عناصر أمن روسي في المطار (أ ب)

وقال إيفان غدانوف، القريب من نافالني، عبر "تويتر"، إنه "تم توقيف كل من ليوبوف سوبول ورسلان شافيدينوف، والمحامي، أليكسي مولوكويدوف، ومساعد نافالني، إيليا باخوموف، ومديرة حملته، أناستازيا كاديتوفا، وقسطنطين كوتوف".

وأظهر شريط مصور عرضته قناة "إم بي كاي إتش ميديا" المعارضة عناصر من الشرطة يرافقون عددا من الأشخاص بهدوء، بينهم ليوبوف سوبول، المعارض الروسي المعروف والذي أوقف قبل بضعة أسابيع.

وبين الموقوفين الآخرين رسلان شافيدينوف، أحد القريبين من نافالني والذي أُرسل قسرا في عام 2019، لأداء خدمته العسكرية في أقصى الشمال الروسي بعد عملية دهم استهدفت منظمته.

كذلك، فإن قسطنطين كوتوف ناشط معروف في المعارضة افرج عنه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعدما أمضى عاما ونصف عام في السجن لـ"انتهاكه المتكرر" لقواعد تنظيم التظاهرات.

نافالني في طريقه إلى موسكو (أ ب)

وذكرت "إم بي كاي إتش ميديا" أن نحو عشرة أشخاص تم توقيفهم قبل عودة نافالني إلى روسيا، علما بأنه مهدد بدوره بتوقيف فوري بأمر من القضاء الروسي.

مستشار بايدن للأمن القومي يطالب بإفراج فوريّ

بدوره، اعتبر جايك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، أنه "ينبغي الإفراج فورا" عن نافالني.

وكتب سوليفان في "تويتر" أن "هجمات الكرملين على نافالني ليست انتهاكا للحقوق الإنسانية فحسب، بل إهانة للشعب الروسي الذي يريد أن يكون صوته مسموعا".

ويبدو أن السلطات تسعى عبر توقيف نافالني إلى إظهار عدم تهاونها مع أنشطة المعارض الروسي الذي يخوض منذ زمن حملة ضد الفساد، والذي أصبح في السنوات العشر الماضية أبرز خصم للرئيس الروسي، فلاديمر بوتين.

اقرأ/ي أيضًا | نافالني بطريقه إلى موسكو.. اعتقال أم عفو؟

وكانت السلطات الروسية، قد حذّرت من المشاركة في أي "حدث عام" غير مسموح به في مطار فنوكوفو، حيث هناك نحو مئتين من أنصار نافالني ووحدات من شرطة مكافحة الشغب.

وأقلعت الطائرة التي تقل نافالني وزوجته يوليا بعيد الساعة الثالثة عصرا من العاصمة الألمانية برلين.

ويقيم المعارض في ألمانيا منذ أواخر آب/ أغسطس بعدما أصيب بإعياء شديد خلال رحلة العودة من سيبيريا إلى موسكو في إطار حملة انتخابية وأدخل المستشفى في مدينة أومسك حيث بقي 48 ساعة ثم نقل إلى برلين في غيبوبة بعد ضغط مقربين منه.

وخرج نافالني من المستشفى في أوائل أيلول/ سبتمبر وخلصت ثلاثة مختبرات أوروبية إلى أنه سمّم بمادة نوفيتشوك التي طورت خلال الحقبة السوفياتية من أجل أغراض عسكرية. وهذا الاستنتاج أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رغم نفي موسكو المتكرر.

عناصر الشرطة الروسية في صالة الوصول بالمطار (أ ب)

ويقول نافالني إن أجهزة الأمن الروسية دبرت لاغتياله بأمر مباشر من بوتين، فيما تنفي موسكو عملية التسميم جملة وتفصيلا رغم نتائج المختبرات الأوروبية التي تثبت أنه تعرض للتسمم.

وحتى الآن، ترفض روسيا فتح تحقيق جنائي لمعرفة ما حصل لنافالني، بحجة أن ألمانيا ترفض نقل بياناتها إلى روسيا، لكن ألمانيا أعلنت أمس السبت، أنها أرسلت إلى موسكو غالبية عناصر التحقيق القضائي المتعلق بقضية التسميم المفترض لنافالني.

وتضمّ عناصر الملف الذي نقل إلى السلطات القضائية الروسية خصوصا "محاضر جلسات استجواب" نافالني من قبل المحققين الألمان فضلا عن "عينات دم وأنسجة وقطع ملابس". وقالت ألمانيا إنها تنتظر الآن من موسكو أن "تُلقي الضوء على هذه الجريمة".

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، اليوم، أن موسكو تلقت الوثائق التي أرسلتها ألمانيا، لكنها أوضحت "أنها لا تتضمن أساسا أي شيء" مما طلبته موسكو.

وتقول سلطات السجون الروسية إن نافالني لم يحترم حين كان في ألمانيا شروط حكم بالسجن مع وقف التنفيذ صدر بحقه العام 2014 والذي يلزمه بالتوجه مرتين في الشهر على الأقل إلى إدارة السجون.

وفي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، فتح في حق نافالني تحقيق بتهمة حصول "احتيال واسع النطاق"، وأشارت لجنة التحقيق الفدرالية الروسية إلى أن شبهات تحوم حول إنفاق نافالني مبلغ 356 مليون روبل (3,9 مليون يورو حسب سعر الصرف الحالي) لأغراض شخصية، كان مصدرها تبرعات جمعتها منظمات "عدة"، خصوصا جمعيات تكافح الفساد أو معنية بحماية حقوق الإنسان "يديرها نافالني".

ولا يزال نافالني الذي تتجاهله وسائل الإعلام الروسية وغير الممثل في البرلمان ولا يحق له الترشح بسبب إدانته بتهمة التهرب الضريبي التي وصفها بأنها قرار سياسي، أبرز أصوات المعارضة، ويعود ذلك بشكل اساسي إلى قناته على موقع يوتيوب التي يتابعها 4,8 ملايين شخص ومنظمته الخاصة بمكافحة الفساد.

ورغم تعرض نافالني مرارا لملاحقات قضائية والحكم عليه بالسجن لفترات قصيرة، نجح هذا وهو الناشط في مجال مكافحة الفساد، بتنظيم العديد من التظاهرات التي جرت متابعتها من كثب، فيما تسببت إستراتيجياته الانتخابية بخسارات محرجة عدة للسلطة في استحقاقات محلية.

لكن تبقى شهرته محدودةً خارج المدن الكبرى. وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "ليفادا" المستقل، أيدت نسبة 20% فقط من الروس تحرك نافالني في حين رفضها 50%، أما الباقون فإما لم يسمعوا قط بالمعارض وإما رفضوا الإدلاء بآرائهم.

ويرى خبراء أن عودة نافالني تطرح معضلة أمام الكرملين الذي عليه اتخاذ قرار بشأن سجنه فور رجوعه من ألمانيا أو تركه طليقاً، إذ إن ترك المعارض حرا يعرض الكرملين لخطر الظهور بمظهر الضعف، فيما إدانته بالسجن ستشكل فضيحة جديدة.

التعليقات