العلاقات التركية - المصرية: تقارب بطيء لتطبيع العلاقات

يرى محللون أن عودة العلاقات بين تركيا ومصر إلى سابق عهدها مسألة تحتاج بعض الوقت في ظل أجواء عدم الثقة على الرغم من بدء ذوبان جليد التواصل بين البلدين المركزيين في المنطقة بعد عقد من الربيع العربي.

العلاقات التركية - المصرية: تقارب بطيء لتطبيع العلاقات

(أرشيفية- أ ف ب)

يرى محللون أن عودة العلاقات بين تركيا ومصر إلى سابق عهدها مسألة تحتاج بعض الوقت في ظل أجواء عدم الثقة على الرغم من بدء ذوبان جليد التواصل بين البلدين المركزيين في المنطقة بعد عقد من الربيع العربي.

وانعكس هذا التقارب في زيارة يجريها وفد تركي للعاصمة المصرية لأول مرة منذ ما يقرب من عشر سنوات لعقد "مشاورات استكشافية" بين الطرفين لبحث تطبيع العلاقات، حسب بيان مقتضب من وزارة الخارجية المصرية.

ومهدت تركيا لهذه الزيارة قبل شهرين عن طريق إجرائها أول اتصال دبلوماسي مع المصريين منذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في العام 2013، كجزء من خطة أوسع لتحسين علاقاتها مع دول عدة في الشرق الأوسط.

وفي وقت تواجه كل من أنقرة والقاهرة المزيد من الضغط الأميركي في ظل الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن، مدّت العاصمتان أغصان الزيتون إلى جيرانهما.

وتوترت العلاقات بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، منذ قيام الأول، عندما كان قائدا لجيش بلاده عام 2013، بإطاحة مرسي والانقلاب عليه.

وعززت إعادة العلاقات بين مصر وقطر في كانون الثاني/ يناير، بعد أربع سنوات من الحصار الخليجي للدوحة الذي شاركت فيه القاهرة إلى جانب الإمارات والسعودية والبحرين، الجهود المبذولة نحو المزيد من الدبلوماسية الإقليمية.

وقال عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية في الإمارات لوكالة "فرانس برس": "ما أصبح واضحا لمصر.. هو أنه من الصعب على أي قوة إقليمية الفوز عبر ضربة قاضية"، مشيرا إلى أن الأسلم هو الاكتفاء بـ"تسجيل نقاط".

وأضاف "الالتقاء في منتصف الطريق كاف في هذه الحالة.. لكن الوضع متقلّب ويمكن أن يشتعل مرة أخرى".

لكن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لم يبد الحماس نفسه في القاهرة لتقارب البلدين، وقال في تصريحات أمام البرلمان المصري في آذار/ مارس الماضي "الأقوال وحدها لا تكفي لا بدّ أن تكون الأقوال مقرونة بأفعال".

ويرى الباحث المقيم في القاهرة، نائل شما، والذي ألّف كتابا عن السياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيسين المصريين، مبارك ومرسي أن "هناك قدر كبير من عدم الثقة كانت تغذّيها ثمانية أعوام من العداء العلني، لذا تشعر مصر بالتردد".

بعد الربيع العربي، أصبحت أسطنبول ملاذًا لبعض منافذ الإعلام العربية التي تنتقد حكوماتها من الخارج، وخصوصا للمصريين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين التي كان مرسي ينتمي إليها، وحظرتها السلطات المصرية وصنّفتها "إرهابية" منذ نهاية 2013.

في آذار/ مارس، طالب مستشارو أردوغان مضيفي البرامج الحوارية المصريين مثل معتز مطر ومحمد ناصر، المحكوم عليهما غيابيا بواسطة القضاء المصري، بالسجن لمدة عشر سنوات، بتخفيف حدة انتقاداتهم للرئيس المصري.

واضطر هؤلاء لإنهاء برامجهم وتوديع جمهورهم، علما أنهم يحظون بملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.

أما في وسائل الإعلام المصرية الموالية للسيسي فإنه لا يزال يتم وصف هؤلاء الإعلاميين التابعين للإخوان المسلمين بأنهم "خونة" و"إرهابيون".

ويقول أستاذ السياسة العامة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إبراهيم عوض، لـ"فرانس برس" إن "مطالبة تركيا للمعارضة المصرية بوقف حملتها (الإعلامية) ضد الحكومة المصرية هو أمر هام للغاية بالنسبة لمصر".

إلا أنه شكّك في مسألة تسليم بعض الشخصيات مثل مطر وناصر إلى مصر وقال "الوصول إلى ذلك الحد قد يقوض مصداقية النظام التركي وإردوغان بشكل كامل".

وكثيرا ما صرّح إردوغان بدعمه وتضامنه مع رموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وظهر ذلك عن طريق التلويح بيده بعلامة الأربعة أصابع خلال المسيرات الشعبية وسط أنصاره في الأعوام الماضية، كنوع من التحية لمئات من أنصار مرسي الذين قتلوا أثناء قيام السلطات الأمنية المصرية بفض اعتصامهم في القاهرة في آب/ أغسطس 2013.

لكن عوض أشار إلى أنه إذا استمر التطبيع بسلاسة، فإنه على المدى الطويل "يعزز مكانة مصر.. في الشرق الأوسط".

واستعرض مقدم البرامج الحوارية المصري، عمرو أديب، ليل الإثنين، خبر زيارة الوفد التركي إلى مصر.

وطالب أديب المصريين في برنامجه الذي يعرض على قناة "إم بي سي مصر" الفضائية بمتابعة وجود الوفد التركي في البلاد وقال "انظر كيف تتغير الدنيا.. إذا توصلنا إلى تفاهم كان بها".

ويقول عبد الله "سيستفيد الجميع من نزع فتيل التوترات الحادة في المنطقة، بما في ذلك فك الارتباط في المناطق الساخنة وعلى رأسها ليبيا".

وأضاف "الإمارات ليست مجرد داعم لمصر، إنها تشجع على تهدئة أي اشتعال للتوتر".

وكان الصراع قد امتد بين مصر وتركيا إلى ليبيا الغنية بالنفط، والتي انزلقت إلى الفوضى في أعقاب انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي.

لكن منذ اختيار عبد الحميد الدبيبة كرئيس وزراء مؤقت هذا العام في عملية انتخابية برعاية الأمم المتحدة، أبدت القاهرة وأنقرة مزيدا من الانفتاح باتجاه حل النزاع.

ويرى بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية التابع للدولة، أن تعاون القاهرة وأنقرة في ملف ليبيا "سيكون له تأثير غير مباشر وستكون العلاقات أفضل مع السعودية وإسرائيل والإمارات واليونان".

وقال "من السهل جدا في السياسة أن تهاجم دولة في يوم ما وأن تجلس وتحد من خلافاتك معها في اليوم التالي.. هذا ما يحدث الآن".

التعليقات