تركيا: جدل واسع إثر بيان من 100 ضابط سابق

انتقد مسؤولون أتراك بارزون، الأحد، بيانًا وجّهه أكثر من مئة ضابط متقاعد حذّروا فيه من مغبّة خرق اتفاقية ترعى استخدام القنوات البحرية التركية.

تركيا: جدل واسع إثر بيان من 100 ضابط سابق

إردوغان (أ ب)

انتقد مسؤولون أتراك بارزون، الأحد، بيانًا وجّهه أكثر من مئة ضابط متقاعد حذّروا فيه من مغبّة خرق اتفاقية ترعى استخدام القنوات البحرية التركية.

والشهر الماضي، صادقت تركيا على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في إسطنبول، أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، ما أدى إلى جدل حول اتفاقية "مونترو" الموقعة في العام 1936.

ويعد شق قناة اسطنبول أحد أبرز مشاريع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التي يصفها بأنها "مشاريع جنونية" لإحداث تحوّل على صعيد البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق وأنفاق خلال عهده المستمر منذ 18 عاما.

ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي يعد ممرّا أساسيا للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة.

وحركة عبور المجرى المائي بين أوروبا وآسيا كثيفة وشهدت مؤخرا حوادث كثيرة، لكنّ معارضي المشروع يعتبرون أنه وبمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوّض اتفاقية "مونترو".

وتضمن اتفاقية مونترو حرية عبور السفن المدنية مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب.

كما تنظّم عبور السفن البحرية التابعة لدول غير مطلة على البحر الأسود.

ومن شأن القناة الجديدة أن تتيح عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود، من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود اتفاقية مونترو.

وقال المحلل في "صندوق مارشال الألماني"، أوزغور أونلوهيسارجيكلي، إنّ مسألة تأثير القناة الجديدة على الأنظمة المرعية باتفاقية مونترو تبقى "غير واضحة".

وأضاف أنّ اتفاقية مونترو "تضمن أمن تركيا. وحتى وإن لم تكن القناة الجديدة خاضعة للاتفاقية، على تركيا أن تحترم بنودها أحاديًا".

والمشروع، الذي تقّدر كلفته بـ75 مليار ليرة تركية (9,8 مليار دولار)، يفترض أنّ يعبر غرب البوسفور بمسار طوله 45 كيلومترا.

وقال أونلوهيسارجيكلي إذا خضعت القناة الجديدة لاتفاقية مونترو، لا يمكن لتركيا طلب رسوم من السفن التجارية العابرة لها.

وفي بيانهم، اعتبر 103 أدميرالات متقاعدين أن فتح نقاش حول اتفاقية مونترو "يثير القلق"، واصفين إياها بأنها تشكل "أفضل حماية لمصالح تركيا".

وجاء في البيان "نؤيد الإحجام عن أي خطاب أو تحرك يمكن أن يضع اتفاقية مونترو... موضع جدل".

واستدعى البيان ردا شديد اللهجة من كبار المسؤولين الأتراك، كما فتحت النيابة العامة في أنقرة تحقيقا بشأنه.

وجاء في تغريدة لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين التون، أنه "ليس فقط من وقّعوا بل أيضا من شجّعوهم على ذلك سيمثلون أمام القضاء"، في إشارة إلى فتح النيابة العامة تحقيقا بهذا الشأن.

ومن المنتظر أن يتناول إردوغان المسألة خلال اجتماع عند الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش، غدًا الإثنين، وفق ما أفادت الرئاسة.

واعتبر المتحدث باسم الرئاسة، إبراهيم قالن، أنّ الكتاب المفتوح "يذكّر بزمن الانقلابات"، وجاء في تغريدة له "عليهم أن يدركوا أن أمتنا الموقرة وممثليها لن يقبلوا على الإطلاق بهذه العقلية".

وبين عامي 1960 و1980، نفّذ الجيش التركي الذي يعتبر نفسه ضامنا لدستور البلاد العلماني، ثلاثة انقلابات.

وفي تموز/يوليو 2016 أحبطت حكومة إردوغان محاولة انقلاب اتّهمت أتباع الداعية فتح الله غولن بتنفيذها.

وينظر للكتاب على أنه أبرز تدخل لعسكريين في السياسة منذ المحاولة الانقلابية.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع، في بيان، إن إصدار مثل هذا الكتاب المفتوح "لا يخدم أي غرض سوى تقويض ديموقراطيتنا، والتأثير سلبا على معنويات وحماس أفراد القوات المسلحة التركية وإرضاء أعدائنا".

وأضافت الوزارة "نحن على ثقة تامة من أن القضاء التركي المستقل سيفعل ما يلزم"، وتابعت "مع العلم والإدراك الكامل للمكاسب والخسائر بموجب الاتفاقيات الدولية، لا يمكن استخدام القوات المسلحة التركية لخدمة طموحات وجشع وأهداف شخصية لأفراد ليس لديهم مناصب أو مسؤوليات رسمية".

ويعد رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أحد أبرز معارضي مشروع القناة لأسباب مالية وبيئية.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، فتحت وزارة الداخلية تحقيقا بحقه على خلفية معارضته مشروع القناة.

وركّز التحقيق، الذي تجريه مفتشية الممتلكات في وزارة الداخلية، على ملصقات تحمل عبارة "إما القناة وإما اسطنبول" و"من يحتاج قناة إسطنبول؟".

التعليقات